بقلم - مجدى علام
فى ظل انقلاب مناخى عارم أكتب هذه الكلمات وسط أجواء من السحابة السوداء وأدخنة المصانع تتجمع لتصنع مزيداً من الأدخنة السوداء، وتصادف أن طلبتنى معدة برنامج أ. وائل الإبراشى للتعليق على إنشاء محطة إنتاج الكهرباء من الفحم، وإذا بزميلى العزيز م. ماهر عزيز، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، يحاول إقناعى أن الفحم أقل تلوثاً وأنه سوف يستمر استخدامه لمدة ٢٠٠ عام مقبلة، وبصرف النظر عن حجج المهندسين أن كل ما يصممونه هو الأمان بعينه ومنها ما قاله أصحاب السفينة تيتانك بأنها غير قابلة للغرق.
وما قاله أحد المهندسين الإيطاليين بأنه لا لزوم للبحر المتوسط واقترح تجفيفه أو على الأقل تجفيف ٣ مناطق عبور فيه يتم اعتبارها جسوراً برية تربط قارة أوروبا بأفريقيا مع ما تبقى من مياه البحر يصبح ٣ بحيرات مغلقة، هكذا هم المهندسون يتصورون أنهم يستطيعون تطويع الطبيعة لتخدم البشر.
اضطررت لهذا السرد لأشرح مشكلة البيئة مع المهندسين، وهكذا حاول صديقى م. ماهر عزيز أن يسوق وجهة نظر أن الفحم عبارة عن ورد بلدى ذى رائحة نسيم عليل، وأن فقط خبراء البيئة لا يرونه ورداً ويرونه، لعدم وعيهم، فحماً أسود، وحينما رددت عليه أن أسوأ شركة فحم صينية فى العالم هى المكلفة بإنشاء إحدى محطات الفحم فى مصر لم يعلق وقال إن الفحم سيظل لمائتى عام أهم تجارة فى العالم.
ولعله من الصدق مع النفس واحترام رغبة وزير الكهرباء د. محمد شاكر، الذى أعتبره واحداً من أكفأ وزراء الطاقة، فإن خبراء البيئة على استعداد لقبول رأى أن اللجوء للفحم اضطرار وأنه إن كان التنوع فى مصادر الطاقة محبذاً من الجميع، بمن فيهم نحن، فلا يعنى أن يكون الفحم 35% من هذا التنوع مقابل نسب أقل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الهيدرولوجية فإن هذا قلب للحقائق وانقلاب على التطور العلمى وعدم اتعاظ بما حدث فى «بكين» التى أصبحت جزءاً من أهم مراكز التلوث فى العالم.
ومن مساهمات مصادر انبعاثات الطاقة المسببة للتغير المناخى تقرير صدر عن منتجى الكربون وانبعاثاته ويشمل 100 منتج للوقود الأحفورى بما يوازى 1 تريليون طن من الملوثات المسببة للاحتباس الحرارى الذى قلب مناخ العالم، ويشمل شركات كبرى وردت فى التقرير الدولى «للمحاسبة الكربونية»، الذى حدد قاعدة بيانات لهؤلاء الملوثين الكبار وبدأت قاعدة البيانات عام 2013 بواسطة «معهد المحاسبة المناخية» ويشمل حصر انبعاثات الماضى والحاضر والمستقبل وبصفة أساسية أول أكسيد الكربون وغاز الميثان، حيث تضاعفت الانبعاثات خلال 28 عاماً فقط من خلال رصد 25 مصدراً كبيراً لهذه الانبعاثات، وتشمل هذه الشركات شركات الفحم: الشركة الصينية - الروسية - الهندية - والبولندية، وتشكل أعلى مصادر التلوث تليها شركات البترول والغاز بإجمالى عدد 25 شركة.
وأخيراً نحن نتفهم الحاجة للطاقة، ومنها الفحم، لكن على وزير الكهرباء أن يحترم عقولنا ويقول نستخدم الفحم استثناء رغم أنه ملوث ولكنه ليس ورداً.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع