توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يقرأ العربي، أم كيف يقرأ ؟

  مصر اليوم -

ماذا يقرأ العربي، أم كيف يقرأ

بقلم - موسى برهومة

 الزائر معارض الكتب العربية، وآخرها معرض أبو ظبي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، يلاحظ إقبالاً على الشراء، يقابله عناوين جديدة بأغلفة أنيقة تتسابق دور النشر العربية على تقديمها للقارئ في مختلف المعارف. وقلما يخرج أحد الزوار خالي الوفاض من هذه التظاهرة السنوية التي يتم تنظيمها بحفاوة ظاهرة.

ويبعث في النفس الزهو والحبور، مشهدُ فئات اجتماعية من مختلف الأعمار يقلّبون الكتب، ويطالعون محتوياتها، أو يقرأون أغلفتها الخلفية، قبل أن يعزموا على شرائها، إلا إذا كان الواحد من هؤلاء يعرف جيداً الكاتب أو الكتاب، أو دار النشر، وما إلى ذلك من محفّزات تجعل اقتناء الكتاب عملية «مضمونة».

ويقدّر خبراء أنّ سوق الكتب في العالم العربي تبلغ بليون دولار، وهو رقم يزيد من التباس الأمر حول مدخلات القراءة ومخرجاتها. فلو افترضنا، على سبيل الجدل، أنّ الرقم المذكور يشير إلى عافية معرفية تستبطن أنّ العرب يقرأون بوفرة، كي لا نقول بغزارة، فإنّ مخرجات هذه القراءة يتعيّن أن تنعكس على السلوك والتفكير والمقاربات في الحياة والسياسة والاجتماع، وتحسين جودة العيش.

ولكنّ الناظر إلى أحوال العرب من الماء إلى الصحراء، لا يلحظ أنّ الكتب التي يبلغ سوقها بليون دولار، قد فعلت فعلها، أو تركت آثارها على العقلية العربية. ومن يزر أية مدينة عربية، ويتجول في شوارعها، ويستقل حافلاتها، أو يذهب للاستجمام على شواطئها وفي منتجعاتها، لا يلحظ، إلا نادراً، عربيّة أو عربياً يشغل وقته «الثمين» بقراءة كتاب، أو تصفّح مجلة، في أقل تقدير. السواد الأعظم منهم، مشغولون، إن كانوا مشغولين، في العبث بأجهزتهم الخليوية، أو في مشاهدة فيديوهات، أو الاستماع إلى الأغاني. وإن رغبوا في القراءة، فإنهم يلجأون إلى المواقع الخفيفة التي لم يُعرف عنها أي تميّز أو مصداقية أو خبرة في صناعة الأخبار الموثوق فيها وتداولها.

وهذا ينطبق على الكبار والصغار على حد سواء وعلى الإناث والذكور الذين تتوفر في حوزتهم خيارات كثيرة تشغلهم عن تقليب صفحات كتاب قد تستغرق قراءته يومين أو ثلاثة. فهؤلاء لا يطيقون صبراً على قراءة صفحة واحدة، فما بالك بكتاب قد يتعدى المائتي صفحة. إنهم أمر مرهق لا تقوى عليه لياقتهم المعرفية التي لم يجرِ إعدادها لتقبّل فعل القراءة كسلوك طبيعي يمكن تأديته بأقل جهد وبأكبر قدر من المتعة.

وقد اعتاد كاتب هذه السطور تكليف طلبته في الجامعة بقراءة كتب وتلخيصها ونقدها، كجزء من استحقاقات المساقات التي يدرّسها في الصحافة الإعلام. وصار معتاداً أو متوقِعاً أن يعترف له طالب، في العشرين من عمره، أنّ الكتاب الذي قرأه كان أولَّ كتاب في حياته!

سيسأل أحدهم، ربما، عن دور المدارس، والأسرة، والمجتمع، ووسائل الإعلام والتربية، وكذلك عن الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وجهات عدة، لا يحتل فعل القراءة أولوية في «أجندتها».

في ضوء ذلك، يمكن النظر إلى البليون دولار، التي تمثل حجم سوق الكتاب في العالم العربي، من عدة زوايا؛ الأولى أنّ العربي يقتني الكتب، ولا يقرأها على النحو الذي تستدعيه عمليات القراءة. والثانية أنّ العربي يقرأ الكتب ولا يفهمها، لأنّ الفهم يستبطن هضم المعارف وإعادة إنتاجها في الممارسة الحياتية، بحيث تكون مشاعلَ نور في عتمة طريق طويل. هذا ما تقتضيه القراءة الواعية التي تنشد التغيير والتنوير، وهذا ما هو مسطور في غالبية الكتب التي تستحق القراءة، إلا إذا كانت الكتب، التي يمثل سوقها البليون دولار، متخصصة في الشعوذة والأبراج وعذاب القبر وفنون الطبخ والتداوي بالأعشاب والرّقى والتعاويذ، أعاذنا الله من شرورها!


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يقرأ العربي، أم كيف يقرأ ماذا يقرأ العربي، أم كيف يقرأ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon