توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى

  مصر اليوم -

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى

بقلم - نبيل عبد الفتاح

شهدت مصر والمنطقة العربية موجات تلو أخرى من العمليات الإرهابية طيلة أكثر من أربعة عقود مضت، وأشكالا مختلفة من التطرف والتطرف العنيف من قبل بعض الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، وذلك فى مسعى سياسى هدف ولا يزال إلى توظيف بعض التأويلات الدينية الوضعية المتشددة، من أجل تسويغ وتبرير أشكال مختلفة من التطرف والعنف المادى واللفظى والرمزى تجاه شرعية الدولة الوطنية، وإزاء بعض الهندسات القانونية والاجتماعية الحديثة، وفى مواجهة مدارس الفكر والعمل السياسى المدنية.

ركزت غالب هذه الجماعات العنيفة على التشكيك فى شرعية المؤسسات السياسية، والقانونية والقضائية، وعملت على تديين المجال العام من خلال نظام الزى للمرأة، ولغة الخطاب اليومي، ورفض الفكر الحداثي، وبث الأفكار التكفيرية، وتحويلها إلى أداة وسلاح إزاء المخالفين لها فى الرأى أو المشروع السياسي.

وعملت على التمدد فى وسط أجهزة الدولة فى المنطقة العربية، وفى مجال التربية والتعليم لنشر أفكارها المتطرفة، والعنيفة. على نحو أدى إلى تمدد أشكال التطرف والتطرف العنيف فى المجتمع.

مع كل عملية إرهابية ترتفع أصوات النخب السياسية الحاكمة وفى المعارضة وبين المثقفين، بضرورة مواجهة الفكر والتأويلات المتشددة التى تحث على التطرف وتحبذه، وذلك من خلال إصلاح الفكر الديني، أو تجديد الخطاب الديني، والمؤسسات الدينية الرسمية. ظل هذا المطلب معلقًا أكثر من أربعة عقود، فى انتظار رؤية إصلاحية تقود إلى حزمة من سياسات مواجهة الفكر والسلوك المتطرف، وهو أمر لم يتبلور على نحو متكامل فى عديد البلدان العربية، وذلك لغياب دراسات بحثية وميدانية حول هذه المنظومات من الأفكار ومرجعياتها وإستراتيجياتها التأويلية ومنظومة الفتاوى التى تبرر التطرف والعنف والإرهاب. لاشك أن ذلك يعود إلى القيود المفروضة على حرية البحث الاجتماعى والسياسى الميداني، وإلى الفجوة بين المؤسسات البحثية وبين صناعة السياسات العامة، والقرار السياسي، واعتماد النخب السياسية الحاكمة فى المنطقة على الأجهزة الأمنية فى مواجهة الإرهاب والتطرف والتطرف العنيف.

الخطابات الدينية والمقاربات البحثية حول التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، اتسمت فى الغالب بالعمومية والغموض والخلط فى المفاهيم على نحو نظري، ومن ثم تم استدعاء عديد المقولات والأسباب المؤدية للتطرف من التراث الدينى الفقهى والافتائي، أو من الأدبيات النظرية فى علم النفس، أو السوسيولوجيا الدينية.

لا شك أن هذا النمط من الخطابات أعاد إنتاج مقولات عامة تفسر كل أشكال التطرف والإرهاب، ولا تفسر شيئاً، وذلك لعدم اعتمادها على استراتيجيات بحثية تضبط المفاهيم فى ضوء وضعيات محددة لأنماط التطرف والإرهاب.

غالب المقاربة النظرية السائدة اتسمت بالسيولة المفاهيمية، وعمومية المقاربة، ولم تتطرق إلى دراسة الحالات الأميريقية لبعض ظواهر التطرف الدينى المحض، أو التطرف الدينى ذى الأسباب السياسية والاجتماعية والايديولوجية، وأشكال التطرف المادى أو اللغوى ذى السند الدينى إزاء الآخر الدينى المغاير، وذلك فى ضوء دراسات الأميريقية حول بعض الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، أو بعض منظريها، أو فى إطار بعض القضايا التى مورس فيها العنف أو الإرهاب.

من ثم تبدو نادرة الدراسات أو الملاحظات الحقلية حول بعض ممارسى النمط التطرفى العنيف أو السلوك الإرهابي، من خلال أداة المقابلة، أو من خلال تحليل ملفات القضايا الخاصة ببعض قضايا العنف والإرهاب.

من هنا تبدو شحيحة فى الأدبيات السائدة حول التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، دراسات حول تحليل لأنماط الخطابات الدينية المتطرفة السائدة فى إطار كل جماعة إسلامية سياسية راديكالية، أو درس للمرجعيات الفقهية والافتائية التى تستند إليها، ومسوغات استعاراتها من الموروث الفقهى التاريخى دون غيرها.

لا توجد أيضاً دراسات حول الأسواق الدينية وفق المصطلح السائد فى علم الاجتماع الفرنسي- والوطنية، والإقليمية والعولمية، والفاعلين الأساسيين فى إطارها، والصراعات والمنافسات فيما بين بعضهم بعضاً، والمشتركات المرجعية فيما بينهم، وأثر الانتماء المحلى على خطابهم الدعوى أو الافتائي، أو التناقضات التى تسيطر على خطاب بعضهم، أو الخلافات، والصراعات الضارية فى إطار حرب الفتاوى الإقليمية أو الداخلية- طيلة العقود الماضية.

ثمة بعض البدايات البحثية الأولية تتمثل فى صدور بعض التقارير حول الحالة الدينية فى مصر، ثم استعيرت التجربة من بعض الباحثين فى المغرب، وتونس أخيرا، وهى أعمال بحثية أولية تقدم أرضية للتخطيط لعديد من البحوث المتخصصة فى مجال دراسات الخطاب، والتنظيم، والفاعلين وإستراتيجيات العمل، أو الدرس الأكاديمى للسياسات .الدينية الرسمية، والمؤسسات ,من ناحية أخري، تبدو نادرة الدراسات حول السياسات الدينية الرسمية للأنظمة والنخب السياسية الحاكمة، ودور المؤسسات الدينية الرسمية أو الأهلية فى إطارها.

من ثم يشكل هذا الغياب البحثى أحد أهم العوائق إزاء أى محاولات بحثية لدراسة كيفية تجديد أو إصلاح الخطاب الديني، أو مواجهة مصادر إنتاج التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، أو دراسة نظم الإفتاء ومرجعياتها والأحرى استراتيجيات الإفتاء.

من هنا تثور عديد الأسئلة حول مفهوم إصلاح الخطاب الدينى المتطرف، والإصلاح أو التجديد فى الفكر أو الخطاب الدينى فى إطار أى نمط تأويلى وتفسيري! وفى ظل أى سياسة دينية مرغوبة؟

نقلا عن الاهرام القاهريه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon