بقلم - علا السعدنى
وكأننا أصبحنا على موعد يومي من النكد بسبب إعلانات رمضان وما تفعله بنا من تعكير صفو حياتنا في أثناء متابعتنا للمسلسلات أو التليفزيون عموما، وإذا كنا قد عانينا منها طوال السنوات الماضية قيراطا واحدا، فإننا وبعد أن زادت مدتها في رمضان هذا العام واستفحلت جرعتها بهذا الشكل المفرط أصبحنا نعاني منها "24 قيراطا".
ويا فرحة ما تمت، فيادوب تنفسنا الصعداء عندما قل أخيرا عدد المسلسلات، فاعتقدنا أنه أصبح في الإمكان متابعة جميع المسلسلات أو بعض منها، كما كنا نفعل سابقا، لكن يبدو أن هناك من لا يريد لنا الفرحة أبدا، وكأنهم صعب عليهم أن يتركونا بدون عكننة فجمعوا أمرهم بشتى الطرق للنكد علينا، فتارة قاموا بزيادة الجرعة الإعلانية حتى أصبحت بهذا الشكل الذي تخطى كل الحدود المتعارف عليها في سائر أنحاء العالم.
فمن غير المعقول ولا المقبول أبدا أن يهاجمنا كل هذا العدد المهول من الإعلانات، وليت المشكلة توقفت عند حدود العدد فقط، بل زاد عليها مدة الإعلان نفسه التي تجاوزت هي الأخرى كل حدود التوقيت المسموح به، إلى أن وصل الأمر وكأننا نشاهد إعلانات يتخللها مسلسلات!.
ولأننا أساتذة في التجديد السلبي أو العكسي، وبدلا من أن يكون الجديد من خلال البحث عن الأفكار الجديدة والهادفة والمفيدة، رأينا المعلنين وهم يتباروا في جمع أكبر عدد ممكن من نجوم الفن والكرة والمشاهير عموما.
العالم كله يتطور ويتقدم دائما إلى الإمام أو للأفضل، إلا نحن يبدو أنه كتب علينا إذا تقدمنا خطوة للأمام آن نتقهقر على أثرها خطوات آخرى للوراء، بدليل هذه الفوضى والعشوائية التى نشاهدها يوميا بزعم أنها إعلانات، بينما هي لا تخرج عن كونها مجرد هوجة وغوغائية تنحصر بين أمرين لا ثالث لهما، إما تلك التي تروج للمنتجعات والكمبوندات وحياة البرتوهات عموما، وكأنها تعلن لشعب وناس آخرين غير ناسنا ولا شعبنا.
وعلى الجانب الآخر والنقيض تماما نرى النوع الثاني من الإعلانات وكلها تتناول موضوع التبرعات، وهكذا أصبح المشاهد المسكين واقعا بين شقي الرحي، فإما يتحسر على نفسه وعيشته وهو يشاهد كل هذا البذخ في المنتجمعات الفاخرة التي لا يراها في حياته سوى من خلال الإعلانات، وبعد كل ذلك مطلوب منه أن يكتم غيظه ويبرد أعصابه الملتهبة أصلا ودمه المحروق؛ ويتبرع للمستشفيات والجمعيات الخيرية وحملات الفقر والجوع والمرض وغيرها وغيرها من الحملات التي لا تعد ولا تحصى، وفي النهاية يخرج الجميع مستفيد، إلا نحن المشاهدين، فدائما ما نخرج من مولد سيدي الإعلانات بلا أي حمص ولا حتى ياميش رمضان.
مثلما طالبنا كثيرا بضرورة التدخل لضبط زوايا الأعمال الدرامية التي جنحت ومالت وخرجت كثيرا عن الخط المسموح به طوال السنوات السابقة، فإننا نطالب الآن الجهات المسئولة بضرورة التدخل هذه المرة أيضا للقضاء على تلك المهزلة الإعلانية، التي وبدلا من تحقيق الهدف فعلت العكس تماما ونجحت بجدارة في تطفيش المشاهدين الذين وبسببها أحجموا وامتنعوا تماما عن مشاهدة التليفزيونات من أساسه.
نقلاً عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع