توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جزيرة توتى.. مرحبًا بفيضان النيل

  مصر اليوم -

جزيرة توتى مرحبًا بفيضان النيل

بقلم - عبير ربيع

بين النيل الأزرق والنيل الأبيض تقع جزيرة توتى فى العاصمة السودانية الخرطوم، وعند حوافها يلتقى النيلان ويتشكل مجرى النيل الأساسى الذى يصل إلى مصر. تجذب جزيرة توتى الاهتمام المحلى والعالمى ليس لموقعها المتميز فقط وإنما لقدرة أهالى الجزيرة فى التعامل مع فيضان النيل.

تعرضت الجزيرة لثلاثة فيضانات كبرى فى 1946و 1988و 1998، ومع كل فيضان قام الأهالى بتنظيم أنفسهم ذاتيا وواجهوا «كسر البحر» بأسلوب جماعى دقيق وناجح.
لذلك فى 2015 تم اختيار أهالى الجزيرة للحصول على جائزة الأمم المتحدة كأفضل مجتمع على مستوى العالم قادر على مواجهة الكوارث الطبيعية.

***

«طول الليل واقفين سوارى... ترسوا البحر صددوه»
للفنان السودانى حمد الريح أغنية شهيرة وهى «عجبونى الليلة جو» وفيها يحكى ويمجد شجاعة أهالى الجزيرة فى مواجهة الفيضان.

ينظم الأهالى أنفسهم وقت فيضان النيل فى «تايات» وهى خيمات تتقسم فيها المجموعات، فهناك
مجموعة تقوم بمراقبة منسوب المياه ليلا ونهارا خاصة عند المناطق المنخفضة من الجزيرة، ومجموعة أخرى مسئولة عن توفير الإسعافات الأولية لمن يصابون بلدغات العقارب والحشرات التى تأتى مع الفيضان، ومجموعة تقوم بإغاثة البيوت التى تغمرها المياه وتقوم بنقل ممتلكاتهم، ومجموعة تقوم بتوزيع الأكل، وهناك تاية تقوم بالتنسيق والتواصل بين المجموعات المختلفة.
فعند ارتفاع منسوب النيل، يقوم النساء والأطفال والشباب بملء الأجولة بالرمل ثم يتم نقلها إلى
المناطق المنخفضة التى تنغمر منها المياه و«ترص» الأجولة لـ«تصد» تسرب المياه.
يُحكى أنه فى فيضان 1946 قام الرجال ذوو البنية القوية بالتشابك معا كحائط سد لوقف المياه بأجسادهم حتى يتم إعداد جوالات الرمل. أيضا يُحكى أنه لم يكن هناك رمل وجوالات كافية، فاستخدم الأهالى طوبًا مخصصا للبناء وقاموا بتفريغ الجوالات من الدكاكين.

***

«المركز جاب بالإشارة.. ما شالونا بالبابور»
تبلغ مساحة الجزيرة 500 فدان، وموقعها مواجه للمدن السودانية الكبرى الخرطوم وأم درمان وبحرى، ومع هذا فإن التكافل الأهلى والطرق التقليدية فى صد مياه الفيضان كانت سابقة لتدخل الحكومة. خاصة مع مجموعة المراقبين وهم عادة من كبار رجال القرية الذين يقومون بالإنذار المبكر وبالتالى التدخل السريع.
لهذا يفتخر أهالى الجزيرة بأنهم لم يتركوا الجزيرة وقت الفيضان كما يحدث فى الجزر الأخرى فى السودان التى عادة ما تنقلهم الحكومة بالمراكب «البابور» إلى مكان أعلى، وعند انتهاء الفيضان يعودون مرة أخرى. ولكن أهالى الجزيرة دائما يواجهون المياه ولا يخرجون من الجزيرة.

***

ماما إقبال.. «حبابه النيل»
السيدة إقبال عباس رائدة للعمل الأهلى فى جزيرة توتى التى كانت ضمن الوفد الشعبى الذى تسلم جائزة الأمم المتحدة فى 2015.
يقع منزلها فى وسط الجزيرة بعيدا عن مياه الفيضان المباشرة، لذلك فى منزلها لجأت الأسر الأخرى وفيه تم إعداد الوجبات لتوزيعها فى الجزيرة. ترى السيدة إقبال أن الفيضان سبب فى الحفاظ على حالة التواصل والتكاتف داخل الجزيرة فهو مرحب به وليس مصدر خطر لأنه يقوى علاقات التكافل والتآزر بين الأهالى.
تلقت السيدة إقبال تعليمها الجامعى فى كلية الخدمة الاجتماعية بالقاهرة، وتقوم بالتنسيق والدفع بتنفيذ مشروعات بالجزيرة مثل تنظيم جمع القمامة وإعادة تدويرها، محاربة ختان الإناث والعنف ضد المرأة، كما حولت جزءا من منزلها إلى مقر جمعية أصدقاء الأسرة والطفل.

***

الإنشاءات وخطر نحر تربة الجزيرة
فى العقدين الأخيرين لم تتعرض الجزيرة لفيضان غامر كما اعتادوا، وقد يرجع ذلك للتغيرات المناخية. وإذا كان أهالى الجزيرة تراكمت لديهم خبرة فى مواجهة فيضان النيل، فإنهم حاليا يواجهون خطر آثار التوسعات الإنشائية مثل عمليات توسعة شارع النيل وهو الشارع الرئيسى فى الخرطوم، وكذلك ازدياد المبانى الاستثمارية العالية التى تتطلب وضع أساسات خرسانية قوية، هذه العمليات الإنشائية تؤثر على طبيعة جريان النيل وتدفقه، فأصبح ينحر فى التربة ويؤدى إلى تناقص أطراف الجزيرة. فيشتكى أحد المزارعين فى الجزيرة أنه فى الصباح يقطف الليمون من مزرعته وفى الصباح التالى لا يجد الشجرة التى نحرت تربتها وسقطت فى النيل!
فهذه التحولات الحضرية والاستثمارية الكبرى لا تؤثر فقط على الوضع الاقتصادى فى الجزيرة، ولكن تشجع على هجرة من وإلى الجزيرة وبالتالى تلاشى الخبرة المتراكمة من التكاتف الأهلى وضعف القدرة على التنظيم الذاتى السريع إذا «البحر كسر» الجزيرة مرة أخرى.

*زيارة الجزيرة لم تكن ممتعة لولا دور الصديقة حواء التيجانى، وضيافة وحكى السيدة إقبال والسيد خالد، والشابة يقين من الناشطين فى العمل الأهلى بالجزيرة.
مدرس مساعد بقسم العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة


نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزيرة توتى مرحبًا بفيضان النيل جزيرة توتى مرحبًا بفيضان النيل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon