بقلم - توماس جورجيسيان
التحرك المصرى على الساحة الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين، رغم عدم تسليط أضواء الإعلام المصرى والأمريكى عليه كان ملفتا للاهتمام، ومثيرا للنقاش وربما لأول مرة بعد فترة طال أمدها، غاب فيها التواجد والتفاعل المصرى بهذا المستوى الرفيع وبهذه الكثافة عن واشنطن، عاصمة القرار الأمريكى.
التحرك كان وراء الأبواب المغلقة وداخل أروقة الإدارة والكونجرس، وأبرز نتيجة تم الإعلان عنها لهذه الاجتماعات والتشاورات كانت بلا شك قرار إدارة ترامب الخاص برفع الحظر عن ١٩٥ مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، وحظى القرار باهتمام إعلامى وتباينت التعليقات حول أهمية القرار وتوقيته، وحول العلاقة القوية التى تربط بين الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، واختلفت الآراء حول التحديات الأمنية والاقتصادية التى تواجهها مصر فى الوقت الراهن وملف الحريات وحقوق الإنسان بها.
ووجه آخر من التواجد المصرى رفيع المستوى، تمثل فى زيارة اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة لواشنطن، وحرصت الخارجية الأمريكية على الإعلان عن لقاء بين مايك بومبيو وزير الخارجية، واللواء عباس كامل صباح الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٨ ونشرت 3 صور للقاء بحضور السفير المصرى ياسر رضا.
فى اليوم السابق للقاء، كتب جيسون جرينبلات مبعوث ترامب للمفاوضات الدولية عن لقاء تم مع اللواء عباس فى تغريدة له بالإنجليزية، وكتبها صباح اليوم التالى باللغة العربية: «لقد سرّنا، أنا وجارِد كوشنر، أن نلتقى باللواء عباس كامل، مدير جهاز المخابرات المصرى، لقد ناقشنا العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والدور القيادى الهام الذى تلعبه مصر فيما يتعلق بغزة»․
ويقود جاريد كوشنر كبير مستشارى ترامب، وصهره، وجرينبلات معا فريق السلام وهما أصحاب «صفقة القرن». وكان كوشنر حريصا على حضور حفل السفارة المصرية الخاص باليوم القومى المصرى (٢٣ يوليو) لفترة قصيرة جدا وتهنئة السفير وزوجته بهذه المناسبة.
ومن المنتظر أن يزور واشنطن خلال أيام سامح شكرى وزير الخارجية فى إطار التشاورات الأمريكية- المصرية الجارية حاليا فيما يتعلق بملفات عديدة تخص الأزمات القائمة والقضايا الحيوية التى تهم مصر والمنطقة ومصالح أمريكا فيها. وتتطلع مصر وأمريكا إلى حوار استراتيجى بين البلدين لم يتم عقده منذ سنوات لكى يتناول كافة أمور الاهتمام المشترك، ومن المحتمل عقده فى الخريف المقبل.
ما لفت انتباه وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الأمريكية عقب إعلان عن قرار رفع الحظر عن الـ١٩٥ مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، ما نقل عن مسؤول بالخارجية الأمريكية قوله: «إن هذه الخطوة جاءت كاعتراف بالخطوات التى اتخذتها مصر خلال العام الماضى ردا على مخاوف بعينها لدى الولايات المتحدة.. وتظل هناك أمور أخرى تثير القلق، وسوف نستمر فى أن نوضح الحاجة لتحقيق تقدم فى مخاطبة مثل هذه الأمور منها مخاوفنا تجاه قانون الجمعيات غير الحكومية».
بالتأكيد ليس كل ما يقال فى واشنطن وفى الكونجرس أو ما يكتب فى الصحف الأمريكية الكبرى هذه الأيام يعكس تفهما أو قبولا لقرارات ومواقف الادارة المصرية وقيادتها. إلا أنها فى أغلب الأحوال تحمل اهتماما بالشأن المصرى وبدور القاهرة فى تحقيق الأمن ومواجهة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة. خاصة أن تطور الأمور أو تدهورها فى السنوات الأخيرة وأيضا التوافقات والترتيبات الأمنية لمستقبل المنطقة وسيناريوهات القضاء على الأنشطة الإرهابية المتعددة الأوجه والتصدى لفوضى الفراغ الأمنى وانهيار مؤسسات الدولة صارت الهم الأكبر الشاغل والمحرك الرئيسى لصناع الاستراتيجية الأمريكية فى دول المنطقة.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع