توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القدس.. جرحنا الدامى.. وعجزنا المهين

  مصر اليوم -

القدس جرحنا الدامى وعجزنا المهين

بقلم : سيد قاسم المصري

  استعرت الشطر الأول من عنوان هذا المقال من كتاب «القدس.. تاريخ وهوية حضارية» للأستاذ الدكتور قاسم عبده قاسم والذى يحكى تاريخ القدس على لسان المدينة بأسلوب قصصى شيق، ولكن مقالى اليوم ليس عن تاريخ القدس بل عن صفحات المأساة التى تتسارع فصولها أمام أعيننا الآن والتى يظن أعداؤنا أنها الفصول الختامية لتصفية قضية فلسطين التى ليس بعدها إلا الدوام الأبدى للقبضة الصهيونية على أرجائها.. وليس ذلك سعيا لزيادة المرارة وإنما أملا فى ازدياد الإصرار على أن الرواية لم تتم فصولا.

***

طوال مسيرة الحركة الصهيونية فى سعيها للاستيلاء على فلسطين.. كانت تسعى لكسب الدولة العظمى ــ فى وقتها ــ إلى جانبها.

ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد غروب الشمس عن الإمبراطورية البريطانية ركزت الصهيونية جهودها على كسب الولايات المتحدة ونجحت فى ذلك إلى حد كبير.. وجاءت ضربة الحظ الكبرى بوصول تيار اليمين المتطرف إلى الحكم بزعامة دونالد ترامب وهو التيار الذى يضم ما يسمى «بالمسيحية الصهيونية» المؤيدة – عقائديا – لقيام إسرائيل.. ومن هنا حِرصْ دونالد ترامب على إرضاء هذا التيار..

بعد أن أخذت السياسة الصهيونية التوسعية أهم الثمرات باعتراف أمريكا بالقدس بأكملها ــ شرقها وغربها ــ عاصمة أبدية لإسرائيل وبعد أن اطمأنت إسرائيل إلى غياب رد الفعل العربى والإسلامى.. شرعت فى تنفيذ خطط تفريغ الشطر الشرقى العربى من القدس من سكانه من خلال إصدارها «لقانون الولاء» أو بالأصح تعديل قانون عام 1952 الذى ينظم الدخول لإسرائيل بإضافة مادة تسمح لوزير الداخلية الإسرائيلى سحب حق الإقامة من أى فلسطينى مقيم فى القدس إذا ثبت عدم ولائه لإسرائيل (أى الطرد من القدس) وينص القانون على أن قرارات وزير الداخلية فى هذا الشأن غير قابلة للطعن أمام القضاء.. ولعل هذه هى أغرب وأشنع معاملة يتعرض لها شعب تحت الاحتلال.. وهى أن يكون مطالبا بإعلان الولاء للمحتل وألا يطرد من بلده.

وبإصدار إسرائيل لهذا القانون يصبح جميع المقدسيين العرب معرضين للطرد.. فالقانون لم يحدد ما هى مظاهر الولاء، لذا فمن السهل «اتهام» أى فلسطينى بأنه غير موال لإسرائيل.. ومن سخرية القدر أن يعامل سكان القدس العرب الذين عاشوا لآلاف السنين فى مدينتهم بقانون ينظم الدخول لإسرائيل شأنهم شأن الزوار الأجانب الحاصلين على إقامة مؤقتة فى بلد غير بلدهم.
منذ ضم إسرائيل للقدس على إثر احتلالها خلال نكبة 1967 ــ التى هى أشد وطأة من نكبة 1948 ــ قامت إسرائيل بإدخال 30 تعديلا على قانون «الدخول لإسرائيل» هذا بغرض التضييق على الفلسطينيين من أهالى القدس.
***
لقد قال أحد زعماء الصهاينة ــ وأظن أنه بن جوريون ــ إن هدفهم هو إنشاء دولة فى فلسطين تكون يهودية كما أن إنجلترا إنجليزية As Jewish As England is English ــ وذلك عندما كانت إنجلترا إنجليزية صافية قبل هجرة سكان المستعمرات إليها، وها هم يقتربون من تحقيق هذا الهدف، فقد صوت الكنيست الإسرائيلى على مشروع قانون يعرف باسم قانون القومية أو قانون يهودية الدولة؛ حيث يُعَرِفْ القانون الجديد إسرائيل بأنها الدولة القومية لليهود فقط وليس لجميع مواطنيها على عكس ما كان ينص عليه إعلان قيام دولة إسرائيل، كما يلغى مشروع القانون اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية ثانية فى إسرائيل، وبذا تكون العبرية هى اللغة الرسمية الوحيدة، وينص على السماح بإقامة بلدات خاصة باليهود فقط أى لا يسكنها إلا اليهود.

وقد قالت الـ BBC فى تعليقها على الخبر أن القانون يسعى إلى أن تولى المحكمة العليا الطابع اليهودى للدولة الأهمية الأولى فى أحكامها وليس القيم الديمقراطية والمساواة عندما يحدث تناقض بينهما.

***

تخيلت ــ بعد سماع هذا الخبر ــ لو أن دولة مسلمة 20% من مواطنيها من غير المسلمين أعلنت أنه من الآن فصاعدا ووفقا للقانون فإنها تعد دولة للمسلمين فقط وليس لكل مواطنيها وأنه إذا تعارض الطابع الإسلامى للدولة مع قيم الديمقراطية والمساواة فعلى المحاكم أن تعلى الطابع الإسلامى.. فهل يشك أحد فى أن هذه الدولة ستصبح رسميا دولة عنصرية مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وستتعرض لأشد أنواع العقوبات الدولية وستشن ضدها حملات إعلامية ضارية.. وقد تطرد من الأمم المتحدة.. ولكن إسرائيل ستبقى فى الأمم المتحدة بل وستحظى بعضوية مجلس الأمن لأول مرة فى تاريخها.

والدولة العنصرية الوحيدة ــ العنصرية بحكم قانونها وليس بالممارسة فقط ــ التى تمتعت بعضوية الأمم المتحدة لفترة ما حتى تم طردها هى جنوب إفريقيا إبان نظام الأبارتايد العنصرى، وها هى العنصرية الرسمية المقننة تعود إلى الأمم المتحدة.. (ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وجدتا قبل إنشاء الأمم المتحدة).

وقد تزامن مع صدور هذه القوانين العنصرية اتخاذ إجراءات للتضييق على الوجود المسيحى بالقدس، ففى قرار مفاجئ قامت بلدية القدس بمطالبة الكنائس بسداد فواتير المياه متجاهلة العرف السائد منذ أمد بعيد بإعفاء دور العبادة وقد بلغت المطالبات بأثر رجعى مع الفوائد ما قيمته 2.3 مليون دولار.. وتزامن ذلك الإجراء مع إعداد لجنة فى الكنيست لمشروع قانون يفرض ضرائب على أملاك الكنيسة بالمخالفة لاتفاقيات سابقة ولحقوق مستقرة.

والحجة التى استند إليها المشرعون اليهود – فى سعيهم لتقليص النفوذ المسيحى أيضا – هى أن المقصود من الإعفاءات هو النشاط الدينى فقط وليس الأنشطة التجارية وأن الكنائس لديها أنشطة تجارية وربحية وهى التى يستهدفها القانون..

وقد قال القادة المسيحيون إن الإجراء يهدد قدرتهم على ممارسة عملهم لأن موارد هذه الأنشطة توجه كلها للعمل الخيرى وتقديم الخدمات الاجتماعية.. لذا اتخذ زعماء الكنائس فى القدس إجراء غير مسبوق عندما قاموا بإغلاق أبواب كنيسة القيامة احتجاجا على الإجراءات الإسرائيلية التى وصفوها بأنها «محاولة لإضعاف الوجود المسيحى فى القدس»، كما جاء فى بيانهم واتهموا إسرائيل بشن هجوم ممنهج لم يسبق له مثيل على المسيحيين فى الأراضى المقدسة.

وأضاف البيان أن «مشروع القانون البغيض سيتيح لإسرائيل مصادرة أملاك الكنائس حيث قدرت الضرائب عليها بحوالى 650 مليون شيكل أى 186 مليون دولار وهو مبلغ تعجز الكنائس عن سداده».

واختتم زعماء الكنائس بيانهم بأن «هذه الإجراءات تذكرنا جميعا بقوانين مماثلة اتخذت ضد اليهود خلال فترة مظلمة فى أوروبا».

***
وإزاء رد فعل الكنائس القوى وغير المسبوق، سارعت إسرائيل بالتراجع وأوقفت اللجنة مداولاتها بشأن المشروع، كما نجحت سطوة الصهيونية العالمية فى التكتيم الإعلامى على الحدث، حتى لا تفقد تأييد اليمين المسيحى المتطرف المساند لترامب فى أمريكا.. وآثرت إسرائيل إمهال الوجود المسيحى بعض الوقت انتظارا للفرصة المواتية.

***

فى مقطع فيديو شاهدته على اليوتيوب حكى صائب عريقات فى برنامج المشهد مع جزيل خورى على قناة بى بى سى عربى أن بيل كلينتون عرض على عرفات عام 2001 مشروعا يتضمن دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية بأكملها وطلب من ياسر عرفات أن يعلن أن هيكل سليمان يقع تحت المسجد الأقصى، وأن عرفان قال لكلينتون: «وهل تشهد أنت بذلك»؟ فقام كلينتون وبحركة مسرحية ورفع يده كمن يقسمون فى المحكمة وقال «أنا وليام جيفرسون كلينتون أشهد أن هيكل سليمان يقع تحت المسجد الأقصى، فرد عرفات بخطاب حماسى ملأ الوفد الفلسطينى حماسة وسالت دموع عريقات، ورفضوا أن يأخذوا القدس بأكملها ودولة على حدود 1967 فى سبيل عدم الاعتراف بهيكل سليمان.. والآن أصبحت القدس بأقصاها وقيامتيها وهيكلها وأكملها ملكا لإسرائيل.

أقول للسيد صائب عريقات – الذى أحترمه وأقدر نضاله وإخلاصه وقدراته – يا ليتكم قبلتم مشروع كلينتون.. ويا ليتكم قبلتم قبل ذلك مشروع السادات وجلستم فى مفاوضات مينا هاوس عندما كان عدد المستوطنين لا يزيد على عشرة آلاف.. وياليتكم قبلتم قبل هذا وذلك مشروع التقسيم..

وأقول لزعماء الدول العربية والإسلامية إنه من المهم ألا نستهين بالقدس.. فالقدس هى التى مكنت الصهيونية من إقامة الدولة اليهودية من خلال استغلال مشاعر اليهود تجاه القدس.. كان اليهود فى الشتات عندما يتبادلون التهانئ يقولون «السنة القادمة فى القدس»Next Year in Jerusalem.. كما نقول نحن كل عام وأنتم بخير.

نقلًا عن الشروق القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القدس جرحنا الدامى وعجزنا المهين القدس جرحنا الدامى وعجزنا المهين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon