توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن الانتماء الوطنى

  مصر اليوم -

البحث عن الانتماء الوطنى

بقلم - نبيل عبد الفتاح

 عديد من الظواهر والسلوكيات الاجتماعية السلبية، تبدو فى بعض الأحيان مثيرة للغضب، والنقد والقلق طيلة عديد العقود، وفى أحيان أخري، تحولت إلى جزء من مألوف تفاصيل الحياة المصرية، وإحدى علامات الاعتلال فى التكوين الاجتماعي، ومنها ظواهر اللامبالاة بالمصالح العامة ومن مظاهرها: العبث بالممتلكات العامة وعدم الاهتمام بصيانتها أو الحفاظ عليها، سواء فى أجهزة الدولة، أو فى الفضاء العام أو استباحة حرمة المال العام وانتهاكه من خلال ارتكاب جرائم اختلاس الأموال العام، أو الرشوة وغيرها من جرائم الموظفين العموميين. ثمة أنماط من السلوك الاجتماعى السلبي، وعلى رأسها الأنامالية المعبرة عن الاغتراب الاجتماعى الأنوميا ـ والسياسي، وإدارة شرائح اجتماعية ظهرها للنخبة السياسية الحاكمة وللشأن العام. من ناحية أخرى كانت الهجرة إلى إقليم النفط سعيًا وراء الرزق أحد أبرز ملامح السعى نحو الخلاص الفردي، من عسر الحياة أو البطالة، أو أداة للتراكم المالى ورغبة فى الحراك الاجتماعى لأعلى ... إلخ وهى ظاهرة ممتدة منذ حرب أكتوبر 1973 إلى الآن، على الرغم من تناقص فرص العمل المتاحة فى الدول العربية النفطية. الانسداد فى مجال الفرص الاجتماعية المتاحة، دفع بعض الشباب إلى اللهاث وراء الهجرة غير المشروعة، ومخاطر غرق قواربها فى مياه المتوسط المتلاطمة. النكوص عن الاهتمام بالسياسة والشأن العام وذلك بعد عودة الاهتمام بهما فى ظل الانتفاضة الجماهيرية الثورية فى 25 يناير 2011، وفى ظل أحداث 30 يونيو 2013. ظواهر ومؤشرات تشير إلى وهن فى الانتماء الوطني، لا تخطئه العين، وهو أمر لا علاقة له بالشعارات أو الهتافات الوطنية، وإنما إلى بعض العوامل والأسباب البنيوية التى طرأت على المجتمع والإنسان المصرى منذ عديد العقود، ويحتاج إلى اهتمام النخبة الحاكمة، وأجهزة الدولة بهذه الظاهرة الممتدة وتقصى أسبابه. الانتماء الوطنى ليس محضُ شعار، أو مكونا جينيا ينشأ بمجرد ميلاد الإنسان فى جماعة ما، وإنما هو تعبير عن مجموعة من العلاقات المركبة الاجتماعية والسياسية والثقافية والرمزية والتاريخية التى يدخل فيها الإنسان ويتفاعل معها، وتشكل ذاكرته، ومخيلته ومصالحه وآماله، ومشاعره وحواسه حول دول ومجتمع وأمة ما. الانتماء الوطنى لا ينشأ من فراغ، وإنما من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية، ولا من مجرد الانتماء إلى الجماعات الأولية حول الأسرة، أو القبيلة أو العشيرة أو إلى مكان ما، وإنما هو جزء من تطور اجتماعى وسياسى واقتصادى وثقافى ممتد أنتج الوطنية / الأمة فى ظل تطور بناء الدولة الحديثة التى تأسست على تطور الحركات القومية والرأسمالية، ومن ثم فهو مفهوم يتجاوز الولاءات الأولية أيًا كانت، ويعتمد على الجوامع الوطنية المشتركة، أو الموحدات الكبرى التى تتجاوز الانتماء الطبقى والسياسي. من هنا كانت الأمة والقومية والدولة الحديثة نتاج تطور العلاقات والتكوين الرأسمالي، والتحديث، والحداثة السياسية حول المدينة الحديثة. إن ظاهرة وهن الانتماء الوطنى تعود إلى عديد الأسباب ومنها ما يلي:

ـ ظاهرة موت السياسة أدت إلى النكوص عن الشأن العام والاهتمام بالمصالح العامة، والتركيز على المصالح الشخصية، لأن السياسة مجلبة للأضرار. ـ الفرص النادرة فى إمكانات وآليات الحراك الاجتماعى لأعلي، لاسيما للشرائح الاجتماعية الوسطى الوسطي، والوسطى الصغيرة، فى ظل ظواهر البطالة على اختلافها مع سياسة الخصخصة، لاسيما لدى الشباب من خريجى الجامعات على نحو أثر على تكوينهم النفسى والاجتماعي. فى ظل ظواهر توريث المهن والوظائف، وترييف أجهزة الدولة، وفاقم من هذه الشروخ انتشار المحسوبية والفساد لدى بعضهم فى الوظيفة العامة.

ـ بعض التآكل الذى اعترى مفهوم الأمة والوطنية، فى ظل التغير فى السياقات السياسية والاجتماعية والدولية والإقليمية التى صاحبت تكوينها التاريخى وتطوره

.ـ أزمات التكامل الوطني، وتفكك بعض عرى الموحدات القومية، كنتاج لأزمات المواطنة التى تعانيها بعض المكونات الاجتماعية كالأقباط والمرأة.

ـ اتساع الفجوات الجيلية بين كبار السن والشباب من الشرائح الاجتماعية المختلفة، فى التكوين والحساسية والوعى الاجتماعي، والتطلعات والآمال.

ـ أسهمت الجماعات الإسلامية السياسية والراديكالية، فى تفاقم أزمات الانتماء الوطني، من خلال سياسة الهوية الدينية، وتركيزها على مفاهيم الخلافة، والرابطة الدينية فى مفهوم الجامعة الإسلامية وطرحها كنقيض لمفهوم الأمة والوطنية المصرية.

- ضعف الوعى التاريخى كنتاج لسطحية المناهج المقررة حول التاريخ المصرى ومراحله المختلفة فى مراحل التعليم العام. - أزمات التنشئة الاجتماعية والسياسية ومؤسساتها، وهشاشتها وتركيزها على الرؤى السلطوية حول التاريخ المصري، وحول مفهوم الوطنية الأحادى الذى يربط بينها، وبين الحاكم والحكم فى مرحلة تاريخية ما، وليس على التطور التاريخى للقومية المصرية.- النزعات ما بعد الحداثية والعولمية، وآثارهما على الهوية الوطنية الجامعة فى ظل التفكك الاجتماعي، وعمليات التشظى فى المكونات الاجتماعية. لا شك أن هذه الأسباب تتطلب حزمة من السياسات التعليمية والثقافية والاجتماعية مع فتح المجال العام والعودة إلى السياسة ومواجهة الفساد بصرامة، وسياسة للأمل لدمج الشباب فى الحياة العامة، فى ظل تطوير جذرى للسياسة والمناهج التعليمية لاسيما التاريخية المقررة على الطلاب فى جميع مراحل التعليم، وذلك كمداخل لإحياء الانتماء الوطنى وتجديده فى إطاره الإنسانى المنفتح على متغيرات عالمنا.

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن الانتماء الوطنى البحث عن الانتماء الوطنى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon