توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة الجزائر.. وثقافة الجزائر

  مصر اليوم -

ثورة الجزائر وثقافة الجزائر

بقلم : أحمد عبدالمعطى حجازى

 فى الاسبوع الماضى أتيح لى أن أزور الجزائر بعد مضى مايقرب من خمسة وخمسين عاما على زيارتى الأولى لها.

الزيارة الأولى كانت بدعوة من الرئيس أحمد بن بللا لحضور احتفالات الجزائريين بالعيد الأول لاستقلالهم. ولم أكن وحدي. وإنما كنا عددا كبيرا من المثقفين المصريين الذين وقفوا إلى جانب الثورة الجزائرية بأعمالهم وكتاباتهم ـ ومن بينهم لويس عوض، ومحمد عودة، ورجاء النقاش. وقد تلت هذه الزيارة الأولى زيارات أخرى دعيت فيها لحضور بعض المؤتمرات واللقاءات الثقافية. ثم جاءت الزيارة الأخيرة بدعوة تلقيتها من الشاعر عزالدين الميهوبى وزير الثقافة لحضور الحفل الذى أقامته الوزارة فى دار الأوبرا بالجزائر لتكريم الذين تفضل السيد رئيس الجمهورية الجزائرية عبدالعزيز بوتفليقة فمنحهم وأنا من بينهم وسام الاستحقاق الوطنى لما قدموه للثقافة الانسانية وللثورة الجزائرية.

إننى أعبر هنا عن امتنانى واعتزازى بهذا التكريم، وانتقل من الحديث عن المناسبة للحديث عن الثقافة الجزائرية التى آن الأوان لنعرفها فى مصر ونتواصل معها.

>>>

لقد شغلتنا السياسة فى هذا العصر وأبعدتنا عن الثقافة، فلم نعرف إلا القليل عما قدمه الجزائريون بعد استقلالهم، ولم نعرف إلا القليل عما قدموه من قبل. وأول ما يجب أن نعرفه عن الجزائر أن الطريق منها إلى مصر ومن مصر إليها كان مفتوحا منذ بداية التاريخ. ومع أن المصريين كانت لهم ثقافتهم وحضارتهم وحياتهم التى تميزهم فلم تكن هناك حدود تفصلهم عما حولهم من الساميين فى الشرق، والأفارقة فى الجنوب،. والأمازيغ أو البربر فى الغرب. وقد حدث فى القرن العاشر قبل الميلاد أن هؤلاء الأمازيغ الذين كانوا منتشرين فى صحراء مصر الغربية استولوا على عرش مصر وحكموها قرنين متواليين. وقد حملت معى وأنا عائد من الجزائر نسخة من كتاب صدر بالفرنسية لباحثة جزائريـة اسـمها تاكلـيت مبارك سـلاوتى درستـ فيه هـذا الموضـوع وسمته الأمازيغ فى مصر ـ ولعل المركز القومى للترجمة يتولى نقله إلى العربية. ولعله يتواصل مع وزارة الثقافة الجزائرية لتعريفنا بما يجب أن نعرفه عن الثقافة الجزائرية فى العصور التى سبقت الاسلام، يكفى أن نتذكر أن القديس أو غسطين الذى يحتل مكانا رفيعا فى الفكر المسيحى جزائرى ولد فى الأوراس وعاش فى القرنين الميلاديين الرابع والخامس. ومن أشهر مؤلفاته «الاعترافات» التى تذكر بعض الباحثين بكتاب الغزالى «المنقذ من الضلال».

وقد سار التاريخ على هذا المنوال مع الرومان والبيزنطيين. وبعد ذلك مع العرب الذين نشروا دينهم ولغتهم فى البلاد التى فتحوها. وبهذا توحدت هذه البلاد ثقافيا حتى فى العصور التى انقسمت فيها السلطة وتعددت الأسر الحاكمة.

ونحن نعرف أن الفاطميين الذين ظهروا أولا فى بلاد المغرب دخلوا مصر وبنوا القاهرة وجعلوها عاصمة لدولتهم التى امتدت من الجزائر إلى بلاد الشام، ومن صقلية إلى اليمن، وهكذا أصبح ما ينتجه المصريون والمشارقة عامة تراثا مغربيا، وما ينتجه المغاربة والأندلسيون تراثا مشرقيا. حتى جاء العصر الحديث ومعه الاستعمار الغربى الذى فصل المغرب عن المشرق، وحاول أن يفصل المغاربة عامة والجزائريين خاصة عن أنفسهم وذلك حين فرض الفرنسيون لغتهم على الجزائريين وجعلوها وحدها لغة التعليم والادارة والثقافة، وفرضوا وجودهم المادى بواسطة المهاجرين الذين تدفقوا من فرنسا على الجزائر بمئات الآلاف. ووضعوا أيديهم على كل ما فيها من ثروات وخيرات. وبهذا أجبروا الجزائريين على أن يكونوا فرنسيين أو ترجموهم ترجمة كان لابد أن تكون رديئة لأنها كانت مرفوضة من جانب الجزائريين الذين كانوا يشعرون فى زمن الاستعمار بأنهم منفيون فى اللغة الفرنسية. ولأن الجزائر كانت أسيرة فى أيام الاستعمار وكانت منفية عجزت عن أن تتواصل معنا وعجزنا عن أن نتواصل معها إلا من خلال جماعات محدودة أنشأت مدارس خاصة فى بعض المدن كما فعلت جمعية العلماء المسلمين فى قسنطينة، بالاضافة إلى بعض المبادرات التى قام بها أفراد مغامرون رحلوا إلى تونس ومصر كما فعل هوارى بومدين الذى ترك الجزائر ليتلقى علوم اللغة والدين فى الزيتونة والأزهر.

من هنا كان التعريب هدفا أساسيا للجزائر المستقلة. لأن الجزائر لاتسترد حريتها إلا إذا استردت لغتها. فإذا استردت لغتها القومية الناطقة بما تشعر به وتحس استردت نفسها وعادت من غربتها وشعرت بالأمان. وقد لمست هذا فى زيارتى الأخيرة. فالعربية الآن هى اللغة المسموعة المتداولة بينما كانت الفرنسية هى السائدة فى زيارتى الأولي. وفى الجزائر الآن جيل جديد من الشعراء والروائيين والصحفيين الذين يكتبون وينظمون بالعربية الفصحى وأحيانا بالدارجة فى مقدمتهم مفدى زكريا شاعر الثورة، وعزالدين الميهوبي، والروائى طاهر وطار، والروائى واسينى الأعرج. فضلا عن المطربين والمسرحيين والسينمائيين.

وليس معنى هذا أن الجزائريين نسوا الفرنسية أو قطعوا صلتهم بها. لا، فالفرنسية التى كانت منفى فى أيام الاستعمار تحولت إلى فضاء مفتوح ونافذة مضيئة يتواصل من خلالها المثقفون الجزائريون مع الثقافة العقلانية والتفكير المتحرر كما نرى فى أعمال كاتب ياسين. ومحمد ديب، وآسيا جبار، وجمال الدين بن الشيخ، ومحمد أركون وغيرهم من الجزائريين الذين قاوموا الاستعمار الفرنسى باللغة الفرنسية، فى الوقت الذى تحاول فيه جماعات الاسلام السياسى فى الجزائر أن تستخدم العربية فى فرض الاتجاهات المتطرفة وفى إعادة الجزائر إلى ما كانت عليه فى عصور الظلام. وكما حدث لفرج فودة ونجيب محفوظ عندنا حدث للطاهر جاووت الشاعر وعبدالقادر علولة المسرحى فى الجزائر فقد اغتالهما الهمج المتطرفون. لكن الجزائريين الذين انتصروا على المستعمرين انتصروا على الارهابيين، وبقى عليهم وعلينا أن نتخلص من الفكر المتخلف الذى يصنع هؤلاء ويحركهم.

ولست أجد ختاما لهذا الحديث أفضل من العمل المشترك الذى يرمز للقرابة الحميمة التى تربط المصريين بالجزائريين، وهو النشيد الوطنى الجزائرى الذى نظم كلماته الشاعر مفدى زكريا ولحنه الفنان محمد فوزى :

قسما بالنازلات الساحقات

والدماء الزاكيات الدافقات

والبنود اللامعات الخافقات

فى الجبال الشامخات الشاهقات

نحن ثرنا، فحياة أو ممات

وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر

فاشهدوا......... فاشهدوا!

نقلا عن  الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة الجزائر وثقافة الجزائر ثورة الجزائر وثقافة الجزائر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon