بقلم - رشاد عبده
مع إعلان البنك المركزى المصرى بلوغ الاحتياطى النقدى للبلاد من العملات الأجنبية فى نهاية شهر إبريل الماضى أكثر من أربعة وأربعين مليار دولار أمريكى، ظهر على السطح العديد من الاستفسارات والتساؤلات عن جدوى وتأثير هذا الإعلان، وهل يعنى هذا تحسن أوضاع الاقتصاد المصرى وتعافى الجنيه أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكى؟!.
والأهم من ذلك هو: لماذا لم ينعكس هذا التحسن على سعر الصرف، أى على انخفاض قيمة الدولار بالبنوك، وفى ظل تثبيت سعر الدولار الجمركى عند ستة عشر جنيها للشهر الرابع على التوالى وما ترتب على ذلك من خفض تكلفة الاستيراد ومن ثم انخفاض مستويات التضخم والأسعار بالنظر لكوننا دولة تعتمد على استيراد أكثر من 70% من احتياجاتها من السلع الغذائية والأساسية من الخارج بالعملات الأجنبية؟!.
وهنا لابد من توضيح أن البنك المركزى «وليس الحكومة» هو المسؤول عن إدارة شؤون النقد الأجنبى وليس إيجاده وتكوينه، وأن النقد الأجنبى بالبلاد يأتى فى الأساس من أربعة مصادر رئيس��ة تتمثل فى: التصدير، وتحويلات العاملين المصريين الذين يعملون بالخارج، والسياحة التى من المتوقع بدء انتعاشها مع عودة الطيران الروسى إلى مصر والذى يعد مقدمة لعودة السياحة الروسية إلى شواطئنا خاصة فى شرم الشيخ والغردقة، بالإضافة إلى رسوم العبور بقناة السويس.. وبقدر تعاظم هذا الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية فإن الدولة تكون قادرة على تحقيق ما يلى:
أولاً: تلبية احتياجات البلاد من السلع الغذائية والأساسية بسهولة ويسر.
ثانيا: تلبية احتياجات المستوردين، خاصة ما كان منها مرتبطاً بالإنتاج والتنمية.
ثالثاً: ضمان تحويل أرباح المستثمرين الأجانب الذين أقاموا مشروعاتهم واستثماراتهم فى مصر وحققوا أرباحاً من بيع منتجاتهم فى الداخل بالجنيه المصرى، ووفروا للبلاد سلعاً كانت تُستورد من الخارج بالعملات الأجنبية، بما يمثل رسالة طمأنة لهؤلاء المستثمرين الأجانب بأن مصر قادرة على تحويل أرباحهم لبلادهم بما تملك من احتياطيات كبيرة.
وعلى الرغم من زيادة الاحتياطى النقدى للبلاد إلى أكثر من 44 مليار دولار، وهى بلا جدال تعد ميزة كبرى تعكس مدى ثقة المستثمرين الأجانب والمجتمع الدولى فى الاقتصاد المصرى وقدرته على إدارة عملية التنمية، فإن البعض قد يتخوف من زيادة نسبة السندات واجبة السداد للمستثمرين الأجانب والمجتمع الدولى فى الاقتصاد المصرى وقدرته على إدارة عملية التنمية، والبعض قد يتخوف من زيادة نسبة السندات واجبة السداد «باعتبارها نوعاً من القروض»، وكذا ودائع الأشقاء الخليجيين، واللتين يغلُب عليهما طابع السداد متوسط وطويل الأجل.. بما يتوجب على الحكومة الاعتماد أكثر على الذات وعلى تحسين وتهيئة بيئة ومناخ الاستثمار بشكل أفضل لجذب المزيد من الاستثمار والمستثمرين، والعمل على الحد من الروتين والبيروقراطية والفساد واتباع أساليب الحوكمة والإدارة الرشيدة.
إلا أن هذا التخوف ليس فى موضعه بدرجة كبيرة، حيث إن الاقتراض من الخارج فى هذه المرحلة ليس أمراً سيئاً كليةً فى ظل وجود فجوة تمويلية ضخمة من العملات الأجنبية، خاصة إذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية هى أكبر مقترض فى العالم، رغم كونها الاقتصاد الأكبر والأقوى عالمياً.. كما أن السندات التى اقترضتها مصر لن تسدد غدا، وإنما سيتم سدادها ما بين «خمسة» و«ثلاثين» عاماً.
وهو الأمر الذى سيتيح لمتخذ القرار الوقت الكافى للسداد فى ظل اكتفاء البلاد ذاتياً من الغاز فى نهاية هذا العام، وكوننا أحد المصدرين فى العام المقبل، بالإضافة إلى إيرادات مشروعات محور قناة السويس التى من المتوقع أن تدر أكثر من أربعين مليار دولار سنوياً اعتباراً من عام 2022 «بشرط اللجوء لإحدى الشركات العالمية المتخصصة فى فن الترويج لمشروعات القناة، وجذب أفضل الشركات العالمية العملاقة فى مجالات التصنيع والإنتاج» بما يعمل على تحويل المنطقة إلى هونج كونج مطورة، أو نسخة مستحدثة من سنغافورة، وكذا الانتهاء من العديد من المشروعات القومية الكبرى التى سيكون لها العديد من الآثار الإيجابية على الاقتصاد المصرى.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع