بقلم ـ نبيل عمرو
عدة وقائع ظهرت خلال هذا الأسبوع، جعلت الإسرائيليين يميناً ويساراً يشعرون بقلق عميق من الفلسطينيين، وما يمكن أن يفعلوا في صراعهم مع الإسرائيليين في زمن الضغط المتعاظم عليهم، وغياب أي نافذة أمل تشجع الفلسطينيين على الهدوء ولو إلى حين.
ثلاثة شبان مسلحين اخترقوا خط «ماجينو» الإسرائيلي المحيط بغزة، وتوغلوا إلى عمق عشرين كيلومتراً، وتجاوزوا تجمعات عسكرية وسكانية، وكان بمقدورهم أن يطلقوا النار وأن يوقعوا خسائر.
إسرائيل كلها منشغلة في جدل حار حول هذا الاختراق، وإدانات غير مسبوقة لأيقونة إسرائيل... الجيش الذي لا يقهر ولا يخترق!
قبل ذلك انفجرت قنبلة لامست شظاياها كل الإسرائيليين يميناً ويساراً، حين نُشرت إحصائية تقول بالأرقام، إن تعداد الفلسطينيين المقيمين بين النهر والبحر بدأ يتفوق على أعداد الإسرائيليين، ولا يوجد لدى إسرائيل ما تواجه به هذا التفوق الديموغرافي لأن الفلسطينيين حين تغلق كل الأبواب في وجوههم يلوذون بالتكاثر.
ويوم الجمعة ستنطلق مسيرة يتوقع أن تضم أعداداً هائلة من الفلسطينيين، للتجمع أمام السياج الأمني الفاصل بين القطاع وإسرائيل، وهذه المسيرة ستكون إشهاراً صاخباً لمأساة غزة، ومسؤولية إسرائيل المباشرة عنها، وحركة من هذا النوع لا تملك إسرائيل قدرات فعّالة على قمعها وتطويق مفعولها على مستوى العالم بأسره.
وفي الضفة حيث ظن الإسرائيليون أنهم ينامون على حرير السيطرة المباشرة وغير المباشرة، فإن تقارير الجيش وقوى الأمن لم تسجل فقط ارتفاعاً في منسوب العمليات العسكرية التي يقوم بها غالباً أفراد لا ينتمون عضوياً إلى أي فصيل، بل إن قراءة الجيش للتطورات المحتملة ربما تصل في وقت ما إلى الانفجار الشامل.
أمام هذا الذي يجري، ما هي الحلول التي يتحدث الإسرائيليون عنها؟
هنالك حل تقليدي يتبناه اليمين، مركزه القمع والعقوبات الجماعية وإنكار وجود أزمة بالأساس مع الفلسطينيين، وهنالك اجتهادات يزداد المتحدثون بها يوماً تلو آخر، ومركزها حتمية الانفصال عن الفلسطينيين، فبعد تفاقم الأوضاع الأمنية وانفجار القنبلة الديموغرافية، ظهر بوضوح شديد شبح الدولة ثنائية القومية، ومجرد تداول هذا المصطلح يعني ضرب الأساس العقائدي للدولة العبرية، التي يطالب نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بيهوديتها، رغم التفوق السكاني للعرب الذين يسيطر عليهم اليهود بقوة السلاح.
خلاصة القول، وهذه معطيات ينبغي أن توضع بين يدي قوى الاعتدال العربي التي تعمل بجد من أجل بلوغ حالة معقولة من التوازن الأميركي في صفقة القرن، كي يدرك الأميركيون أن الوضع في الأروقة المغلقة التي يسرح ويمرح فيها اليمين الإسرائيلي مع أقرانه الأميركيين، يختلف كثيراً عن الوضع على الأرض، حيث كل يوم يظهر تهديد جدي للصيغة الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين وهذا يؤثر مباشرة على الصيغة الأميركية المفترض إن أرادت حلاً حقيقياً أن تضع التطورات الميدانية في مكانها الصحيح من التحليل ووضع السياسات، وما يجري على الأرض سيحتم التوازن المطلوب.
نقلا عن الشرق الأوسط.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع