بقلم - أحمد سعيد طنطاوى
دهشة كبيرة أحاطتني بعد ما نقله الصديق الأكاديمي العراقي حازم هاشم، حول ما ينفقه العراقيون في الأسبوع الواحد من أجل العلاج في الهند؛ فمتوسط عدد المسافرين إلى الهند حوالي 900 مسافر بمعدل رحلتين أسبوعيًا عبر طيران قطر والإمارات.. بتكلفة تتراوح ما بين 1000 دولار إلى 10 آلاف دولار لكل شخص.. وهناك من يتجاوز هذا الرقم.. والغريب أن الحجز على شركات الطيران مكتمل لمدة شهرين مقدمًا.. من أجل العلاج هناك.
أي أن العراقيين ينفقون ما بين مليون دولار و10 ملايين دولار أسبوعيًا، من أجل أن يكافحوا الأمراض التي انتشرت بينهم.. خاصة أمراض القلب.. ومرض السرطان اللعين، الذي ينتشر بكثرة في الجنوب العراقي، 10 ملايين دولار أسبوعيًا، رقم كبير مما لا شك فيه.. رقم قادر على تغيير شكل الطب في العراق وتغيير شكل المستشفيات الحكومية هناك.. ولكن لو تم استغلاله على الشكل الأمثل.
العراق الشامخ يتألم ويئن ويتوجع تحت أمراض بدأت في الانتشار في 1990 بعد الحصار الأمريكي على شعب كبير وعظيم ثم تاه العراق في أوجاعه مرة أخرى بعد الغزو الأمريكي في 2003 لجلب ما يسمى بالديموقراطية في الوطن العربي بادئًا بالعراق، ثم توغل الوجع داخل الجسد العراقي بفعل تقاعس حكومي واضح.
10 ملايين دولار أسبوعيا.. قادرة على بناء مستشفى تليق بالعراقيين ترحمهم من التنقلات والسفر والتعب والتردد على الهند.. يمكن لمصر في رأيي تقديم يد المساعدة والعون للعراق في اتجاهين؛ الاتجاه الأول توفير خبراتها في بناء مستشفيات مكافحة السرطان داخل الأراضي العراقية.. فعندنا معهد الأورام ومستشفى 57357، والتي تحقق نجاحات كبيرة يشهد لها العالم في نسبة الشفاء وفيها من الخبرات الطبية التي نستطيع أن نرفع رأسنا بها عاليا.. وغيرها من المستشفيات وكذلك عند مصر خبرات كبيرة في مجال جراحات القلب والمثال الواضح والبارز في هذا الشأن هو مستشفى مجدي يعقوب في أسوان والتي أطلقت وأثقلت نخبة لا يستهان بها من أطباء القلب على يد البروفيسور العالمي الشهير مجدي يعقوب. والاتجاه الثاني لمد يد العون إلى العراق هو أن تكون مصر بديلا عن الهند في العلاج الطبي.. بديلا بطيرانها وأطبائها ومستشفياتها وأهلها.. فمصر - والكل يعرف – ترحب بالجميع فما بالنا بالأخوة العراقيين أو بالتحديد بالأشقاء العرب.
العراقيون يتعرضون في الهند لثلاثة أوجاع أخرى غير المرض.. اللغة والأكل وتكلفة مكاتب الخدمات الطبية المنوط بها توفير مرافق وتوفير كل سبل الراحة بداية من استقبال المرضى في المطار حتى وداعهم.. بجانب تكلفة العلاج التي أشرنا لها من قبل.
ثلاثة أوجاع يمكن للعراقيين الاستغناء عنهم في مصر.. فاللغة عربية فيستريحوا من المترجمين والأكل مصري يعرفونه جيدًا.. ولن يكون هناك مكاتب خدمات صحية.. فلا وسطاء بيننا.
كلمة أخيرة، العراقيون يهربون من جشع بعض الأطباء في الأردن أو لبنان أو إيران إلى الهند فعملية ترقيع الشرايين تكلف قرابة الـ 15 ألف دولار في هذه الدول، بينما تصل تكلفتها إلى الثلث في الهند بما يعادل تقريبا 5 آلاف دولار.
ألسنا أولى بالعراقيين من الهنود... ألسنا أولى بتحمل آلام العراقيين المرضى بدلا من الجشع الذي يقابلونه.. فمصر لها، مصر لها.
نقلا عن الاهرام القاهريه