بقلم - سيد غنيم
يوافق الثلاثون من مارس كل عام ذكري يوم الأرض، والذي يعود تاريخه لعام 1976، حيث كان رداً علي إعلان الحكومة الإسرائيلية وقتها عن خطة لمصادرة آلاف من قطع الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيون لأغراض الاستيطان، حيث انتفض الشعب في إضراب عام ومسيرات من الجليل إلي النقب، ونتيجة لمواجهات مع الجيش والشرطة الإسرائيليين قُتل ستة مواطنين فلسطينيين غير مسلحين، واعتقل مئات آخرون.. وما يميز يوم الأرض أنه المرة الأولي التي ينتفض فيها الفلسطينيون بهذه الصورة المنظمة منذ عام 1948 رداً علي السياسات الإسرائيلية.
وللعام الثاني والأربعين علي التوالي انتفض الفلسطينيون يوم الجمعة الموافق 30 مارس في مسيرة وإضراب شامل إحياءً لـ»يوم الأرض»، مطالبين بحق عودتهم لأراضيهم التي أُغتصبت منهم بواسطة سلطة الإحتلال الإسرائيلي.. خلال يومين فقط سقط (17) شهيداً وأُصيب أكثر من (1400) فلسطيني بجروح في مواجهات اندلعت في منطقة الشريط الحدودي للقطاع خلال مسيرة العودة أمام أسلحة وقنابل الغاز لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تلك العملية العسكرية التي يشرف عليها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي »غادي أيزنكوت» بنفسه لقمع المسيرات علي حدود غزة.. ولم يفوت عشرات الآلاف من الفلسطينيين علي الشريط الحدودي للقطاع صلاة الجمعة.
وفي الضفة الغربية، تحدي عشرات الآلاف من الفلسطينيين إجراءات الإغلاق والحواجز الإسرائيلية، وتوجهوا للمسجد الأقصي لأداء صلاة الجمعة أيضاً، واندلعت مواجهات في عدة نقاط من الضفة الغربية عقب الصلاة.
وشارك كل من »إسماعيل هنية»، و»يحيي السنوار»القياديان في حركة حماس في المسيرة، حيث قال هنية: »في الوقت الذي بلغت فيه الهجمة علي قضيتنا ذروتها منذ قرار »ترامب» إعطاء القدس للاحتلال الغاصب والحديث المتزايد عن التحضير لما يعرف بصفقة القرن، ويسارع البعض للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي الذي يشدد الحصار والاستيطان والتهويد وغير ذلك، فإن هذه الجماهير خرجت لتقول كلمتها الفاصلة: لا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة.. إننا وشعبنا لن نقبل أن يبقي موضوع العودة مجرد شعار يردده الناس».
ما من عهد لليهود إلا ونقضوه، وما من قرار للأمم المتحدة ضد إسرائيل إلا واخترقوه.. تسعة عشر قراراً صادراً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد إسرائيل لصالح فلسطين والفلسطينيين لم تحترم إسرائيل أيًا منها، بدءًا من القرار رقم (194) لعام 1948 بتاريخ 11 ديسمبر بشأن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي بيوتهم وأن ممتلكاتهم هي حق لهم، وحتي القرار رقم (2334) لعام 2016 بتاريخ 23 ديسمبر والذي حث علي وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، نهايةً بجلسة التصويت التي عقدت يوم 27 ديسمبر 2017 ضد قرار الرئيس الأمريكي » ترامب»بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وانتهت برفض القرار الأمريكي..ورغم ذلك قررت أمريكا تنفيذ قرار نقل سفارتها للقدس في مايو القادم تزامناً مع الذكري السبعين لإقامة دولة إسرائيل.
ألم يحن الوقت لأن يُنفذ قرار واحد للأمم المتحدة ضد إسرائيل لصالح الفلسطينيين ولو بتوقيع العقوبات السياسية والاقتصادية، وقد تصل العسكرية؟ ألم يحن الوقت لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية حرة ذات سيادة علي أراضيها وإرادة مستقلة؟
أندهش كيف لدولة مثل إسرائيل أن تنتهك جميع قرارات الأمم المتحدة وما زالت عضواً بها، بل أن هناك من الدول الأعضاء من يدعمها في معظم مواقفها وانتهاكاتها وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.. وما يزيدني دهشة أن إسرائيل تسعي للحصول علي مقعد بمجلس الأمن ضمن الأعضاء غير الدائمين في الدورة القادمة ممثلة عن الشرق الأوسط، أليس من الأولي أن تحصل فلسطين علي العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، وأن تمثل منطقتها بمجلس الأمن؟ قد لا يعبر افتراضي هذا عن الواقع، ولكنه بالتأكيد يعبر عن الحق.
ومع قرار انعقاد قمة جامعة الدول العربية ال»29» بعد أسبوعين، ألم يحن الوقت الذي تجتمع فيه الـ(22) دولة الأعضاء علي قرار واحد (ولو لمرة واحدة) بالاتفاق علي التصويت ضد عضوية إسرائيل غير الدائمة بمجلس الأمن الدورة القادمة، بل وتستخدم جميع الدول العربية كل ما أوتيت من أدوات ونفوذ في التأثير علي (44) دولة فقط غير عربية لرفض مساعي إسرائيل غير المُستحقة؟
وقبل كل ذلك، ألم يحن الوقت لتتصالح القوي والفصائل الفلسطينية ويكون لها ممثل واحد؟ تلك المصالحة التي بدأت مصر مساعيها عام 2005، وأقرتها ثانية في 2011 ثم أخيراً في 2017.
أستاذ محاضر بأكاديمية دفاع الناتو
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع