توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة اللغة العربية

  مصر اليوم -

عودة اللغة العربية

بقلم : د. لميس جابر

 لماذا غضب الدكتور شوقى، وزير التربية والتعليم، من كلمة «تعريب التعليم» التى أطلقها البعض؟ ولماذا اعتبرها إهانة؟ بالعكس أنا أرى أنه تعبير جيد جداً عن الحالة المتردية التى وصلت لها «اللغة العربية»، اللغة «الأم» لدى تلاميذ المدارس والجامعات، بل والشباب فوق الأربعين، ومنهم أطباء ومهندسون ومحامون وصيادلة، بل وإعلاميون وصحفيون.. حتى شريط الأخبار فى بعض الفضائيات أصبح مليئاً بالأخطاء الإملائية. المسألة وصلت إلى حد الكارثة التى تهدد لغة الدولة الرسمية، وأصبحت الثقافة السائدة لدى الشعب وأولياء الأمور أن منتهى المراد من رب العباد أن يتعلم أبناؤهم اللغة الإنجليزية، فهى دليل العلام والتميز والباب الملكى لفرص العمل، وأصبح الشباب المتخرج فى مدارس اللغات والمدارس الدولية لا يستطيع تكوين جملة مفيدة باللغة العربية بدون كلمة إنجليزية، وتمادوا حتى أصبحت ظاهرة غريبة، فهم يفتخرون بأنهم «سورى» لا يستطيعون التحدث بالعربية بطلاقة!! وتمادوا فيها من باب المنظرة والاختلاف، وأصبح فى نفس الوقت خريجو المدارس الخاصة والتجريبية لا يجيدون لا اللغة العربية ولا الإنجليزية على حد سواء، والنتيجة المرعبة أنه بعد سنوات سنحصل على شباب متفاوت ومختلف فى مستوى التعليم واللغة لكن الجميع لا يجيد العربية، ولماذا بعد كل هذا الانحدار فى مستوى اللغة لا نقول إننا نحتاج بالفعل إلى تعريب التعليم الذى أصبح «سمك لبن تمر هندى»؟

لقد طغت الألفاظ الغريبة المستحدثة على لسان الشباب، وحتى الكبار، وهى مصطلحات غريبة جداً وغير مفهومة، ولكنها أصبحت منتشرة بشدة، وأصبح التحدث بالعربية مادة للسخرية على مواقع التواصل وحتى فى الدراما والإعلانات.

عندما تقدم أبى، رحمه الله، إلى امتحان البكالوريا فى العشرينات امتُحن فى اللغة العربية «تحريرى وشفهى»، وقال لى إن الممتحنين كانوا اثنين، واحد «أزهرى» معمم، والآخر خريج دار العلوم «مطربش»، وفكرة الامتحان الشفهى أن يُختبر الطالب فى نطق اللغة العربية الصحيح، لذلك أصبح هذا الجيل يجيد الأدب ويؤلف الشعر ويقتنى الكتب فيكتسب فى النهاية ثقافة موسوعية فى كل مجالات المعرفة.

أما أنا وجيلى ممن لحقنا بآخر قطار التعليم الجيد.. فدرسنا فى المرحلة الابتدائية كل المواد باللغة العربية، تعلمنا نكتب ونقرأ فى سن مبكرة.. أنا شخصياً قرأت الصحف فى الثانية الابتدائية لأن مُدرّسة فى المدرسة كانت تدعونا لإحضار أى أجزاء من الصحف وتدعونا لقراءتها، سواء كانت فى السياسة أو الاجتماع أو حتى الوفيات والإعلانات. كنا نطالَب عقب كل رحلة بكتابة موضوع «إنشاء» عن الرحلة، سواء كانت إلى الأهرامات أو القناطر الخيرية أو حديقة الحيوان أو الأسماك أو المتحف المصرى أو الإسلامى أو القبطى.. قرأنا المكتبة الخضراء كلها فى السنة الرابعة الابتدائية، وكنا نستعيرها من مكتبة المدرسة التى لم تكن سوى دولاب كبير فقط ونرجعها فى اليوم التالى.. بدأنا فى شراء مجلات «سمير» و«ميكى» فى السنة الخامسة الابتدائية، كنا نكتب عن المواضيع الوطنية والقومية، خاصة فى حرب 1956 التى عشناها فى ذلك العمر، وانتقلنا إلى المرحلة الإعدادية ونحن نجيد القراءة والكتابة والخط باللغة العربية، وفى العام الأول الإعدادى كان يدرّس لنا «الشيخ طه»، وهو أزهرى معمم، وهو من حبّب لنا الشعر والأوزان، وكان يعلمنا الموسيقى الخفية فى الشعر، وكيف نلقيه، وبدأنا فى نفس العام فى تعلم اللغة الإنجليزية حتى العام الثالث الإعدادى، حيث كان الأستاذ «حسن» هو المسئول عن الإنجليزية فى الشهادة الإعدادية، ولا أنسى كشكول الأستاذ حسن الذى كان يهتم به جداً، ويقول لنا: سوف تذاكرون فى الثانوية العامة من هذا الكشكول، وقد صدق، وكان هذا الكشكول مرجعنا فى الثانوية العامة. بدأنا اللغة الثانية وهى الفرنسية فى المرحلة الثانوية.. أما الأنشطة على أيامنا فكانت كثيرة، الرحلات كل شهر، وكنا نكافأ لو كنا من الخمسة الأوائل برحلة مجانية أو علبة ألوان وكراس رسم، كانت لدينا صالة خاصة بالرسم فى الابتدائية والإعدادية والثانوية، وزاد عليها فى الثانوية غرفة لعمل الفخار ودولاب الفخار والطمى، وأيضاً فرن لحرق التماثيل والفازات، وغيرها من أنشطة التدبير المنزلى والحياة. ورغم أننا كنا فى الثانوية العامة، ولم تكن قد تحولت إلى عام الرعب والفزع والمذاكرة ليلاً ونهاراً، فقد قمنا بعمل مسرحية العام من القصة المقررة علينا باللغة الإنجليزية وهى «كليوباترا»، وقدمنا مسرحية باللغة الإنجليزية، ثم بعد أسابيع قليلة، وكان قد تبقى على امتحان الثانوية العامة شهران فقط، صممنا على الاشتراك فى رحلة الأقصر وأسوان لمدة أسبوع.. كانت الدراسة والمدرسة شيئاً محبباً وبسيطاً بلا عقد ولا اكتئاب ولا هلع لأولياء الأمور، وكان التميز بالنسبة لنا فى مَن رسم لوحة تعلق على حائط الفصل، أو من قال خطبة فى الإذاعة الصباحية، أو من مثلت فى مسرحية أو رقصت فى حفلة نهاية العام. كنا نُحيّى العلم مع «نشيد مصر أمنا»، ثم تبدّل بعد ذلك بنشيد «والله زمان يا سلاحى»، بعد حرب 1956.. تعلمنا أن نهاب المعلم ونحترمه، وكان رضا المدرسة عنا يسعدنا بشدة.. تعلمنا الوطنية والانتماء. وباختصار، تعلمنا بالفعل.

تذكرت كل هذا وأنا أقرأ تفاصيل التعديلات التى أدخلها وزير التربية والتعليم، سواء فى طريقة التعلم أو وسائلها أو تأصيل اللغة العربية فى المرحلة الابتدائية.. فى وسائل الأنشطة والترفيه، وفى تعلم السلوك والخلق، وفى توحيد المستوى التعليمى على مستوى الجمهورية، وفى إعادة الاحترام والقيمة لمدارس الحكومة التى كانت على أيامنا للمتفوقين بينما المدارس الخاصة للضعفاء، ولكن الآية انقلبت، وكان لا بد من إعادة وضعها مرة أخرى، وهذا ما فعله الوزير الذى أدعو له بكل التوفيق.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة اللغة العربية عودة اللغة العربية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon