توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بؤس المراهنة على الدور الأميركي في الإنقاذ

  مصر اليوم -

بؤس المراهنة على الدور الأميركي في الإنقاذ

بقلم - خالد غزال

 تسود في أوساط وتيارات سياسية، من قوى يسارية أو علمانية وليبرالية أو دينية، مراهنات على الدور الأميركي في إنقاذ مجتمعاتنا العربية من تسلط أنظمة الاستبداد. ينبع هذا التصور من عجز الشعوب العربية عن إنجاز التغيير وإقامة أنظمة ديموقراطية، نتيجة القمع الدموي الذي تمارسه هذه الأنظمة، وإبادتها لقوى المعارضة والتغيير، بالقتل أو النفي أو السجن، ما جعل شعوبها في حال من الاستسلام لليأس، بحيث لا ترى خلاصاً إلا بتدخل الخارج وإسقاط هذه الأنظمة. هل، حقاً، أدّى الاستنجاد بالخارج، وخصوصاً الأميركي منه إلى تحقيق هذا الخلاص المنشود، أم هو ضرب من الوهم يعمق أزمة البلد ويدمر بناه؟ لقد ظهرت نتائج هذا التدخل جلية في أكثر من ساحة عربية، لعل أهمها فلسطين والعراق وسورية.

لا يخالج أحداً الشك بأن الدور الأميركي، سواء أكان جمهورياً أم ديموقراطياً، هو دور معاد للشعب الفلسطيني، ومنحاز بالكامل إلى العدو الصهيوني. ساهم الأميركيون في قتل الشعب الفلسطيني من خلال الوقوف إلى جانب إسرائيل وتسليحها وتبني خطابها السياسي، حتى بدت الدولة العبرية كإحدى ولايات أميركا المتميزة. عطلت كل مشاريع التسوية السياسية، ومنعت إعطاء الفلسطينيين حق إقامة دولتهم على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، وتوجت سياستها أخيراً بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لدولة إسرائيل، ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف الدولية.

في العراق، تبدو الفاجعة الأميركية كبيرة بما لا يقاس. تحت وطأة استبداد نظام حزب البعث ورئيسه صدام حسين، انتظرت القوى المناهضة له مجيء الجيش الأميركي لإسقاط النظام وإقامة حكم جديد يلبي طموح الشعب العراقي. فعلا أتى هذا «المنقذ» في نيسان (أبريل) 2003، فأسقط النظام وسط تهليل القوى السياسية المصنفة نفسها ديموقراطية ويسارية. لكن «المنقذ» الأميركي كانت له خطته الخاصة، فهو لم يأت لإقامة نظام ديموقراطي، بل أتى لتدمير العراق، دولة ومجتمعاً وجيشاً، ونهب ثرواته النفطية والمعدنية، ولو أدى كل ذلك إلى إشاعة الفوضى واندلاع حروب أهلية بين مكونات البلد. هكذا، ومنذ اليوم الأول لسقوط النظام البعثي، اتخذ الحاكم الأميركي قراراً بحل الجيش العراقي وتسريح جنوده وضباطه. كانت تلك خطوة أساسية في إشعال الفوضى في العراق. لم يكتف الحاكم الأميركي بذلك، بل أمعن في تسعير التناقضات بين المكونات الطائفية والمذهبية وتشجيعها على القتال ضد بعضها البعض، بما جعلها أسيرة الوصاية الأميركية عليها وواسطة الحل والربط. إن ما يشهده العراق اليوم من حرب أهلية وانقسام وتقسيم هو الابن الشرعي للسياسة الأميركية منذ احتلال العراق.

لم يكتف «المنقذ» الأميركي بإشاعة الفوضى غير الخلاقة في العراق، بل كانت عيناه منذ اليوم الأول على الموارد الاقتصادية. اصطحب الاحتلال معه الشركات الأميركية التي عرفت كيف تسرق الثروات النفطية والموارد المعدنية. من أجل ذلك، كان لا بد من الاستعانة بقوى سياسية عراقية شكلت الغطاء لهذا النهب، عبر إشراك الشركات لأقطاب هذه القوى في النهب. في سنوات قليلة أمكن «للمنقذ» الأميركي إفراغ البلد من معظم ثرواته، ووضعه في لائحة الدول الأكثر فساداً.

لم يكن الأمر أفضل في سورية. منذ إعلان الانتفاضة في 2011، رأت الولايات المتحدة أن الفرصة مؤاتية لتدمير سورية عبر تسعير حرب أهلية فيها. لم يكن النظام البعثي يوماً معادياً للولايات المتحدة، منذ عهد الأب وامتداداً إلى عهد الابن. لكن العقل الأميركي لا يعمل استناداً إلى الولاء له أو الخصومة، هو يعمل وفقاً لمصالحه الاستراتيجية على حساب الجميع. قامت الخطة الأميركية على الإبقاء على النظام السوري ورئيسه، بوصفه القادر على إدارة حرب أهلية مديدة، تدمر البلاد وتنهي موقع سورية الوطني في مواجهة إسرائيل، في حال أتى نظام آخر. ساهمت الولايات المتحدة، أسوة بالنظام السوري ودول إقليمية في إنتاج حركات الإرهاب، ووظفتها في ضرب الانتفاضة، فحرمت سورية من إمكانية إقامة نظام ديموقراطي. وها هي اليوم تشهد على تمزق نسيجها الاجتماعي وتدمير جيشها وتهجير نصف سكانها ومقتل نصف مليون مواطن وجرح حوالي مليونين.

اعتمدت أميركا سياسة لفظية تندد بالنظام وبضرورة إسقاطه. تصدر الحكم ثم تتراجع عنه. هددت بإسقاطه إذا ما استخدم الأسلحة الكيماوية. على رغم استخدام النظام لهذا السلاح عشرات المرات، إلا أن أميركا شنت غارتين فقط، من دون أن تؤثر في إرهاب النظام، بل على العكس، شدت من عزيمته في مزيد من إطلاق الكيماوي والبراميل المتفجرة.

تبقى كلمة في وجه القائلين إن ضربات أميركا للنظام تستوجب تأييد هذا النظام. هذه مقولة تافهة. فالموقف الصحيح يقوم على إدانة التدخل الأميركي والسياسة الأميركية المعادية لمصالح الشعوب العربية. وفي الوقت نفسه، إدانة أنظمة الاستبداد التي تشكل الوجه الآخر للسياسة الأميركية المعادية لهذه الشعوب. الموقف المستقل عن أميركا والنظام هو موقف الشعوب العربية الطامحة إلى الخلاص من الطغاة الخارجيين والداخليين.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بؤس المراهنة على الدور الأميركي في الإنقاذ بؤس المراهنة على الدور الأميركي في الإنقاذ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon