بقلم : أنيسة عصام حسونة
أسعدنى الحظ الأسبوع الماضى بحضور احتفالية «إحياء الجذور» بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيسين اليونانى والقبرصى بقصر رأس التين بالإسكندرية وقد كان الاحتفال حقا مليئا بمشاعر الصداقة الدافئة من جميع الحضور فى ظل الكلمات المرحبة من الرؤساء الثلاثة وكلمة المقدمة التى ألقتها السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج المسؤولة عن تنفيذ هذه المبادرة الجديرة بكل التقدير والتى يرعاها باهتمام السيد رئيس الجمهورية.
وقد شمل الحفل فقرات فنية راقية استمتع بها الحاضرون إضافة إلى فيلم تسجيلى وثائقى عن الجاليات اليونانية والقبرصية فى مصر وهذا هو مربط الفرس للمقال، فقد عرض الفيلم التسجيلى، إضافة إلى حديث القبارصة واليونانيين المقيمين فى الإسكندرية عن عشقهم لمصر التى يعيشون فيها بأمان واطمئنان وسلام واللقطات المتنوعة لأماكن عملهم وسكنهم وعبادتهم، مناظر مختارة لمصرنا العزيزة شملت المواقع الأثرية التى لا نظير لها والمناطق الشعبية باحتفالاتها المتوارثة منذ قديم الزمن ناهيك عن اللقطات الجميلة لبحر الإسكندرية الأزرق ولكورنيشها بباعته التقليديين من بائعى الذرة المشوى وحمص الشام وغزل البنات والسوبيا والكركديه والتمر هندى بأزيائهم المميزة، وحقيقة فإنه أثناء استمتاعنا بالفيلم الرائع كنا كمصريين نتيه فخرا ببلادنا الجميلة التى تتميز بموقع فريد وآثار شامخة وشواطئ لازوردية وشعب مرحب ودود ولكن طيلة الوقت كان يدور فى أذهاننا جميعا سؤال واحد ملخصه كالتالى، هذا البلد الجميل بكل مميزاته الرائعة كيف لا يصبح أكثر بلاد العالم جذبا للسياحة بأنواعها المختلفة ليس فقط للمواقع الأثرية وللشواطئ الذهبية وإنما أيضا للسياحة الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية إضافة إلى تلك العلاجية ناهيك عن سياحة المؤتمرات فى فنادقها الفاخرة؟ فكيف يفشل المسؤولون عن السياحة فى تسويق هذه الجوهرة المكنونة التى يمكن أن تسوق نفسها بنفسها؟
هذا التساؤل المتكرر والذى لا نجد له جوابا شافيا كلما ألقى بنا حظنا السعيد على الرمال الذهبية الناعمة لأى من شواطئ مصر فتتعجب بينك وبين الآخرين أين السياحة العالمية من الشواطئ المصرية؟ والأكثر من ذلك فإن مصر لا تتميز فقط بالشواطئ الرائعة الصالحة للسياحة طيلة العام بسبب مناخ المحروسة المثالى طوال شهور السنة ولكن الله قد حباها أيضا وأنعم عليها بتاريخ حضارى لا يضاهيه تاريخ أى بلد آخر فى أركان المعمورة فآثارنا ما زالت قائمة نباهى بها الأمم منذ آلاف السنين وتجدها فى كل مكان فوق الأرض أو تحت سطحها حيث يتم اكتشاف الجديد منها كل عام ويقف أمامها المصريون فى انبهار وإعجاب كلما زاروها من فرط روعتها وشموخها الذى تحدى القرون الممتدة فهل سوَّقنا هذا التاريخ الحافل كما يستحق؟ وهل عاملنا هذه الحضارة العظيمة بما هى جديرة به من احترام؟ فمصر بمثابة متحف كبير مفتوح على مصراعيه فكيف لا يزورها عشرات الملايين من السياح فى كل عام دون انقطاع؟ وماذا تطلب أى حكومة فى العالم أكثر من أن يكون عندها هذه الموارد التى لا تقدر بثمن لكى تكون قادرة على أن تحتل المرتبة الأولى سياحيا بين ��ميع دول العالم؟
وبالتالى فإن سؤالنا الملح هو ماذا ينقصنا لنحقق نتائج مبهرة فى قطاع السياحة الذى يمكن أن يدر ذهبا على خزائن الدولة المصرية؟ إن مصر بمثابة جوهرة ثمينة ينقصها بعض الصقل ليشع ضوؤها الساطع ويصل إلى أركان المعمورة الأربعة وهذه مهمة تسويقية مضمونة النتائج لو صلحت النوايا وتوافرت الإرادة؛ والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع