توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المونديال «أفيون» المصريين..!

  مصر اليوم -

المونديال «أفيون» المصريين

بقلم : عبدالعظيم درويش

 الحديث عن كرة القدم «قدس الأقداس» هو فى حقيقته أشبه باقتحام «عش الدبابير» فى أبسط الحالات إن لم يكن أقرب إلى المرور فى حقل ألغام «معصوب العينين»، حيث لا يخرج منه ذلك «المتهور» الذى يدخله إلا أشلاء تتولى «ورثته» تجميعها بصعوبة بالغة، بعد أن يكون قد ناله الكثير من «سهام التعصب والغضب» وبخاصة إذا كان الحديث عن «الساحرة المستديرة» يتناول جانباً سلبياً فيها‏!‏

وإذا كان الفيلسوف الاقتصادى الألمانى «كارل ماركس» عندما كتب المقطع الأشهر «الدين أفيون الشعوب» فى عام 1843 كجزء من مقدمة كتاب انتقد فيه «فلسفة الحق» للفيلسوف «فريدريش هيجل» لم يكن يدرى أنه بعد ما يقرب من 175 عاماً سيصبح «المونديال» أفيون المصريين، يهون كل شىء أمامه حتى ولو كان «دخل الوطن من العملة الصعبة»..!.

وفق اعتقاد «ماركس» فإن للدين بعض الوظائف العملية فى المجتمع تشبه وظيفة «الأفيون» بالنسبة للمريض أو المصاب: فهو يقلل من معاناة الناس المباشرة ويزودهم بأوهام طيبة، ولكنه يقلل أيضاً من طاقتهم واستعدادهم لمواجهة الحياة الجائرة، عديمة القلب والروح التى أجبرتهم الرأسمالية أن يعيشوها، فإن الواقع يؤكد أن ما يحدث فى المجتمع المصرى منذ إعلان وصول فريقنا القومى إلى المونديال بعد 28 عاماً من الغياب منذ المرة الأولى والوحيدة التى شاركنا فيها عام 1990 أن هذا المونديال قد أصبح «أفيون» معظمنا لتغييب عقولنا ولنتخفى وراءه حتى لا نواجه متاعبنا الاقتصادية وبحثاً عن تحقيق انتصار أى انتصار حتى ولو كان بأقدامنا بدلاً من عقولنا.

ورغم متاعبنا خلال محاولاتنا لإصلاح ما أفسدته السنوات الماضية فى اقتصادنا فإن لهفتنا على تحقيق ذلك الانتصار الوقتى «الوصول للمونديال» قد دفعتنا إلى المقامرة والتضحية بجزء غير قليل من الاحتياطى النقدى الأجنبى بالبنك المركزى.. رغم متاعبنا الشديدة فى تجميعه!

منذ شهر أكتوبر الماضى وقت إعلان التحاقنا بـ«قطار المونديال» انطلق «ماراثون» عنيف تنافست فيه معظم الشركات والمؤسسات المالية -إن لم يكن جميعها- على تشجيع المواطن على إهدار ملايين الدولارات.. فالبنوك بدأت حملات دعائية لدعوة المواطن للإفراط فى استخدام كروت الائتمان «Credit Cards».. ودخلت شركات المياه الغازية وغيرها من شركات الإنتاج والاتصالات سوق المنافسة لا لشىء إلا لإيهام المواطن بأنه كلما أسرف فى الإنفاق فإن أمامه فرصة للفوز برحلة إلى روسيا لمشاهدة مباريات المونديال، دون أى اعتبار لتلك الملايين من الدولارات التى سيجرى إهدارها فى هذه الرحلة.

فى سباقها المحموم لدفع المواطنين إلى إهدار مدخراتهم وبالتالى إحراق العملة الصعبة بدأت ما يقرب من 30 شركة سياحة مصرية تنظيم برامج للمشجعين، مقسمة لشرائح سعرية تتراوح فى المتوسط ما بين 38 ألفاً و80 ألفاً لتناسب جميع أطياف المجتمع «وفق وجهة نظر القائمين عليها»، إلى جانب أن هناك بعض البرامج المطروحة تشمل حضور مباراة واحدة فقط..!!

ما حدث أخيراً فيما يتعلق بالمونديال ليس غريباً عما كان يحدث على الساحة الكروية منذ سنوات -ولا يزال- وهو أمر لا يمكن السكوت عنه على الرغم من أنه تكرار لممارسات سابقة وكثيرة غير أن الظروف الاقتصادية التى يمر بها المجتمع حالياً وتنعكس سلباً على المواطن تجعل السكوت عما يحدث حالياً «جريمة» فى حق الوطن والمواطن‏.‏

ففى الوقت الذى ينكمش فيه الجنيه ويتراجع أمام الدولار -الذى أصبح أقرب إلى الشقيق الرابع للغول والعنقاء والخل الوفى- تتسابق أكبر الأندية الرياضية على إحراق مئات الآلاف منه شهرياً من خلال «ماراثون» استقدام مدربين أجانب ولاعبين من الخارج يحددون مرتباتهم الشهرية فى مزاد محموم يستقر على رقم تسبقه على الأقل ثلاثة أو أربعة أصفار بالدولار‏!! وهو ما يقترب من عملية شراء الدرجات العلمية «الدكتوراه» من جامعات خارجية استقرت فى «بير السلم» فى بلاد «الخواجات».. ولم يكن استقدام المدربين الأجانب قضية تتعلق بتعويض «سوء مستوى المدربين المصريين» -لا سمح الله- الذين يمكن أن يكون من بينهم من هو أفضل من المدرب «الخواجة»، ولكنها فى حقيقتها قضية «وجاهة اجتماعية» لتلك الأندية فى سباقها للحصول على درع الدورى أو الكأس محلياً -حتى ولو كان ذلك بأقدام الغير- فى مباريات تكفى أعداد المترددين من جمهور مشجعيها بعدها على عيادات الأطباء للعلاج من «ضغط الدم» بسببها للحكم على مستواها الفنى‏!!.‏

لم تكتف الأندية الرياضية بهذا الإهدار لعملات أجنبية نحن فى أمس الحاجة إليها، بل إن الأمر طال إلى حد إقامة معسكرات للتدريب فى الدول الأوروبية المختلفة، كما تقتضى معايير «السرية والتكتم»، يشارك فيها بالتأكيد أعضاء الفريق الأساسيون والاحتياطيون والإداريون والأطباء والمترجمون وغيرهم من أصحاب الحظ، وإن لم تصل المسألة حتى الآن إلى اصطحاب المشجعين أيضاً، ولا أستبعد حدوث ذلك، كما ولو كانت إقامة مثل هذه المعسكرات محلياً ستتيح فرصة ذهبية لـ«الأعداء» من الفريق الآخر للاطلاع على خطة التدريب‏ وكشف أسرارها!!.‏

كل هذا يحدث فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة جاهدة لتدبير موارد جديدة من العملات الأجنبية اللازمة لتنفيذ خطة التنمية وتوجيهها إلى وجهتها الصحيحة بدلاً من إهدارها من أجل مباراة لكرة القدم حتى ولو كانت ضمن المونديال..!!

وقبل أن يسارع البعض بالقول إن ما تحرقه الأندية من «دولارات» هى مساهمات وتبرعات من رجال الأعمال لأنديتهم وليست من بين موازنة الدولة‏، أقول إن الحرص على دولارات المواطنين قد دفع الدولة ولا يزال إلى مناشدة القادرين عدم السفر للخارج خلال الصيف للسياحة أو حتى أداء فريضة الحج أو العمرة أكثر من مرة توفيراً للعملة الصعبة،‏ وهى أيضاً ليست من أموال موازنة الدولة بالطبع‏، الأمر يستحق وقفة ومراجعة والبحث عن وسيلة أخرى لـ«إحراق البخور» فى قدس الأقداس بدلاً من «إحراق الدولارات» من أجل مباراة حتى ولو كانت فى المونديال الذى أصبح بالفعل «أفيون المصريين».!!

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المونديال «أفيون» المصريين المونديال «أفيون» المصريين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon