بقلم - ريهام فؤاد الحداد
الوطن هو قطعة الأرض التى تضم جماعة من البشر تربطهم روابط مشتركة كاللغة والدين والعرق، بشر يتشاركون نفس الإقليم والحدود الجغرافية، يرتبطون بأرضهم وببعضهم البعض ويكوّنون تاريخاً ومواقف عامة واستراتيجيات وأهدافاً مشتركة.
يفترض أن تكون علاقة المواطن بوطنه أشبه بعلاقة الابن بوالديه، هو ذات الارتباط بالانتماء والولاء، والامتنان والعطاء والأخذ كذلك، علاقة حقوق وواجبات والتزامات موثقة بالعُرْف والقانون.
ينتمى الإنسان لأبويه انتماءً صحيحاً معافى وإيجابياً بَنّاءً إذا ما تشرب حنان والديه ورعايتهما وذاق طعم الاهتمام والاحتواء فيشب ابناً باراً حسن السلوك والأدب يملأه العرفان وينتظر لحظة رد الجميل.
وإن كان الأبوان أذكياء كفاية علموه اللباقة والأدب والالتزام بالقواعد والقوانين وآداب السلوك والتهذيب، حينها يسهل التعامل مع الابن ويسهل تعامل الابن مع العالم لأنه نموذج لإنسان طيب معافى لا يشكو من أدران نفسية أو أعطاب بالسلوك.
المواطنة لا تبتعد أبداً عن نموذج الأسرة السليمة، فإذا ما أشعر الوطن مواطنيه بأنه يرعى مصالحهم وينظمها، وبأن جميع ما يقام بالدولة هو للمنفعة العامة، وبأن الجميع سواسية لأنهم يحملون ذات الجنسية، وأن الوطن حريص على راحة المواطن وتوفير احتياجات الحياة الأساسية له كفرص العمل والتعليم الصحيح والصحة والأمن والعدل، كان عندنا مواطن مطمئن على نفسه وعلى مستقبل أبنائه، راضٍ قانع، شديد الانتماء لوطن أعطاه الحياة، ويأمن على أرضه.
كذلك إذا ما عُنيت الدولة بإخراج مواطن صالح قويم السلوك، كان انعكاس هذا عليها رائعاً، لأنه يكون مواطناً ملتزماً بواجباته، أميناً على وطنه يفديه بالغالى والثمين، ويعمل على رفعته ونمائه وتقدمه، ويكون تهذيب المواطن بسن القوانين القوية والعادلة أولاً، ثم ضمان تطبيقها على الجميع بحيادية عمياء، للحق مبصرة، وبسرعة مسعفة تعطى كل ذى حق حقه دون هدر للأيام والسنين.
إذاً فالعلاقة أولها عطاء وثانيها التزام ورد العطاء بعطاء أكبر وفداء وأهم ما يجب الانتباه إليه هو الجيل الجديد، وكيف تؤصل وترسخ به قيمة الوطن، ويكون هذا الأمر عن طريقين؛ أولهما الأسرة، وثانيهما الوطن ذاته. أسرة الطفل إن صلحت صلح المجتمع، وكما سبق الذكر إن استقر وضع الأسرة وضمنت أساسيات حياتها كانت أسرة سليمة صالحة تستطيع تنشئة مواطن كريم ومحترم يبنى وطناً عظيماً، حيث إن فاقد الشىء لا يعطيه.
كذلك يستطيع الوطن بنفسه تنشئة أجيال عديدة عن طريق التعليم القوى الذى يراعى جميع احتياجات الطفل الذهنية والبدنية والروحية وإقران التعلم بالأخلاق وزرع بذور الخير، وإبعاد أى منغصات عن حياتهم وحياة أسرهم لأن المعاناة سوف تزرع ضجراً وغضباً يتنافى مع قيم المواطنة السليمة، والارتباط بالوطن والانتماء إليه.
ولنتذكر دائماً أنه إذا أردنا مواطناً مثالياً يجب أن يكون الوطن ذاته مكاناً مريحاً بمناخ إيجابى يساعد على التقدم والعطاء والنماء وأن يكون الاستثمار أولاً بالإنسان (المواطن)، فالأمر أشبه بالميثاق بين الوطن والمواطن، تتخلله حقوق وواجبات ومسئوليات متبادلة بين الطرفين.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع