بقلم - وفاء نبيل
شابين أثارا الرأى العام بشدة فى الأيام القليلة الماضية، مع إختلاف التناول الإعلامى لكليهما، الأول دكتور مهندس فلسطينى من جباليا بشمال قطاع غزة، تفوق منذ صغره حتى أصبح أستاذا فى الهندسة الكهربائية، لكنه لم يعمل فى بلده، بل عمل أستاذا للطاقة الكهربائية، بجامعتى كوالالمبور، وماليزيا، كما نشر العديد من أبحاثه، بمجلات علمية عالمية.
لم يستطع الشهيد أن يخدم وطنه لظروف الإحتلال بالطبع، رغم أنه قد رفع إسم وطنه وعائلته فى كل المحافل الدولية التى شارك فيها، ليعلم الجميع أن فلسطين بها نوابغ قادرة على الظهور والمشاركة رغم أقدارها الصعبة، والتى كتب عليها، ألا تتفتح أزهارها، إلا خارج نطاقها..
محمد صلاح شاب مصرى موهوب من مواليد محافظة الغربية، عاش ظروفا مادية بسيطة، لم يستكمل تعليمه الجامعى، لكنه إستطاع أن يحقق حلمه فى لعبة يحبها، ورغم موهبته، إلا أنه لم يستطع تحقيق هذه الشهرة الواسعة، فى بلده مصر، ولا أحتفى به العالم كما هو عليه الآن، لأن إحتلالا من نوع آخر تعانى منه بلاده، هو إحتلال التفكير والتخطيط وأخذ القرار بشكل فردى، وحب الذات و تدمير مواهب الآخرين.
والشابان نموذج لجيل مسلم، يقدم الإسلام للغرب على حقيقته، خلافا لما يقدمه الإعلام الغربى، عن أن كل من هو مسلم، فهو بالتأكيد إرهابى، فها هو عالم فى الطاقة يحفظ كتاب الله، ويلقى ربه على يد مسلحين، وهو ذاهب لصلاة الفجر مسالما، وطبعا لم تهتز المشاعر العالمية لمقتله البشع، كما قد تهتز لأبسط الحوادث فى بلدانهم المتقدمة.
والآخر لاعب كرة، حافظ أيضا لكتاب الله، بل يحمله أينما ذهب، يسجد لله شكرا بعد كل نجاح يحرزه، فيقلده الأطفال والكبار، ويقرأون عن هذا الدين العظيم الذى أخرج هذا الإنسان المحبوب.
من يحاربون الدين أولا هم من داخل المجتمع الإسلامى، وليس من خارجه، نسوا أن الدين قوى متين، له قوة جذب خاصة لأصحاب العقول المستنيرة، التى تفكر بعمق، فكلما حورب الدين، إشتد إنتشاره، بل أحيانا تكون الحرب عليه مجرد خدمة تقدمها له الأقدار، على يد بعضهم.
فالتاريخ يذكر لنا كيف أسلم خالد بن الوليد، بعد أن أذاق المسلمين الويل، فى غزوة "أحد"، فقد كان كارها لهذا الدين، ولكل من يدخل فيه، لكنه إستخدم عقله، وتوقف مع نفسه يناقشها بالمنطق، ولم يمنعه تعصبه، لأن يعترف لنفسه، وللآخرين بأنه أخطأ، ثم فى نفس الصباح، وهو متوجها إلى المدينة، ليسلم على يد رسول الله، قابل عمرو بن العاص، فسأله عمرو أيضا الذى كان مشغولا بنفس الأمر، فعاجله خالد بن الوليد بجملته البسيطة القاطعة:
" يا عمرو، إن الرجل لنبى، فحتى متى؟"
فأسلم الرجلين بنفس الوقت، وكانا من أبطال الفتوحات الإسلامية.
وكذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الذى ذهب ليعنف أخته وزوجها على دخولهما فى الدين الجديد، فخرج من بيتهما، وقد أضاء قلبه، وكانت الفتوحات العظيمة للدولة الإسلامية، فى عهده.
الغريب أن لدينا من يترك كل مشكلاتنا، ثم يسخر قلمه لتشويه أى نجاح يحققه الجيل الجديد، لأسباب مرضية.
فهلا تركتم شعر محمد صلاح الذى أحبه الإنجليز، وعن قريب سيصبح موضة لرؤس شبابهم، وتركتم حجاب زوجته المحترمة، والذى أحترمه الإنجليز أيضا، ولم يعلقوا عليه، ووجهتم أقلامكم لمشكلات مجتمعنا الحقيقية، والمصيرية، أم أنكم لا تعقلون؟
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع