توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدارس اليابانية

  مصر اليوم -

المدارس اليابانية

بقلم - على الدين هلال

نظم المجلس المصرى للشئون الخارجية فى الشهر الماضى جلسة حوار مع السيد ماساكى نوكى سفير اليابان الجديد فى مصر والذى تسلم مهام عمله فى سبتمبر 2018، استعرض فيها أسس السياسة الخارجية لبلاده ونظرتها الى العالم وللتحولات الكبرى التى تحدث فيه، مشيرا الى اهتمام رئيس الوزراء شينزو آبى بأمور العلاقات الدولية، وانه فى سبيل ذلك قام بزيارة 76 دولة فى كل قارات العالم.

ولم يكن من الممكن ان ينتهى هذا اللقاء دون ان يثير الحاضرون موضوع نظام التعليم فى اليابان، وما الذى سوف تقدمه المدارس اليابانية لتطوير العملية التعليمية فى مصر، وطرح نموذج مختلف عن نماذج المدارس الأخرى كالأمريكية والبريطانية والفرنسية والالمانية واخري. جاء رد السفير سريعا ومتكاملا فقال إن نظام التعليم اليابانى يسعى الى تحقيق هدفين هما: تعظيم قوة التفكير وتنمية الشخصية الانسانية، وذلك فى سياق تحويل القدرات الفردية الى قدرة جماعية أكثر تأثيرا وفعالية. وانه لتحقيق ذلك، تقوم المدارس بتطوير العقل والمشاعر والجسد، ليس من خلال محاضرات او مناقشات نظرية ولكن بإشراك الطلاب فى نظام حياة ومواقف يومية فى المدرسة.

ولأول وهلة، تبدو هذه الأهداف مألوفة ومتكررة فى نظم تعليمية اخري، ولكن الجديد فى هذا المجال ما ذكره السفير بان فلسفة التعليم اليابانى تهدف الى غرس قيم النظام و التحرك صوب اتجاه واحد بين الطلاب، فالهدف لا يقتصر على تنمية القدرات الفردية لكل طالب على حده، ولكن ان يكون ذلك فى اطار عمل جماعي، وان يؤدى تجميع قدرات الافراد والتفاعل بينها الى مزيد من التماسك الاجتماعى والى توليد قدرة جماعية أكبر تفوق حاصل جمع تلك القدرات الفردية وتتجاوزها، وهذا هو سبيل زيادة القوة الوطنية. كيف يفعل اليابانيون ذلك؟ يقولون للطلاب ان اليابان بلد فقير فى موارده الطبيعية، وانه يعتمد اساسا على ثروته البشرية، وان على اليابانيين ان يعملوا عدد ساعات أطول، وان يبذلوا جهدا اكثر، وان يكونوا أكثر جدية ومثابرة وتصميما حتى يحافظوا على مستوى المعيشة والتقدم الذى أحرزه بلدهم. ويتمثل ذلك عمليا فى طول السنة الدراسية، وطول عدد ساعات اليوم المدرسي، وارتفاع مستوى الامتحانات، وتكليف الطلاب بمهام خلال العطلة الصيفية، وطريقة تعيين المدرسين من خلال امتحانات تنافسية بين كل الراغبين فى الانضمام لسلك التعليم.

وضرب السفير عدة أمثلة للوسائل والاساليب التى تطبقها المدارس لتحقيق هذه الأهداف منها الاعتماد على المناقشات الجماعية بين الطلاب للوصول الى إجابات عن الأسئلة المرتبطة بالمقررات الدراسية، او ابتكار الحلول للمشكلات التى يواجهها الفصل والمدرسة. ويهدف ذلك الى تعويد الطلاب منذ الصغر على منهج التفكير والاجتهاد لحل المشاكل، والتعلم المشترك من خلال الحوار والنقاش مع الآخرين. ويكون على طلاب كل فصل مدرسى ان يجتمعوا لتحديد الأهداف التى ينبغى على هذا الفصل تحقيقها فى مجال الدراسة والتحصيل العلمي، او فى مجال العلاقة مع الفصول الاخرى والمدرسة، ويقوم احد الطلاب بإدارة هذه المناقشات لمدة يوم واحد ويحل محله طالب فى اليوم التالي، وهكذا تتاح الفرصة لجميع الطلاب فى ممارسة هذا الدور القيادي. والمغزى هنا، هو تنمية مهارات الطلاب منذ الصغر وتعويدهم على ممارسة الأدوار المختلفة فهو فى احد الايام يقوم بإداره النقاش، وفى يوم آخر يتغير دوره، كما ان هذا التغيير اليومى يتيح لكل منهم فرصة المقارنة بين الطرق المتنوعة لإدارة النقاش والاستفادة منها.

لا يوجد فى المدارس اليابانية فراشون، بل يقوم الطلاب بمهمة تنظيف فصولهم، ومسح الارضيات والممرات بقطع قماش مبللة وتنظيف دورات المياه، ويقوم المدرسون والاداريون والطلاب بأعمال تنظيف شاملة للمدرسة من آن لآخر، فكما يقول المثل اليابانى ان تنظيف الفصول يطهر القلوب وينمى شعور الطلاب بالمسئولية، وترسيخ قيمة التواضع وعدم التعالى على اى عمل بدنى أو يدوى مادام انه فى مصلحة المجتمع. وبنفس الروح، يشارك الطلاب فى تنظيم تقديم الوجبات الغذائية والتى تأتى من الخارج فى شاحنات ، فتقوم مجموعة منهم بتسلم الوجبات ونقلها الى داخل المدرسة، ومجموعة ثانية بإعادة تنظيم قاعات الدراسة لتكون مناسبة لتناول الطعام، ومجموعة ثالثة تقوم بتوزيع الوجبات على الطلاب. وعند الانتهاء من ذلك، يقوم الطلاب بإعادة الامور إلى ما كانت عليه استعدادا للحصة الدراسية التالية.

والحقيقة, أن نظام التعليم اليابانى يستحق الاحترام والتقدير، فهو احد العوامل الرئيسية التى نقلت اليابان من دولة مهزومة تتلقى المساعدات الى قوة صناعية وتكنولوجية من الدرجة الاولي. وأتوقف هنا أمام أمرين. الاول هو فكرة المزاوجة بين الفردية والجماعية فى تربية النشء فبينما تركز بعض الاتجاهات التربوية على الجانب الفردى من شخصية الانسان, فإن التربية اليابانية تضع الفرد فى سياق المجتمع وهى قيمة أثيرة فى التقاليد الكنفوشية والثقافات الآسيوية عموما. ويبدو ذلك مناسبا لظروفنا الاجتماعية والثقافية، فنحن نحتاج الى تنمية الشخصية الفردية دون أن تصل إلى حد الأنانية والتمحور حول الذات من ناحية، وإعطاء الصالح العام وزنه ومكانته دون أن يترتب عليه إهدار لحقوق الأفراد وذواتهم من ناحية اخري.

والثانى هو أن نجاح هذا النظام فى اليابان لا يمكن إرجاعه الى النظام التعليمى وحسب، وإنما أيضًا إلى توافقه مع الثقافة العامة السائدة فى المجتمع وتعبيره عنها, وعلى سبيل المثال فان الثقافة اليابانية تعلى من قيمة احترام التعليم، وتبجل المعلمين، وتشير اللغة اليابانية اليهم بلفظ يحمل اسمى معانى التوقير والتكريم، كما أنها تقدس معانى الطاعة والانضباط والتدرج والعمل المضنى من أجل الجماعة. لذلك فان الطالب اليابانى يجد فى أسرته والحى الذى يسكن فيه والمجتمع عموما تواصلًا وتوافقًا مع القيم التى يتعلمها فى المدرسة. ويترتب على ذلك، انه ليس من المتوقع أن يكون ناتج هذه المدارس فى مصر أو غيرها مماثلا لتلك الموجودة فى اليابان, ويبقى علينا أن نستفيد من الخبرات الايجابية لتلك المدارس إلى أقصى حد.

بل هل يمكن لبقية المدارس أن تستفيد من بعض هذه الممارسات لتطوير العملية التعليمية فيها؟

نقلًا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدارس اليابانية المدارس اليابانية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon