توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشمول المالي ومدخرات العرب

  مصر اليوم -

الشمول المالي ومدخرات العرب

بقلم : د. محمود محيي الدين

 صدر منذ أيام التحديث الجديد لقاعدة البيانات العالمية للشمول المالي (FINDEX) الذي يشمل 140 اقتصاداً مختلفاً، بما في ذلك اقتصادات الدول العربية. وترصد قاعدة البيانات التطور الحادث في مؤشرات الشمول المالي، بمعنى نسبة الأفراد الحائزين على حسابات مصرفية أو مالية، وكيفية تغير مدخراتهم وقروضهم ومدفوعاتهم وإدارتهم للمخاطر المالية من خلال الأوعية المالية المختلفة.

تُظهر المؤشرات تحسناً في الشمول المالي في الدول العربية، إذ ارتفعت نسبة ذوي الحسابات المصرفية أو المالية من 30% في عام 2014 إلى 37% في عام 2017، وإن كانت أقل بكثير من متوسط الدول النامية، الذي بلغ 63% في عام 2017. وتبلغ نسبة من لديهم حسابات مالية على مستوى العالم اليوم 69%، وتتجاوز نسبتهم 94% في الدول الأعلى دخلاً.

تجد تبايناً كبيراً بين الدول العربية، ففي حين يصل الشمول المالي إلى 76% في دول مجلس التعاون الخليجي لا يتجاوز هذا الرقم 20% في دول مثل موريتانيا والعراق.

ويُعزى الجانب الأكبر من التحسن في الشمول المالي على مستوى العالم، وكذلك في الدول النامية، إلى تطور استخدام التقنية المالية، وكذلك انتشار الهواتف المحمولة. ففي تونس ومصر والأردن والسعودية وصل من قاموا، من أصحاب الحسابات المالية، بإجراء مدفوعات رقمية إلى نحو 80% في عام 2017 ارتفاعاً من 62% في عام 2014 من خلال التوسع في دفع المعاملات ببطاقات مصرفية وائتمانية والهاتف المحمول وشبكة الإنترنت، وتبنِّي الحكومات نُظُم دفع الرواتب والمعاشات ومستحقات الضمان الاجتماعي من خلال تحويلات مصرفية بديلاً عن البنكنوت.

ورغم التحسن في استخدام الهواتف المحمولة في القيام بخدمات مالية، فعالمياً تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليار شخص لديهم هواتف محمولة لكنهم لا يملكون حسابات مالية. وعربياً هناك، على سبيل المثال، 15 مليون مواطن مغربي لديهم هواتف محمولة بلا حسابات مصرفية، وفي مصر يصل هذا العدد إلى 30 مليون مواطن، كما أن هناك مليونين من المغاربة يعملون في القطاع الخاص ويتقاضون أجورهم نقداً، وفي مصر يبلغ هذا العدد 8 ملايين من العاملين.

وترى اختلافاً كبيراً داخل كل دولة بين مواطنيها في تملك الحسابات المالية، توضحه فجوات خمسة: فجوة بين الذكور والإناث، وفجوة بين الأعلى والأقل دخلاً، وفجوة بين سكان الحضر وأهل المناطق الريفية، وفجوة بين أصحاب الأعمار المختلفة، وفجوة بين مستويات التعليم المختلفة.

ففرص المرأة العربية في امتلاك حساب مصرفي تقل عن الرجل بمقدار 22 نقطة مئوية، وهذا أسوأ من الوضع في الدول النامية حيث تبلغ فجوة الفرص 9 نقاط مئوية لصالح الرجل. كما أن هناك فجوة أخرى تتمثل في الدخول، فالأفقر دخلاً في الدول النامية تقل فرصه عن الأعلى دخلاً بمقدار 13 نقطة مئوية في المتوسط في تملك حساب مصرفي. وتُظهر المؤشرات تراجعاً في فرص الشمول المالي بمقدار 13 نقطة مئوية أخرى للشرائح التي تقل أعمارها عن 25 عاماً، مقارنةً بالأكبر عمراً. وهناك فجوة أخرى تتعلق بمستوى التعليم، فملكية حساب مصرفي لمن تحصلوا على تعليم ابتدائي فقط لا تتجاوز 56%، وتصل إلى 76% لذوي التعليم الثانوي، وتتجاوز 92% لأصحاب المؤهلات العالية.

ووفقاً لتبعات هذه الفجوات الخمسة، فإن امرأة عربية، من أهل الريف، منخفضة الدخل، عمرها يقل عن 25 عاماً، لم تتلقَّ قدراً جيداً من التعليم، سيكون احتمال امتلاكها حساباً مالياً ضعيفاً للغاية، ولن تستفيد وصاحباتها تلقائياً من برامج التمويل الرسمي، إلا إذا تبنى القائمون على القطاع المالي وتكنولوجيا المعلومات والهواتف الجوالة سبيلاً آخر تدعمه سياسات التنمية المستدامة الشاملة للكافة، وليس مجرد إجراءات متناثرة للشمول المالي.
فبرامج الشمول المالي عليها أن تكون في إطار أهداف أوسع من الاقتصار على إتاحة حسابات مالية لدفع بعض الالتزامات والمستحقات، مع ما في ذلك من أهمية كبيرة. ففتح حسابات مالية يجب أن يكون مقدمة لأصحابها للاستفادة من خدمات مالية أهم مثل الادخار والائتمان وتيسير الحصول على خدمات مالية أخرى كالتأمين، أو التكافل، والتمويل العقاري والتأجير التمويلي.

فالهدف الأول للتوسع في ملكية الحسابات المصرفية والشمول المالي في الدول العربية يلزم أن يكون في إطار سياسة متكاملة لزيادة الادخار. فقد أظهرت بيانات الشمول المالي أن تمّلك حساب مصرفي لم يكن مقترناً دائماً بزيادة الادخار؛ فالمدخرون، بغض النظر عن حجم ادخارهم، لم تتجاوز نسبتهم 38%. ومن الحسابات القومية نعلم أن الدول العربية، باستثناءات محدودة، لا تدّخر بما يتناسب ودخولها ومتوسط الادخار فيها كنسبة من الدخل القومي تراجعت من 40% في عام 2007 إلى 25% في عام 2016 لتقل بذلك عن الدول النامية منخفضة ومتوسطة الدخل التي بلغت مدخراتها نسبة 30% من الدخل. والذي يدعو للقلق حقاً، هو الانخفاض الحاد لنسبة الادخار لتقل عن 10% في عدة دول عربية، ومن المعروف أنه من دون مدخرات محلية لن يتوفر تمويل مستقر للاستثمار، وبرامج النمو؛ وتضطرب حياة الأفراد إذا ما تعرضت دخولهم لعارض. وقد تلجأ الدولة إلى التوسع في الاستدانة لعجز المدخرات، وقد لا يتيسر لمواطنيها هذا السبيل وإن اضطُّروا إليه.

يستلزم الأمر في هذا الصدد تبني مبادرة في إطار سياسة للادخار سيكون لها تأثير كبير في تغيير السلوك الادخاري. تستفيد هذه المبادرة من شبابية التكوين السكاني العربي، وتزايد أعداد تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات؛ ويدعمها انتشار خدمات الإنترنت؛ والتوسع في النشاط المصرفي والمالي، وتبني استخدام نظام الرقم القومي الموحد في عدة بلدان عربية.

هذه المبادرة، تهدف إلى فتح حساب مالي لكل تلميذ فيسجَّل اسمه تلقائياً في البنوك من خلال فتح حساب مالي إلكتروني يودَع فيه مبلغ رمزي، وتموّل هذه الإيداعات من البنوك بالتعاون من البنوك المركزية باستخدام نسبة محدودة للغاية من الاحتياطي القانوني. ستحدث هذه المبادرة نقلة نوعية مطلوبة في الثقافة المالية والادخارية للتلاميذ وذويهم، وتفتح أمامهم آفاق الخدمات المالية المتنوعة. وستربح البنوك أعداداً كبيرة من مودعين جدد، لن يمسوا هذه المدخرات إلا بالزيادة لمن استطاع، حتى بلوغ السن القانونية. من شأن هذه المبادرة، وفاعلية تطبيقها باستخدام منظومة بيانات متكاملة وتنسيق بين السياسات الاقتصادية، تحقيق شمول مالي له فائدة حقيقية للأفراد والاقتصاد. وفتح حساب ادخاري لكل تلميذ وطالب هو بداية لنهج جديد لزيادة الادخار والتنمية المالية.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشمول المالي ومدخرات العرب الشمول المالي ومدخرات العرب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon