توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق

  مصر اليوم -

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق

بقلم - لينا الخطيب

مر العراق بأوقات عصيبة على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية. انتصار الحكومة العراقية عسكرياً على «داعش» لم يترجم بعد إلى فرص عمل لأولئك الذين فقدوا سبل معيشتهم في المناطق التي كان يحكمها التنظيم سابقاً والتي تم تدميرها في الحملة العسكرية الدولية ضد «داعش»، كما هو الحال في الموصل. تحسن الوضع الأمني في البلاد لكن هجمات الإرهابيين مستمرة، خصوصاً أن «داعش» يحاول تأكيد نفسه في أعقاب فقدان معظم سيطرته الإقليمية في العراق وسوريا. لا يزال الفساد مشكلة مستوطنة، حيث صنفت منظمة الشفافية الدولية العراق الدولة الـ 169 من أصل 180 دولة على مؤشر الفساد الخاص بها. ويلقى باللوم على الفساد كسبب لمشكلة تلوث المياه في البصرة التي أصابت سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق، الذي شرب من مياه البصرة الأسبوع الماضي، وأصيب بالتسمم لتلوثها. ومع ذلك، ورغم كل هذه القضايا السلبية والخطيرة، هناك بصيص من الأمل في العراق.

أحد التطورات الإيجابية في البلاد هو تزايد البراغماتية السياسية التي تتخطى الخطوط الطائفية. في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، شهد العراق لأول مرة تحالفاً بين الحزب الشيوعي والحزب الذي يقوده رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر، والذي قدم نفسه إلى الناخبين ليس على أسس دينية ولكن قومية إصلاحية. هذا الائتلاف، المسمى «سائرون»، حصل على مقاعد أكثر من أي حزب آخر في انتخابات هذا العام.

بعد ما يقرب من أربعة أشهر من النقاش حول تشكيل الحكومة، تم تعيين رئيس وزراء توافقي الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى رئيس جمهورية معروف بقيمه المنفتحة، وهو أول رئيس من نوعه للعراق. كانت عملية انتخاب الرئيس في العراق في عام 2018 هي أيضاً الأولى من نوعها في البلد حيث لم تكن موجهة من قبل الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها مختلف أعضاء البرلمان. كان هناك عدم توافق في الآراء داخل الكثير من الأحزاب حول من الذي يجب أن يتم انتخابه رئيساً، الأمر الذي ترك أعضاء البرلمان يصوتون للمرشح الذي اعتقدوا أنه كان أكثر ملاءمة. لذا كانت انتخابات عام 2018 هي أول انتخابات رئاسية مفتوحة في العراق. هناك أمل في ألا يكون هذا التطور استثنائياً بالنسبة للبلاد وأنه يمكن للعراق أن يستمر على طريق الانفتاح السياسي. إن السلوك السلس الذي أبداه رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي نحو خليفته عادل عبد المهدي تمت الإشادة به كمثال على البراغماتية السياسية القائمة على قبول الهزيمة كجزء من أي عملية سياسية، وهو ما يخالف الاتجاه المألوف في الشرق الأوسط في النظر إلى الانتخابات باعتبارها لعبة غالب أو مغلوب محصلتها صفر.

إن الاحتجاجات التي تجري في جميع أنحاء البلاد حالياً بما في ذلك البصرة هي بالطبع مصدر للقلق لأنها تؤكد خطورة مشكلة الفساد في العراق. لكن كما علق زميلي ريناد منصور، في هذه الاحتجاجات، ينادي الناس بمحاسبة قادتهم، بما في ذلك المتظاهرون الشيعة الذين ينتقدون زعماء الشيعة والمحتجون السنة الذين ينتقدون الزعماء السنة. هذا الاتجاه نحو السياسة القائمة على القضايا لا يعني أن الطائفية في العراق قد اختفت، ولكن هذا يعني أن هناك وعياً متزايداً بأهمية قضايا مثل الشفافية والمساءلة. هذه لحظة محورية للعراق، تأتي بعد وقت قصير من تحرير معظم المناطق التي كان يحتلها «داعش»، وتشير إلى أن الانتصارات العسكرية بالنسبة إلى الناس العاديين في العراق ليست كافية. الاحتجاجات هي صرخة من قبل أفراد الشعب العراقي أنهم يدركون تماماً حقوقهم كمواطنين ومسؤوليات الدولة تجاههم. ويقع العبء الآن على عاتق السلطات العراقية لإظهار أنها تستمع لمطالب العراقيين.

في الأسبوع الماضي، منحت لجنة جائزة نوبل للسلام جائزة عام 2018 إلى نادية مراد، وهي ناشطة عراقية إيزيدية نجت من قبضة «داعش» لتصبح سفيرة ضد الاتجار بالبشر والعنف الجنسي وناشطة من أجل حقوق الإيزيديين. هذا إنجاز مهم لأنه أول جائزة نوبل على الإطلاق للعراقيين.
وقد كانت الحكومة العراقية نفسها هي التي رشحت نادية مراد لجائزة نوبل للسلام عام 2016. والحكومة تحتفل بجائزتها التي تستحقها عن جدارة كإنجاز للعراق. ولكن تأتي جائزة مراد في فترة شهد خلالها العراق سلسلة من جرائم القتل التي تستهدف النساء. عملت امرأتان مقتولتان في مجال التجميل، وأخرى كانت عارضة في وسائل التواصل الاجتماعي، والرابعة كانت ناشطة في الخطوط الأمامية في احتجاجات مكافحة الفساد الجارية في البصرة.

تتكهن السلطات العراقية بأن بعض جرائم القتل هذه هي جرائم ذات طبيعة شخصية، وتقول ببساطة إن التحقيقات فيها مستمرة. ولكن يقول بعض المراقبين في البصرة إن قتل الناشطة الحقوقية، الدكتورة سعاد العلي، من المرجح أن يكون ذا دوافع سياسية، وإن الجناة يبدو أنهم ميليشيات تحاول سحق الاحتجاجات. ورغم أن العلاقة بين النساء اللاتي قُتلن للوهلة الأولى يبدو أنها تقتصر على جنسهن، فإنهن كنّ جميعهن يتحدثن بصراحة عن حقوق المرأة.

لذلك لا يمكن للحكومة العراقية أن تشيد بفوز نادية مراد بمصداقية من دون إيلاء اهتمام جاد لمسألة حقوق المرأة في العراق بشكل أعم، ولمسألة قتل النساء الأربع. يمثل منح جائزة نوبل للسلام لنادية مراد رصيداً مهماً للإصلاحيين العراقيين الذين يتمتعون بنفوذ سياسي، مثل الرئيس الجديد. لقد حان الوقت الآن لتحويل قيمهم إلى سياسات. ومن دون تكريس جهود جادة لأمور مثل حقوق المرأة، فإن أمثال مراد نفسها سيصبحون أهدافاً لأولئك الذين يريدون إسكات أصوات النساء.
هذه فترة مهمة في تاريخ العراق الحديث. على المستوى الشعبي، سواء من خلال حركة الاحتجاج أو نشاط المطالبين بحقوق المرأة، هناك مؤشرات على أن التغيير الإيجابي ممكن. على المستوى السياسي، هناك أيضاً لمحات من نفس الطينة. ويحدونا الأمل في أن يبذل قادة العراق الجدد الجهود اللازمة للعمل مع القواعد الشعبية في برنامج الإصلاح في البلد.

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon