بقلم-حسن المستكاوي
** تتابع جماهير كرة القدم ووسائل الإعلام فى كل دولة استعدادات منتخبها للمونديال، وهناك انتقادات توجه لفرق، وإلى لاعبين. لكن مع اقتراب العد التنازلى لانطلاق كأس العالم، يحدث هذا التحول الطبيعى والفطرى من جانب الجماهير نحو المنتخبات، بإعلان المساندة والتشجيع والتأييد، مهما كانت هناك غصة فى الحلق بسبب المستوى والأداء. وهذا بالطبع هو حال جماهير كرة القدم فى كل دول العالم فهى سريعة الغضب والاشتعال والتحول.. وفى النهاية يظل النقد والغضب تعبيرا عن غضب المحب.. فلا يكره أحد منتخب بلاده، سوى تلك الفئة التى تحب نفسها، ولا تعرف.
** يؤدى المنتخب الوطنى مرانه اليوم باستاد القاهرة قبل أن يغادر إلى روسيا. ودون شك أن كل محب لكرة القدم، وكل من يعمل بصناعة كرة القدم يتمنى النجاح والتوفيق للمنتخب فى مهمته الصعبة.. وهى صعبة لأننا مقبلون على أهم وأكبر بطولة لكرة القدم. وجزء من العمل يتحمله الجمهور والإعلام أيضا، وذلك بمساندة الفريق قبل توجهه إلى جروزنى حيث مقر إقامته، راجيا أن تطول الإقامة فى روسيا إلى أبعد وقت ممكن كما نحلم جميعا نحن الذين نحب الفريق على الرغم من النقد. وأرجو أن تطول إقامة المنتخب فى روسيا إلى أبعد مما يظن البعض من المحبين والأنصار، وإلى أبعد مما يتمنى البعض من هؤلاء الذين لا يرتبطون بالمنتخب بأى روابط وطنية أو مشاعر رياضية حقيقية.
** لم يعد النقد مفيدا، ولم تعد تلك السيوف التى خرجت من أغمادها ذات فائدة.. كلنا اليوم مع منتخب مصر لأنه منتخبنا.. وأتذكر الآن لحظة تسجيل صلاح لضربة الجزاء التى صعدت بالفريق إلى المونديال وكيف تفجرت ينابيع الانتماء عند كل المصريين.
** مرة أخرى يكتشف الرأى العام، والإعلام، وكتاب السياسة والأدب مكانة لعبة كرة القدم عند المصريين. لكن تفسير خروج الملايين إلى الشوارع والميادين احتفالا بفوز فريق لكرة القدم بمباراة بأن «الشعب لا يفرح سوى فى كرة القدم» أو أن الشعب يحتاج إلى الفرحة.. هذا تفسير قاصر وغير دقيق. يعكس نظرة سطحية لكرة القدم، بينما اللعبة تستحق دراسة أعمق.. حتى نفهم لماذا تنفجر حالة الانتماء عند المصريين وعند شعوب العالم أجمع فى احتفال أو انفعال بكرة القدم؟
شعوب العالم كلها تخرج وتحتفل فى مظاهرات بعد الفوز ببطولة أو فى مباراة كبرى أو عند التأهل لنهائيات كأس العالم. فعندما فازت فرنسا بكأس العالم عام 1998 خرج ملايين الفرنسيين إلى الشانزليزيه للاحتفال، وشاركهم الرئيس جاك شيراك. وفى مونديال كوريا واليابان كانت صورة الملايين فى الشوارع من ملامح البطولة.
هذا بصورة أو بأخرى تفعله كرة القدم فى كل الشعوب وكل الدول، فالمشجع بات يرى فريقه، سواء المنتخب أو النادى، بات يراه مشروعه وبطله، وجماعته الخاصة.. ففوزه انتصار له وخسارته تعنى هزيمته... وهو يرى نتيجة مشاركته فى هذا المشروع الذى هو المنتخب، يرى النتيجة فى الحال، ويعتبر نفسه صاحب الانتصار، ويعتز بذلك ويفخر به ولو لم يعلنه
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع