توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر

  مصر اليوم -

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر

بقلم - محمد أبو الغار

يمثل البيزنس العائلى فى مصر أكثر من 80% من القطاع الخاص، وهناك خطورة من ضياع هذا البيزنس فى ظرف جيل واحد، وهو ركن أساسى من الاقتصاد المصرى ويوظف عمالة هائلة. الموضوع له علاقة بالتعليم والتربية لفئة محدودة من المصريين وهم الذين يعتبرون من الطبقة العليا اقتصادياً فى المجتمع. إذا عدنا إلى الوراء قبل عام 1952 كانت الطبقة العليا من المصريين يحرصون على تعليم أولادهم فى المدارس والجامعات المصرية ويمكن أن يرسلوهم للخارج لعمل دراسات عليا بعد أن يكونوا قد تمرسوا بالحياة فى مصر وعاشروا زملاء لهم من كافة الطبقات والأفكار ويكون الشاب قد عرف كيف يتصرف مع زملائه وأصدقائه والسايس والبواب والبقال وغيرهم، وأصبح يفهم اللغة الدارجة ويفهم أنواع الشتائم وأنواع المديح والنكت. هذا الشاب الذى قد يحصل على الدكتوراه من كمبردج أو هارفارد حين يعود إلى مصر لن يكون خواجة فى الوطن وإنما هو مصرى حتى النخاع، ولكنه استطاع أن يجيد لغة أجنبية بلكنة سليمة وأصبح يستطيع التفاهم والتحادث مع الأجانب، بحيث يكون على نفس المستوى العقلى والفهمى واستطاع أن يحصل على علم حديث متقدم. هذا هو الجيل الثانى الذى استطاع أن ينقل بيزنس العائلة نقلة للأمام تتمشى مع الحداثة والتكنولوجيا فكبرت الأعمال وتوسعت. ولكن فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك بدأت ظاهرة إرسال الجيل الثالث من أولاد كبار رجال الأعمال إلى مدارس أجنبية باهظة التكاليف. هذه المدارس تعلم لغة أجنبية أو أكثر ويدخلون فى النهاية امتحاناً أمريكياً أو أوروبياً يؤهلهم للتعلم فى الجامعات فى الخارج.

فى فترة التكوين فى مصر يعيش الشاب أو الشابة داخل قوقعة صغيرة مغلقة من شباب فى نفس الطبقة معزولين عن المجتمع لم يذهب أحدهم إلى حارة أو حى شعبى ولم يتكلم مع سائق توك توك ولا بقال ولا مكوجى. لم يقرأ فى حياته صحيفة مصرية، قراءته على النت لبعض الصحف العالمية إن كان مهتماً. خروجه داخل مصر منحصر فى نادى يقابل فيه فقط من يماثله، يتكلمون مع بعض بلغة هجين معظمها إنجليزية ومعظمهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخ مصر وتطورها وليس عندهم اهتمام بمعرفة ذلك. وهم لا يتمتعون أو يسعدون بسماع الموسيقى والغناء المصرى وليس لهم معرفة بالسينما والمسرح المصرى أو حتى شعر العامية المصرى، فلهم أغانيهم وممثلوهم الأجانب ولهم سهراتهم الخاصة فى الساحل الشمالى. وفى نفس الوقت هم ليسوا من هواة الموسيقى الراقية أو الفن التشكيلى الغربى العظيم أو الأفلام العالمية الهائلة.

شاركت الأسرة والمدرسة والمجتمع المغلق فى هذا النوع من التربية والتى تجعل هذا الشاب خارج هذا المجتمع وغير قادر على التأقلم على الحياة خارجه. يخرج الشاب إلى أوروبا أو أمريكا للجامعة حيث الدراسة الحديثة والعلم المتقدم ويعود فى الإجازات الصيفية لنفس حياته داخل القوقعة الصغيرة، بعد أن يتخرج الشاب ويعود إلى مصر تكون الأسرة سعيدة بهذا الابن خريج كبرى الجامعات العالمية. يعود الشاب ليتولى إدارة العمل الخاص فى الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو ما يشابهها وهى قد تكونت ثروتها داخل مصر أساساً من السوق المصرية. وتعتقد الأسرة أن الجيل الثالث سوف يقوم بتحديث وتطوير العمل الذى بدأه الجد أو الأب فتحدث المفاجأة الكبرى غير المتوقعة بأن هذا الشاب غير قادر على إدارة العمل بسبب جهله وعدم تعوده على التعامل مع المصريين داخل وخارج شركات عائلته، ويريد أن يدير الشركة وكأنه فى أمريكا متناسياً أن هذا مستحيل فى مصر. وعلى الجانب الآخر فإن الشاب يعلن صراحة لأهله وللمجتمع أن بلدهم متخلف وأنه لا يمكنه العيش فى هذه الفوضى المرورية ولا التلوث البيئى ولا التعامل مع هؤلاء البشر وحكومتهم التعيسة التى تغير القوانين والنظم بدون حساب. وتصبح محاولات الأسرة فى استمرار الابن فى دائرة أعمالها من المستحيل، وفى النهاية يغادر الشاب إلى حيث كان إلى البيئة والمجتمع الذى ينتمى إليه والذى تربى على أفكاره. انتماؤه الوطنى يكون محدوداً وأصبح مؤمناً بانتمائه العالمى.

وتحزن الأسرة على مستقبل شركاتها وأعمالها والمجهود الذى بذله عدة أجيال، وينتهى الأمر بعد سنوات بتصفية أو بيع الشركات وتحويل الأموال إلى حيث يعيش الأولاد فى البيزنس خارج مصر وتعيش الأسرة مشتتة بين مصر والخارج حتى يأتى وقت تنقطع صلتها بالوطن وتصبح العائلة تاريخاً فى مصر. هذه رسالة لكل أصحاب الأعمال فى مصر بكافة أنواعها: من فضلكم احذروا لأنكم سوف تخسرون تاريخ عائلتكم وسوف تخسرون مصر.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon