توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذكرى الثلاثين من يونيو 2013

  مصر اليوم -

ذكرى الثلاثين من يونيو 2013

بقلم - عبدالعليم محمد

حري بنا، ونحن على مشارف الذكرى الخامسة لثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، أن نتذكر المبادئ والقيم التي استهدفت ترسيخها في الواقع، والمسار الذي تبنته هذه الموجة الثورية، لتحقيق هذه المبادئ والأهداف، وذلك حتى لا تغيب هذه المعاني في زحمة التفاصيل المتعلقة بمستوى المعيشة والغلاء، وتداعيات الإصلاح الاقتصادي، وأن نركز على التوجه الاستراتيجي العام الذي يتجاوز التفاصيل، ويركز على «النموذج الاسترشادي» الحاكم للتفاعلات والتوازنات، ليس فحسب في مصر، بل في الإقليم بصفة عامة.

أول هذه المبادئ التي استرشدت بها ثورة الثلاثين من يونيو، هو بلا شك مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن المعتقد الديني والموقع الطبقي والاجتماعي، أي إعادة الاعتبار «لبوتقة الصهر المصرية» التاريخية، التي تمكنت عبر العصور من خلق نسيج مصري متماسك ومتميز، يحث على العمران وبناء الحضارة، ويحفظ للدولة قيمتها في حياة المصريين، ويعلي الانتماء الوطني على ما دونه من انتماءات أولية وبسيطة، بل وبدائية، كالطائفة والملة والعشيرة والمذهب، وهذا المبدأ يضرب بأعماقه في جذور التاريخ المصري، فلم يعرف المصريون التمذهب والمذهبية على النحو الذي عرفته العديد من البلدان الإسلامية، وتجاورت طبقات التاريخ الفرعوني والقبطي والإسلامي، في إطار وحدة التاريخ المصري بكل تنوعاته وألونه المختلفة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن مبدأ المواطنة يمثل خلاصة العصر والحداثة والانتقال من زمن الانتماءات الدينية والطائفية، إلى زمن الحداثة والدولة الحديثة، التي تستهدف تنظيم هذا المبدأ، وتحديد علاقة الدولة بالمواطنين، وحفظ حقوقهم، في إطار من النظام العام والقانون.

أما المبدأ الثاني الذي استهدفته ثورة الثلاثين من يونيو، والتي رفض فيها الشعب «حكم الإخوان»، وساندته القوات المسلحة، فهو مبدأ الدولة المدنية، وفق الإطار التاريخي الذي تشكلت فيه هذه الدولة في مصر منذ بداياتها الأولى، وهي الدولة التي تحكم وفق القوانين والتشريعات الحديثة، التي تقرها هيئات منتخبة وممثلة للمجتمع، ولكنها في نفس الوقت لا تتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، المتمثلة في حفظ النفس والدين والنسل والعقل والمال، ولا شك أن الإصرار على مبدأ الدولة المدنية الحديثة، ينطوي على رفض نموذج الدولة الدينية، التي تروج له جماعات الإرهاب والجماعات «المتأسلمة»، على ضوء فهم مغرض ومحرّف للنص الديني، بهدف تطويعه لمصالح ومطامع جماعات محدودة، وفرض سيطرتهم على المجتمع، بل ووصايتهم عليه، الدولة الدينية أو بداياتها، كما تجلت في حكم «الإخوان»، هددت النسيج الوطني التاريخي الذي حافظ عليه المصريون عبر الزمن، وتحول المصريون بين عشية وضحاها إلى فرق وطوائف ومذاهب، يستحق بعضها القتل والحرمان من المواطنة، وهو الأمر الذي كان ينبئ باحتمال حرب أهلية، وتخريب الوحدة الوطنية التي حافظ عليها المصريون عبر الزمن.

أما ثالث هذه المبادئ، فيتمثل في عدم اقتناع المصريين «بديمقراطية الإخوان الانتقائية»، أي ذلك النمط من الديمقراطية، الذي يكتفي من الديمقراطية بالمبدأ الانتخابي فقط، بينما تسقط بقية الجوانب المضمنة في التجربة الديمقراطية، ألا وهي حفظ حقوق الأفراد والمواطنين، وحقوق المجتمع المدني، والتنكر لحقوق الأقلية، وتعزيز استبداد الأغلبية، وتأمين هذا الاستبداد بقوانين استثنائية، والحال أن هذا النمط من الديمقراطية، غير ليبرالي، بل هو في حقيقته نوع من "التسلطية" باسم الدين هذه المرة.

رفض دعاة الدولة الدينية، التوافق في كافة المراحل، وأصروا على الاستئثار بكل شيء، بدءاً من الدستور وتعديلاته الأولى، وانتهاءً بوضع دستور رسخ أوضاعهم، وانتقلوا سريعاً من دعوة المشاركة "إلى دعوة المغالبة" والإقصاء، ولم يكن المواطنون في غفلة عما يدبر ظاهراً وباطناً، وعرفوا من هو صاحب الكلمة العليا في إدارة شؤون الدولة، ألا وهو "المرشد العام" للجماعة.

لقد انكشف المستور من مخططات الإخوان وبرنامجهم في الحكم، وسقط القناع عن وجوههم التي تلونت بمختلف الألوان «الديمقراطية» و«التعددية» «وتداول السلطة»، والتي سقطت في أول وآخر اختبار، عندما تيقن المصريون من الربط بين الظاهر والمعلن، والمخفي والباطن، أي بين الأيديولوجيا والممارسة العملية للسياسة، وساندتهم في ذلك القوات المسلحة المصرية، التي تمثل العمود الفقري للدولة المصرية.

باستقرار هذه المبادئ مع ثورة الثلاثين من يونيو، ومواجهة التحديات التي ارتبطت بها، تلك المتعلقة بمواجهة الإرهاب، وتعزيز مكانة الدولة والقانون، والنهوض بالاقتصاد، يمكن القول إن آثار وتداعيات الثلاثين من يونيو، قد تجاوزت حدود الزمان والمكان، بمعني أنها لم يقتصر تأثيرها في مصر فقط، بل امتد هذا التأثير إلى دول أخرى في الإقليم، كما أنها لم ترتبط زمنياً بحقبة معنية، بل امتدت لتمثل توجهاً عاماً لفترات قادمة طويلة، لأنها رسمت الخطوط العريضة لهوية مصر في تركيبها وتعقيدها وطبقاتها المتراكمة، وحددت معالم التطور المستقبلي، الذي يتمثل في الاتصال والتواصل مع العصر، وتجديد الخطاب الديني، وقطع الطريق على الإرهاب والعنف، وإعمال مبادئ التربية المدنية الحديثة، والانتماء الوطني، ورفض العنف، وترسيخ قيم التطور السلمي والديمقراطي، الذي من الواجب تدعيمه باحترام الحقوق وحريات المجتمع المدني، وتعزيز حكم القانون.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى الثلاثين من يونيو 2013 ذكرى الثلاثين من يونيو 2013



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon