توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المؤامرة والفضيحة

  مصر اليوم -

المؤامرة والفضيحة

بقلم : زياد عيتاني

 حين قرّرت القيادة النازيّة غزو بولندا، أكّدت أنّ الأقلّية الألمانيّة في السودِتنلاند الحدوديّة تتعرّض لاضطهاد لا يُحتمل. لم تكتف القيادة والإعلام النازيّان بهذا. تحدّثا عن جنود ألمان قتلهم البولنديّون «الطامعون بألمانيا» كما صُوّرتْ جثثهم. لاحقاً ظهرت الحقيقة: «الجنود الألمان» الذين قُتلوا مساجين في المعسكرات النازيّة، أُلبسوا بزّات عسكريّة ألمانيّة ثمّ صفّاهم الجيش الألمانيّ على الحدود كي يتّهم بولندا.عندما عرضت القيادة النازيّة «البراهين» على شكل جثث، لم يعد هناك شكّ في وجود المؤامرة البولنديّة. عندما تبيّنت الحقيقة، بات ما فعله النازيّون فضيحة أخرى من فضائحهم المطنطنة.

والواقع أنّ بين المؤامرة والفضيحة صلة قربى. الاثنتان توجدان في الحدّ الأدنى، وتُصنعان وتُصنَّعان في الحدّ الأقصى. وكلّما قلّت الشرعيّة الشعبيّة لنظام ما، زادت صناعته للمؤامرة، وتالياً للفضيحة. لهذا تزدهر مصانع الأنظمة التوتاليتاريّة، الطالبة للعداوة دوماً، بهاتين السلعتين إنتاجاً وتوزيعاً. وهناك اختلاف بين المؤامرة والفضيحة سريعاً ما يتحوّل إلى شَبَه: صدُّ المؤامرة يصعد بنا إلى المصائر. مداراة الفضيحة تهبط بنا إلى المراحيض. المسافة أقصر ممّا نتخيّل بين هذين الطرفين الأقصيين. إنّها المسافة بين العملة وقفاها.

في منطقتنا، تتولّى المهمّةَ قوى وأنظمة طائفيّة، تملك كلّ الرغبة في الاستئثار ومَعْس الآخرين، من دون القدرة على بناء نظام توتاليتاريّ، أو حتّى نظام من أيّ نوع. في الأسبوع الماضي، قدّم العراق نسخة مَلهويّة، وتُرك للبنان شرف النسخة المأسويّة.

في العراق، وفقاً للزميلة «القدس العربيّ»، أجرت نقابة المحامين في النجف محاكمة للخليفة الأمويّ هشام بن عبد الملك، وحكمت عليه بالإعدام بتهمة قتل زيد بن عليّ بن الحسين. الملهاة، هنا، أنّنا علمنا في وقت واحد بـ «مؤامرة» هشام وبأنّها فضيحة لتلك النقابة البائسة.

في لبنان، تبيّن أنّ الفنّان زياد عيتاني بريء. لا توجد صديقة إسرائيليّة جاسوسة. لا يوجد «ترويج للفكر الصهيونيّ بين المثقّفين». لا يوجد سعي إلى «حلّ الدولتين»!. لا يوجد شيء يُدان عليه عيتاني. يوجد الكثير ممّا يُدان عليه مُفبركو المؤامرة. ومع أنّ التهم تشبه حكم الإعدام بهشام عبد الملك، فالفارق أنّ عيتاني حيّ يُرزَق، يُعتقَل ويُشتَم ويُضطهَد ويُخوَّن.

الفضيحة حلّت بين ليلة وضحاها محلّ المؤامرة. المثقّفون والصحافيّون والتلفزيونيّون المشاركون في صنع المؤامرة، ينبغي بالتالي أن يتلقّوا حصّتهم من الفضيحة. بيد أنّه منطق متماسك في الوعي الطائفيّ الساعي، وهو كسيح، أن يستفحل: وزير الداخليّة نهاد المشنوق بدل أن يعتذر ويستقيل، طالبنا بأن نعتذر. ولمّا كانت الحسابات الطائفيّة، بما فيها بناء أجهزة متنافسة للطوائف، هي التي أدخلت عيتاني إلى السجن، شاء المشنوق إخراجه من السجن بنفس الحجج الضمنيّة التي اعتُقل بموجبها: إنّه بيروتيّ وعروبيّ وأصيل (الوصف الثالث مخصّص للأحصنة).

الموسم الانتخابيّ، بما يستدعيه من مناجاة «البيروتيّ» و«العروبيّ» و «الأصيل»، لا يكفي لتبرير هذه المخاطبة اللزجة. ذاك أنّها توجّه الشبهة إلى مَن هو غير بيروتيّ وغير أصيل، وخصوصاً غير عروبيّ!

إنّ ما يفعل فعلَه المسموم بيننا وفينا هو اللقاء بين نَتانَتين: سياسة الطوائف المسكونة بالغلبة والاستئثار، وثقافة تافهة جعلت كلّ ذكْر لإسرائيل كافياً كي يجعلنا ننطّ مثل السعادين: اشنقوه، اشنقوه! ومَن أفضل من إسرائيل كيّ تتبادل الطوائف الاتّهام بها، مقلّدةً أنظمة المؤامرة التي تندّد بـ «إيهان نفسيّة الأمّة». والحال أنّهم كذّابون. كذّابون حين يعتقل بعضهم زياد عيتاني، وحين يحقّق بعضهم «نصراً إلهيّاً»، وحين يُجرون، كلّهم، انتخابات لا تُحدث أيّ تغيير ولو طفيف.

ومع الفارق الهائل بين ما حصل في بولندا أواخر الثلاثينات، وما حصل في لبنان قبل أيّام. وبين غوبلز وسوزان الحاج...، فإنّهم كلّهم أسياد وعود كاذبة. «براهينهم» كذب آن الأوان أن لا نصدّقه. وحتّى لو جاء الذئب فعلاً، بعد عشرين كذبة عن مجيئه، فالموقف السليم أن ننأى بالنفس عنهم ونترك الذئب يلتهمهم وحدهم.

إنّ من يحكم بقوّة المؤامرة يحكم بقوّة الفضيحة. ومن تنهض ثقافته على قوّة المؤامرة، فإنّها على قوّة الفضيحة تنهض، وفي النهاية... تسقط.

نقلا عن الحياه اللندنية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤامرة والفضيحة المؤامرة والفضيحة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon