توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر فى ذاكرة إيريك رولو!

  مصر اليوم -

مصر فى ذاكرة إيريك رولو

بقلم : خيرى منصور

 اسمان ما إن يرد أى منهما فى أى سياق ذى علاقة بالصحافة حتى يستدعى الآخر على الفور، لأن هناك عوامل موضوعية وأخرى ذاتية، أدت الى اقتران الاسمين فى الذاكرة العربية هما ايريك رولو وألان غريش، فقد نشأ الاثنان فى مصر ، وشملتهما عبقرية التمصير التى تحدثنا عنها فى مقال سابق، وهما يتحدثان العربية بطلاقة ، واللهجة المصرية على نحولا يتيح مجالا للشك بأنهما مصريان، لهذا لم يكن غريبا ان يقدم ألان غريش لكتاب صديقه ويتحدث عن امبراطوريته، فى جريدة لوموند، التى عمل بها ألان غريش زمنا طويلا، وبالتحديد فى لوموند ديبلوماتيك .

يقول غريش باسلوب روائى شائق، تحرك الترام لتوه من هليوبوليس كعادته كل صباح واستوى الشاب فى مقعده ليلحق بمحاضرته بكلية الحقوق فى جامعة فؤاد الاول ولمحت عيناه لصوصا يهشمون واجهة احدالمحال فما كان منه الا ان قفز من مقعده ليجد الجناة يهربون فى سيارة ويستقل سيارة أجرة محاولا اللحاق بهم.

ذلك الشاب هو ايلى رافول الذى اصبح اسمه فيما بعد ايريك رولو وهو مصرى يهودى وليس يهوديا مصريا، رغم الكلفة الباهظة التى يدفعها اى يهودى لا تصطاده الصهيونية بشباكها، ومنذ ذلك الوقت بقى ايريك رولو وفيا لأرض الميلاد ومسقط الرأس ، فكان شاهدا على كل ما مرت به مصر والشرق الاوسط منذ عام 1952 ، والتقى الزعيم الراحل عبد الناصر ، وكتب فى اللوموند عام 1967 وبعد حرب حزيران مقالات أغضبت اسرائيل بحيث سعت بعض الدوائر الصهيونية الى منعه من دخول إسرائيل.

واريك رولو تربى فى بيت يهودى علمانى، وكان ابوه كما يقول فى مذكراته مناوئا لكل صور القومية اليهودية، شأن العديد من المثقفين اليهود الذين عاشوا فى مصر ومن ابرزهم شحاتة هارون الذى اوصى بأن يشمل نعيه فى جريدة الاهرام ثلاث عبارات ذات مغزى انسانى عميق، هى انه سيكون مع الزنوج اذا تعرضوا للاضطهاد ومع اليهود اذا تعرضوا للاضطهاد وسيكون فلسطينيا مع الفلسطينييين اذا شمهلهم الاضطهاد أيضا.

كتب اريك رولو الكثير عن معظم الاحداث التى مرت بالشرق الاوسط وفى مقدمتها الحرب العربية الاسرائيلية وكان فى معظم مقالاته يثير ردود افعال مضادة فى اسرائيل لأنه يغرد خارج السرب ويحاول ان ينجو من حالة الارتهان التى تعرض لها كثير من الصحفيين الأوروبيين ومنهم من كان مهددا بالتصنيف فى خانة اعداء السامية، وهذا ايضا ما فعله آلان غريش الذى اصدر فى بواكير ما سمى الربيع العربى كتابا بالغ الاهمية، تعرض فيه لنقد برنارد هنرى ليفى الذى ضبط ايقاع قلمه وخطواته ايضا على المارشات العسكرية لحلف الناتو ولعب دورا فى الترجمة الميدانية لأطروحة لكونداليزا رايس الملغومة تحت عنوان ملتبس هو الفوضى الخلاقة ، لكنه حين حاول نقل خدماته الى ميدان التحرير فى القاهرة ادرك على الفور انه أصبح مكشوفا، وان القناع الليبرالى سقط عن وجه الفيلسوف المؤدلج حتى النخاع، وكان الفصل الذى كتب عنه الان غريش بعنوان مثير هو برنارد ليفى ليس فيكتور هوجو واستشهد بنصوص كتبها ليفى فى شتى المناسبات، وكانت ملغومة وتفتقر الى النزاهة لأنه منحاز للأيديولوجيا التى حددت بوصلته منذ البدء .

ومن المعروف ان ايريك رولو حاول انصاف العرب وفى المقدمة منهم مصر فى حروبها الدفاعية وادان اسرائيل وكتب مقالا ضد ما يسمى الحرب الاستباقية انسجاما مع استراتيجية اسرائيلية مضللة كان بن جوريون قد اسس لها عندما اطلق على جيش هجومى اسم جيش الدفاع، ففى الفترة الفاصلة بين عامى 1948 و1967 شنت اسرائيل اكثر من مائة وستين هجوما على قرى عربية، وكان آخرها الهجوم الأخير على قرية السموع، يقول رولو انه فى إحدى المناسبات فى اسرائيل سمع من شالوم كوهين المناهض للصهيونية والذى انتخب نائبا فى الكنيست عبارات اثارت عاصفة من الاستنكار ضده منها انه قال باللغة العربية من المضحك ان اليهود الذين يدعون لأنفسهم تاريخا بائدا قبل الفى عام يرفضون الاعتراف بشعب فلسطينى راسخ على ارضه منذ ثلاثة عشر قرنا، لهذا وصفه الراديكاليون من الغلاة فى الاوساط الاسرائيلية بأنه احد المعتوهين المهمشين ، وهذا ايضا ما تعرض له يهود آخرون اعلنوا العصيان على الصهيونية ومنهم المؤرخون الجدد بدءا من نبى موريس وكذلك شلومو رايخ الذى يعيش فى فرنسا، واصدر كتابا بعنوان «يوميات يهودى ساخط» يقول فيه إن اسرائيل ستظل تركض من نصر الى نصر باتجاه هزيمتها !!

وهناك ايضا حادثة يرويها رولو تفضح ــ رغم بساطتهاــ ذهنية محتقنة، ترشح منها فوبيات ذات فحيح عنصرى، هى تغطيته نبأ اغتيال روبرت كينيدى فى اللوموند، فقد كتب ان المتهم باغتيال كيندى هو سرحان بشارة سرحان الفلسطينى اللاجئ فى الأردن مما دفع ابا ايبان وزير خارجية اسرائيل الى الصعود على منصة الكنيست للتنديد بتحيز صحيفة لوموند واتهمها، كما اتهم رولو ايضا بأنها تتمنى زوال دولة اسرائيل لأن سرحان بشارة كما قال ابا ايبان عربى اردنى ولا شيء آخر .

لقد التقى رولو معظم الزعماء العرب بصفته الصحفية، وبقى حتى آخر ايامه يحمل ذكريات يختلط فيها الفرح الطفولى بالشجن عن مصر التى درس فى جامعتها، وأسهمت فى تكوين شخصيته منذ صباه !وهذا ايضا ما يقوله صديقه وزميله فى لوموند آلان غريش لأن عبقرية التمصير التى اشرت اليها لم تتوقف عند تمصير رواد التنوير الذين لاذوا بمصر من عسس العثمنة والتتريك فقط وابرزهم عبد الرحمن الكواكبى صاحب طبائع الاستبداد بل شملت اوروبيين غيروا اسماءهم واقاموا فى مصر حتى الموت.

ولو اتيح لأى عربى ان يلتقى رولو او غريش وهو لا يعرفهما ودار بينه وبينهما حوار عن اى شيء لما شك للحظة واحدة بأنهما مصريان حتى النخاع . والنعى الذى اشترطه شحاتة هارون لنفسه يختصر حياة من كانوا عسيرى الهضم على الصهيونية، لأن مصر كما وصفها الراحل الاب شنودة وطن يقيم فى داخل من ولدوا وعاشوا فيها وليس خارجهم !!.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر فى ذاكرة إيريك رولو مصر فى ذاكرة إيريك رولو



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon