توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين الحقوق ... وكوريا المصالح

  مصر اليوم -

فلسطين الحقوق  وكوريا المصالح

بقلم - فاتنة الدجاني

 «صفقة القرن» الأميركية للسلام تعود إلى الأضواء مجدداً، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان استُدعي إلى واشنطن على عجل لوضع اللمسات الأخيرة عليها. لكن هذه الصفقة التي هدد الرئيس دونالد ترامب مراراً بها منذ انتخابه حتى تولَّد إحساسٌ بأنها «أم الصفقات»، ما زالت تصطدم بالرفض الفلسطيني.

ماذا استجدّ إذاً؟ لا الموقف الفلسطيني تغيّر، ولا الظرف الإسرائيلي كذلك. المتغير الوحيد هو التقارب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، والاتفاق على نزع سلاحها النووي. لا بد أن ترامب يهنئ نفسه بهذا الإنجاز في المهمة الكورية، ولا بد أنه استمد التشجيع منه للمضي قدماً في طرح «صفقة القرن».

في التجربة الكورية، ثمة ملاحظتان على أداء ترامب مفيدتان في فهم أسلوبه ومقاصده. الأولى تأتي مما يشبه التسليم إعلامياً بأن ما حققه في هذا الملف هو التطبيق العملي لأسلوبه في عقد صفقة تجارية: يدرس خصمه جيداً، ويتحداه، ثم يضغط بأقصى العقوبات غير عابئ بأحد. يتراجع قليلاً، ويُعطي الانطباع بأن الأمور على ما يرام، ثم لا يلبث أن ينقلب على ما سبق. يضع الخصم حيث يريده لقمة جاهزة للتنازل أو الاستسلام. يميل إلى الارتجال وفق تقديره للظروف. ويُصعِّد حتى النهاية بما يوحي بأن الحرب على الأبواب، ثم يخلط الأوراق فيصبح السلام قيد أنملة.

الملاحظة الثانية هي ان ترامب يذهب بالسياسة الداخلية والدولية الى طريق لم يسلكه أيٌ من أسلافه من الرؤساء الأميركيين. يعيث فوضى بكل قضية، لكنه وسط هذه الفوضى يبحث عن إرث سياسي. يريد أن يكون الرئيس الأميركي الذي أَنجز كلَ ما فشل فيه أسلافه، خصوصاً باراك أوباما، في ملفات كوريا الشمالية والتجارة العالمية وإيران... والأهم، النزاع العربي- الإسرائيلي.

هنا مربط الفرس. التحرك الأميركي في الملف الفلسطيني يحمل توقيع ترامب، لكنه أكثر تردداً في الرهان على أسلوبه في تحقيق النجاح. وما تردُد إدارته في إعلان «الصفقة» إلا بسبب التخوّف من احتمالات الفشل. فالحالة الفلسطينية غير إيران وكوريا الشمالية حيث يُسمح بإدارة التفاوض بأسلوب الصفقة التجارية، ليصل إلى مفهومٍ قانوني بالالتزام أو التعاقد، وقد يلعب التهديد أدواراً في الوصول إلى اتفاق.

إن نظرة تاريخية موضوعية إلى طبيعة العلاقات بين واشنطن وكل من بيونغيانغ وطهران في العقود الثلاثة الماضية، تكشف رغبة دفينة إيرانية وكورية في التوصل الى تفاهم ما مع الولايات المتحدة، عاجلاً أو آجلاً. التفاوض هنا يتناول مصالح محددة لطرفين يمكن القول إنهما «تجاريان» يقايضان التبادل في ما بينهما كترجمة لتوازن المصالح. والمقصود مصالح دول راسخة لها مجتمعاتها المتماسكة، ولها مصالحها التجارية والأمنية إقليمياً ودولياً، وأي تنازل في بند من البنود يقابله ما يساويه.

أي مقاربة بين كوريا الشمالية وإيران من جهة وفلسطين من جهة أخرى، لن يُكتب لها النجاح، ولن تصل الى نتائج عملية لأن الفرق هنا جوهري. فرق بين المصالح والحقوق.

المسألة الفلسطينية في الفهم الأميركي لإدارة ترامب، ستواجه حقيقة أن لا مصالح يمكن التفاهم على موازنتها بمصالح أخرى، بل هي مسألة حقوق تاريخية وإنسانية وقومية ودينية ومجتمعية. ومحاولة النفخ في مكوّنات السلطة الفلسطينية لتصل إلى مستوى «سلطة مصالح» هي من قبيل العبث. فليست للسلطة مصالح بالمعنى المقارب لمصالح كوريا الشمالية وإيران في مقابل مصالح أميركا، وهي ليست أكثر من جهاز انتقالي سيُفضي إلى دولة مستقلة ترتبط بـ «مصالح»، سواء مع إسرائيل أو الجيران أو العالم.

المنطق هو في استعمال أميركا عناصر الضغط على إسرائيل ومصالحها أو مصالحهما المشتركة للتوصل إلى حل. المفارقة هي في قلب الحقائق لتصبح إسرائيل هي مَن يطالب بالحق، وليكون على الفلسطيني التنازل. ولأن هذا الوضع ضد المنطق والعدالة، لا يُتوقع أن تكون هناك «صفقة»، لا بالمعنى السياسي ولا التجاري.

فلا الحقوق يمكن التنازل عنها، ولا منطق المصالح ينطبق على الصفقة المطروحة، والرفضُ الفلسطيني معطى طبيعي، صلبٌ ومشروع.

نقلا عن الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين الحقوق  وكوريا المصالح فلسطين الحقوق  وكوريا المصالح



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon