توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البعد الفلكى لولادة العالم الحديث

  مصر اليوم -

البعد الفلكى لولادة العالم الحديث

بقلم - عمرو الزنط

يحتفل الاتحاد الدولى للفلك بمرور مائة عام على تأسيسه. هل هذا شىء يعنينا فى مصر؟ يعنينا، لأن مصر عضو فيه، بل من بين خمس دول إفريقية وبضع دول عربية فقط نالت شرف العضوية. وهو شرف، لأن فى التمثيل الدولى لدى الاتحاد جمعيات علمية عظيمة وعريقة. مثل الجمعية الملكية للفلك، والأكاديميات القومية الأمريكية، والأكاديمية القومية الفرنسية للعلوم، والأكاديمية الروسية للعلوم، وغيرها من الهيئات العلمية التى كان لها دور تاريخى كبير فى التقدم الإنسانى.

تمثل مصر أكاديمية البحث العلمى من خلال اللجنة الوطنية للعلوم الفلكية. التى أتشرف بعضويتها، والتى تنظم ندوات بمناسبة العيد المئوى للاتحاد الدولى تتضمن محاضرات مفتوحة للجميع، كان أولها يوم الأربعاء الماضى. وأسعدنى فى هذا السياق وجود جمهور من المهتمين، بينهم عدد من طلاب المدارس.

فتاريخنا الطويل فى عضوية الاتحاد يشهد برغبة مصر الحديثة فى المشاركة المعرفية والحضارية، ما يعكس تطلعات طموحة، سادت أوساطنا الفكرية والسياسية حتى وقت ليس بالبعيد.. وفى وقتنا الحالى تساعد المشاركة المصرية على فك العزلة الخانقة التى يعانى منها مجالنا العلمى منذ أكثر من نصف قرن؛ فالاتحاد يهدف دعم التواصل بين العلماء وتبادل المعرفة، فى إطار منفتح لا تجده عادة فى المجالات العلمية التطبيقية، التكنولوجية والعسكرية.

فى نفس الوقت فإن علم الفلك على عكس «الأبراج»، مثلا، رغم أنه يتعلق بأشياء تبدو بعيدة عن حياتنا اليومية مثل طبيعة وحركة الكواكب والنجوم والمجرات وتطور الكون- فهو فى أساس الثورة العلمية، التى ولد من رحمها العالم الحديث.. بكل تداعياتها المعرفية والفكرية التى غيرت من نظرة الإنسان للعالم، ونتائجها التكنولوجية التى أحدثت انقلابات فى أنماط حياته.

وقبل الثورة العلمية، التى دفعها علم الفلك، لم يكن هناك فرق فكرى أو تقنى أو اقتصادى كبير بين أوروبا وبقية العالم. أما خلال القرون التى تلت الثورة فصارت الفروق واضحة وفارقة، وصعد الغرب ليسيطر عالميا.

العلم بالطبع فى أساس ذلك التحول التاريخى، لكن كيف دفع علم الفلك بالذات التطور الإنسانى بهذه الطريقة الفارقة؟

علم الفلك، حتى القرن السادس عشر، كان يتعلق أساسا بدراسة حركة الكواكب (مثل المريخ، المشترى، الزهرة) فى السماء. وكان النموذج المتبع لشرح تلك الحركة يفترض أن الأرض فى مركز الكون وأن الكواكب تدور حولها فى سبع سماوات مجسدة بقشور كروية. ثم جاء «كوبرنيكوس» وألغى القشور واقترح أن الشمس هى التى فى مركز المجموعة الشمسية وليس الأرض.

كان لنقل الإنسان من مركز الكون تداعيات فكرية عميقة. وكذلك كان لاكتشاف جاليليو أن هناك أقمارا تدور حول كوكب المشترى، وأن الأرض ليست مختارة فى استضافة قمر.. وأيضا لاكتشاف «كيبلر» قوانين جديدة لحركة الكواكب، مهدت لقفزة نيوتن الكبرى، مع إثباته إمكانية فهم حركة الكواكب تماما بنفس الطريقة التى يمكن فهم بها حركة الأجسام على الأرض من أول ثمر التفاح الساقط من الشجر وحتى حركة القذائف والصواريخ.. هكذا تم استبدال السماوات السبع وقشورها الكروية بفكرة أن الكون له جانب عقلانى يتماثل مع عقل الإنسان، الذى يمكن من هنا أن يستوعبه.

إمكانية فهم العالم بهذه الطريقة كانت لها تداعيات فكرية عميقة وواسعة النطاق، انصبت حتى على المجال السياسى.. سردها مفكرون مثل فولتير وكانط، تأثروا كثيرا باكتشافات نيوتن، وتلخصت فى وجوب صيانة واحترام استقلالية وكرامة الفرد المتوج بعقلانية قادرة على فك أسرار الكون، وأيضا على الاختيار الحر الذى صار من حقه.. ومع هذه المفاهيم ظهرت فكرة حقوق الإنسان، وتشكل نوع جديد من الإنسان الغربى؛ واثق فى قدراته، ومعتز بآدميته وبمقدرته على الابتكار والتحرك والانطلاق بعيدا عن السلطة التقليدية الخانقة.

من الناحية العملية أدت الاكتشافات العلمية إلى القفزات المتتالية فى التطبيق الاقتصادى والعسكرى؛ قوانين نيوتن مثلا، التى كان هدفها الأول فهم حركة الكواكب، تم استخدامها فى حساب حركة قذائف المدفعية بدقة.. وظل علم الفلك دافعا، فى آن واحد، لطفرات فكرية وفلسفية، تتعلق بمكان الإنسان فى الكون وكيفية تنظيم مجتمعاته، وأخرى تكنولوجية تتعلق بنمط حياته الاقتصادى، وسأحاول سرد بعض هذه الجوانب فى مقالات قادمة.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعد الفلكى لولادة العالم الحديث البعد الفلكى لولادة العالم الحديث



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon