توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس بريطانية فى مجانية التعليم

  مصر اليوم -

دروس بريطانية فى مجانية التعليم

بقلم - وائل جمال

تعليم مجاني متاح للكل "من المهد إلى اللحد"، “From cradle to grave”، ليس فقط في التعليم الأساسي وإنما حتى للكبار الذين يودون التعلم. ألا تبدو هذه الفكرة غريبة على عالمنا اليوم؟ أليست مجانية التعليم هي السبب في تدهوره في مصر على سبيل المثال؟ أليست المدارس والجامعات الخاصة هي الأفضل والأضمن لتوفير مكان في سوق العمل؟ ثم من يتحمل تكلفة أمر كهذا في ظل عجز الموازنة؟ أليس الحل الأفضل هو تشجيع الاستثمار الخاص والابتكار الخاص في التعليم لتحسينه وتطويره من ركود طاله بسبب المجانية والعمومية؟

 

هذا الكتاب الصادر في سبتمبر الماضي في لندن لميليسا بن، تحت عنوان دروس العمر، يعتبر أن بريطانيا أمام مفترق طرق فيما يتعلق بالتعليم، وأن الحل يكمن في تبني المجانية من المهد إلى اللحد. تقول بن، الصحفية المتخصصة في التعليم التي تقود عدداً من الحملات القاعدية غير الحزبية، رغم أنها ابنة البرلماني السياسي العمالي اليساري الشهير توني بن، إن بريطانيا أمام اختيار كبير: الاستمرار في طريق الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقف التعليم الخاص في مواجهة العام، أو أن تستعيد المجانية وتعيد هيكلة نظامها التعليمي.

 تعترف بن بأن البريطانيين صاروا يتعلمون بشكل أفضل عما كانوا عليه قبل ستين أو سبعين عاماً. لكنها تقول أيضاً إن عملية إدخال السوق في التعليم التي بدأتها رئيسة الوزراء المحافظة تاتشر ثم تابعها العمال قد خلقت وضعاً مأزوماً يحول دون تحسينه وتجاوز المشكلات التي يواجهها الآن، وأبرزها تراجعه عالمياً وتفاوت فرصه في سياق تصاعد اللامساواة، ثم دوره في إعادة تكريسها.

 وفقاً لآخر تصنيفات منظمة التنمية والتعاون الدولي عام 2015، يحتل النظام البريطاني المركز العشرين من حيث توفيره للمهارات الأساسية للطلبة، بل إن واحداً من كل خمسة طلاب يغادر العملية التعليمية دون الحصول عليها. في الوقت نفسه، توسعت المدارس الخاصة، وزاد متوسط رسومها إلى عشرين ألف دولار سنوياً، أو 15 ألف جنيه إسترليني وفقاً للكتاب. في الوقت نفسه، تستمتع كبرى المدارس، بتبرعات سخية وأرباح معفاة من الضرائب، أي دعم وتكلفة على الدولة، لتضم أولاد الأغنياء، الذين يستأثرون بفرص التوظيف بعد ذلك. وتضيف ميليسا بن إلى ذلك المشكلات التي أفرزها توجه العملية التعليمية للتدريس من أجل الامتحان، وهو ما يترك آثاراً سلبية على جودة التعليم. كما تلاحظ أيضاً أنه على الرغم من دخول السوق والقطاع الخاص، والذي من المفترض أن يقلل من سلطوية الدولة وتحكمها ويتيح مجالاً للابتكار، خاصة في ظل تراجع إنفاق الدولة وسياسات التقشف، إلا أن سيطرة الدولة وتدخلها زادا بما يحد من مرونة المدرسين وحيوية التعليم وديمقراطيته. بل لم يخلق هذا التدخل في العملية التعليمية اليومية نظاماً واحداً متسقاً.

 

بحسب آخر تقارير مؤشر التنمية البشرية الصادر عن البنك الدولي فإن بريطانيا تحوز تقديراً يصل لـ 13.9 سنة على مقياس الـ 14 سنة دراسية في المتوسط لكن هذا الوضع يتراجع إلى حدود الـ 11 سنة فقط من 14 إذا وُضعت المهارات الأساسية التي يتعلمها الطلاب في الاعتبار. نفس التقرير، يقول إنه في مصر يُتوقع أن يحصل الطالب في سن 18 سنة على 11.1 سنة تعليم، لكن بمعيار المهارات الأساسية لا يحصل في المتوسط سوى على 6.3 بما يعني أن هناك 4.8 سنوات فجوة في المتوسط. وبرغم الفوارق الكبرى إلا أن مصر مازالت تتحرك في الاتجاه الذي توقفت عنده بريطانيا. ويكفي أن نعرف أنه في ظل أن 9% من الطلبة في مصر صاروا في مدارس خاصة، وفي ظل ارتفاع تكاليف التعليم والدروس الخصوصية، فإن إنفاق العشرة في المائة الأغنى في مصر على التعليم صار في المتوسط عشرين ضعف العشرة في المائة الأفقر، وهو ما يكرس اللامساواة والتفاوتات والفقر.

 

وبينما تكثف مصر خطواتها في اتجاه المزيد من السوق، تقول بن إنه صار هناك توافق يتسع في بريطانيا على ضرورة مراجعة هذا. وتصيغ بن خطة متكاملة فلسفتها الأساسية هي المجانية، التي لا تتوقف عند التعليم الجامعي. تقول بن إن مجانية التعليم هامة لثلاثة أسباب: الأول أخلاقي، "فهو رسالة قوية من الأمة لنفسها ولكل مواطن بأن التعليم ليس فقط جزء من قصة تطور الفرد الشخصية لكنه أساس المصلحة العامة والطريقة التي تستثمر بها الأمة في نفسها على المدى البعيد". والثاني سياسي، "حيث إن التعليم المجاني ذو فائدة كبرى للدخول الأقل"، وشرط مشاركتهم الديمقراطية في عالم السياسة. والثالث، عملي يتعلق بأن رسوم التعليم بالضرورة تواصل الارتفاع لدرجة لا يحتملها الناس. "نظرياً، من المفترض أن التعليم مجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية لكن الواقع أكثر تعقيداً". ألا يذكركم هذا بشيء؟

 

لكنه "يُقال لنا إن مجانية التعليم في عصر تفاقم الدين العام وعجز الموازنة أمر مستحيل"، تقول بن إن تمويل هذه الفلسفة ليست أمراً مستحيلاً. ويقدم الكتاب تصوراً لكيفية تمويل تلك التكلفة، مشيراً إلى فرص تضييق التهرب الضريبي أو رفع ضريبة الشركات المنخفضة في بريطانيا أو اقتراحات فرض ضريبة على التعاملات المالية في بورصة لندن. في سنة 1981، كانت حصيلة الضرائب في مصر وبريطانيا متقاربة من الناتج المحلي الإجمالي (24.6% مقابل 24.8 لمصر)، انخفضت في 2014 عندنا لحدود ال 12%، الأقل خلال أكثر من أربعين عاما على الأقل، بينما كانت 24.9 في بريطانيا زادت حاليا ل 25.6. فإذا كان هناك هامش لزيادة الضرائب لتمويل التعليم (بينما ينخفض الإنفاق العام عليه كنسبة من الناتج المحلي سنة بعد سنة وليس العكس في مصر)، فهي موجودة أكثر عندنا، لكن الضرائب المفقودة في مصر هي على الأغنياء، وليست مما يختاره برنامج صندوق النقد، كأرباح البورصة وثروات أغنى الأغنياء وضرائب الشركات.

تشمل خطة ميليسا بن أيضاً تأسيس ما تسميه هيئة الخدمة الوطنية للتعليم NES، على غرار خدمة الصحة الوطنية NHS. تقول بن إن هذه الهيئة أساسية في حماية التعليم كحق، كما نجحت في الحفاظ على ذلك الهيئة الشهيرة في الصحة. كما أنها تطالب أيضاً بإجراءات تتضمن إلغاء الامتحانات. لكن أهم توصياتها هي أنه برغم أن التعليم شأن سياسي بامتياز، يجب إبعاد المناهج عن دورة الحياة الحزبية والسياسية، عبر تشكيل جهاز فوق حزبي يشرف على هذه العملية، والتي يجب أن يدار حولها أوسع نقاش ديمقراطي عام مفتوح، وألا يحتكرها السياسيون أو الحكوميون ويفرضونها من فوق لتحت.

 ميليسا بن، دروس العمر، الحجة من أجل خدمة التعليم الوطنية، لندن، الناشر: فيرسو، سبتمبر 2018، 176 صفحة.

نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس بريطانية فى مجانية التعليم دروس بريطانية فى مجانية التعليم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon