بقلم - سهيلة نظمى
أردت ألا تفر مناسبة يوم الحب كما يسميه أهله دون القرب منها قرب المحبة لوطنها الغيورة على موروثاته وهذا هو السبب الأول خاصة بعد أن حصلت مصر على المركز الأول كأغنى دولة فى العالم تتمتع بتراث ثقافى بشهادة 21 ألف مواطن عالمى ، والحق أننا لا نحتاج لشهادة عالمية تثبت غنانا الثقافى بقدر ما نحتاج إلى أن نختار من هذا الغنى ما نحتفل به ونرعاه ونزرعه فى نفوس وأرواح وعقول صغارنا بدل أن نذهب بعيدا لأرض القديس فالنتين من العصر الرومانى ونستدعى الذكرى لنحتفل بها باسم الحب وتعترينا حمى الشراء التافه ونندفع نتبارى فى تقديم الهدايا فى بلد يئن من الفقر ، بلد يحتاج لكل حبة عرق وكل لحظة من عمر الزمن لينفض عن كاهله الفقر والجهل والمرض، وهذا هو السبب الثانى أن الظرف الذى نمر به فى مصر الآن من حرب أعلناها شاملة على الإرهاب كان يستدعى أن نخجل من مجرد ذكر كلمة احتفال بيوم أرى فيه من التفاهة سببا وحيدا وكافيا لرفض الاحتفاء به ، إلا أننا أمة تصر على أن ترتدى ثوب العرس فى المأتم ، أعرف أن التعبير صادم ولكنها الحقيقة فلن أبيع لكم الأمل الكاذب أو الوهم فى سوق المنى . ليس هناك حب يسود و72 %من مجموع الوفيات نتيجة الإرهاب تتركز فى خمس دول العراق وأفغانستان وباكستان ونيجيريا وسوريا ، ويخاف العالم بعضه فينفق 2 تريليون دولار على التسليح بينما تخصص الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام للعام الحالى مليار دولار فقط .
يحتفلون بالحب و108 ملايين شخص فى العالم يواجهون أزمات فى غذائهم فما بالنا بالمحرومين ومن هم تحت خط الفقر وهم ثلث سكان العالم.
يحتفلون بالحب وقد أعلن نصف سكان العالم أنهم تعساء .
تركوا 168 مليون طفل فى العالم يعملون رحمة بينما يملك 8 أشخاص فى العالم الثروة نفسها التى لدى أفقر سكان العالم وهم 3.6 مليار نسمة وهو عدد مرشح للزيادة .
خلفت الحرب والكراهية 500 ألف حالة كوليرا فى اليمن وهو أكبر عدد مسجل فى أى بلد فى عام واحد حيث يموت تقريبا شخص كل ساعة ويقولون الحب.
أى حب وسوف يضيع 12 مليار يوم عمل حول العالم بسبب الاكتئاب والقلق سنويا حتى عام 2030 إن لم يجدوا الحل ، ويرزح تحت نير العبودية المعاصرة 46 مليون شخص فى العالم وهو رقم يزداد أيها الحب ، وما هذا الخبل الذى اعترى العالم ليترك 1 من كل 8 يعيشون فى منطقة عشوائية ويترك نساءه العاملات يحلمن بالمساواة فى الأجور مع الرجال التى لن تتحقق قبل عام 2186 ، وتزداد فضائح الاغتصاب والتحرش فى العالم حتى وصلت لموظفى الأمم المتحدة الذين ارتكبوا 60 ألف حالة فى عشر سنوات .
أما فى مصر فيتبادل الشباب الدببة والقلوب الحمراء ثم يصل عدد المطلقات إلى 460 ألف سيدة 258 ألفا منهن فى الحضر و202 ألف من الريف ويكون متوسط سن الطلاق بين الشابات 32 سنة والشباب 38 سنة ويزيد المعدل ليصل إلى 2.1 فى الألف فى بلد الحب مصر التى تفقد نصف مليون يوم عمل سنويا للنساءالمتزوجات بسبب ما يتعرضن له من عنف.
و200 ألف يوم عمل للزوج للسبب نفسه ، ثم نقول الحب فى يوم الحب نغنى ونرقص وننسج الآمال ونركب الوهم ثم نفيق وحالنا على حاله .
كان المصريون فى ثلاثينيات القرن الماضى يحتفلون يوميا بالحب عندما كانت تظللهم السكينة والأخلاق والتراحم والمودة والقيم ولم تكن هناك ورود حمراء ولا دببة ولا يوم للحب ولا كعكة تصنع خصيصا له وأيضا لم يكن هناك طلاق كنا َ أقل نسبة طلاق فى العالم كله .
استفيقوا يرحمنا الله من الظنون والخدع التى حاقت بنا ولا تسبوا نورنا فيتلاشى .
نقلا عن الاهرام القاهريه