بقلم - فاروق الباز
فى أيام شبابى لم تكن فكرة العمل فى الخارج واردة فى ذهن الشباب، فلقد كان كل من تعلّم بالمدارس أو الجامعات يأمل فى العمل بالوطن. لذلك خرج كل طالب للعلم لبلد ما ثم عاد إلى الوطن ليقوم بدوره.
اختل الوضع أثناء العقود الماضية، حيث ازداد عدد من تتلمذ بالمدارس والجامعات، وتقلصت فرص العمل. إضافة إلى ذلك فَهِم الناس جميعاً أن من يجد عملاً هو من له سند (أى واسطة)، وبدأ الشباب الفكر فى العمل خارج الوطن. ازداد ذلك الشعور بين الذكور لأن الإناث يفضلن العيش بالقرب من عائلاتهن بالوطن.
لذلك، فحتى إصلاح حال التعليم وازدهار الاقتصاد لكى تتواجد فرص العمل بالوطن، علينا أن نهيئ شبابنا للعمل بالخارج. وهناك ثلاثة مقومات تسمح لمن هاجر للعمل بالخارج بالنجاح، وهى:
أولاً: أن يكون متمكناً من لغة البلد الذى يقصده. هذا لا يكفى أن يكون قادراً على الحديث باللغة ولكن يلزم أن يكون ملماً باستخدام الألفاظ الدارجة ومناسبات استخدامها. يلزم ذلك للحديث مع زملاء العمل ورؤسائه وعامة الناس.
ثانياً: أن يكون مستعداً للعمل طوال اليوم من التاسعة صباحاً وحتى الخامسة بعد الظهر دون توقف إلا فى الظهيرة لمدة أقل من ساعة لتناول الغداء.
ثالثاً: عليه أن يثبت بعد وقت زهيد أن عمله أجدى من عمل أى فرد آخر يقوم بنفس العمل أو ما يشابهه. هذا أمر فى غاية الأهمية لأن صاحب العمل لا بد أن يشعر أن الأجنبى يقوم بعمل أصلح من زملائه وإلا فكان من الأحسن أن يعين أبناء بلده بدلاً من أجنبى مهاجر.
لهذه الأسباب لا بد أن يعدّ الشباب أنفسهم إعداداً ملائماً لكى تنجح مسيرتهم بالعمل بعيداً عن الأهل والأصدقاء، فالهجرة دون إعداد تزج بالشباب فى عمل قاسٍ وغير مُجدٍ مثل قيادة التاكسى أو بيع فول وفلافل بالشوارع. مثل هذا العمل لا يؤهل للعيش الكريم والبعد عن الأهل والأصدقاء ودعم اقتصاد البلاد الأخرى بدلاً من دعم الوطن الأم.
وهذا ولعلمى بالوضع الاقتصادى فى الوطن فليس عندى مانع أن يهاجر الشباب لطلب العلم والعمل بالخارج. أذكر ذلك لأنه فى نهاية الأمر فإن التميز فى العمل بالخارج يزيد من مكانة مصر وسمعة أبنائها بشرط أن يرقى هذا العمل. فلكل شاب وشابة الحق فى السعى للعمل فى مكان يؤهل للرقى والتميز، شاملاً ذلك داخل أو خارج الوطن.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع