توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إرهاب الغنيمة في ليبيا وصمت المجتمع الدولي

  مصر اليوم -

إرهاب الغنيمة في ليبيا وصمت المجتمع الدولي

بقلم-يوسف الديني

كل شيء في ليبيا يبعث على الحيرة والذهول والشك بدءاً من صمت المجتمع الدولي إلى لا اكتراث الفاعلين في المجتمعات الإسلامية من المنظمات والتيارات وصولاً إلى الحالة الليبية ذاتها التي كان يعتقد أن بعد سقوط نظام القذافي سيهرع الشعب إلى صيغة توافقية بما أنه من الشعوب القليلة التي تحظى بعدد سكان قليل (مساحة ليبيا نحو مليون كيلومتر و700 ألف كيلومتر مربع ويقطنها نحو 5.8 مليون نسمة، منهم 1.5 مليون من الوافدين إليها بغرض العمل)؛ وإمكانيات اقتصادية واعدة وقرب جغرافي من أوروبا، إضافة إلى عدم وجود صيغ إثنية وطائفية يمكن لها أن تلعب دوراً في إيقاظ فتيل الأزمات، لكن ما حدث هو أننا أمام أكبر ظاهرة انشقاق ما بعد الربيع العربي وانفجار للأوضاع كلما هدأت ليس بفعل الخلاف السياسي على كعكة الدولة وإنما اقتسام للغنيمة بقوة السلاح من ميليشيات ومجموعات مسلحة عسكرية جهوية وصغيرة تحاول تفجير الوضع كلما اقترب من الحل أو شرع الليبيون في العبور بأزمتهم إلى استقرار الدولة. أيضاً رغم أنها لم تكن تحظى بحضور كبير على مستوى العلاقات الدولية أو التدخلات في عهد القذافي نجدها الآن من أكثر الدول التي تستثمر فيها الكيانات الموازية خارجياً من التيارات الإسلاموية والتنظيمات المتطرفة، حيث تشير التقارير إلى حضور غير مسبوق لتنظيم داعش داخل ليبيا التي ينتمي أغلب مقاتليها ومسلحيها تاريخياً إلى تنظيم «القاعدة» و«الجماعة الإسلامية المقاتلة»، فضلاً عن استثمار أبواق الخراب منذ اللحظة الأولى في الشأن الليبي بدءاً من انحياز قناة «الجزيرة» - الدولة الإعلامية لتثوير مناطق التوتر منذ رهانها على لحظة الربيع العربي وتحالفها مع الإسلام السياسي واستثمارها لخطاب الجماعات المسلحة لصالح أجندة سياسية، فكل شيء في ليبيا رغم تجانس الداخل وتشابهه قدره أنه تأسس من الخارج على طريقة الغنيمة (من المفارقة أول ظهور لجماعة الإخوان 1949 كان على يد قيادي إخواني مصري هو إبراهيم مصطفى بدعم من الملك إدريس).
في ليبيا اليوم كمفارقة مضافة أيضاً إلى المفارقات الأخرى، هناك أكبر عملية تصدير للمقاتلين والإرهابيين إلى دول الجوار وشمال أفريقيا بعد أن تحول الداخل الليبي إلى معسكرات تجنيد واستقطاب، وبحسب تقرير هارلون زيلين من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومؤسس الموقع الشهير «جهادولوجي» http:--jihadology.net، فقد «أصبح تدفق المقاتلين الأجانب إلى ليبيا رابع أكبر حشد (للمقاتلين) في التاريخ الجهادي، بعد الحرب في سوريا، والجهاد الأفغاني في الثمانينات، وحرب العراق عام 2003 فقط. بالإضافة إلى ذلك، إنها المرة الأولى التي أصبح فيها أولئك المتشددون في شرق أفريقيا وغربها ضالعين بعمق مع الجهاديين في الخارج بدلاً من تركيزهم على التمرد الداخلي أو الإرهاب».
الإرهاب في ليبيا ليس نزعة للسيطرة على الشرعية وقلبها كما هي الحال في بلدان ومواقع أخرى، بقدر أنها صراع على الغنيمة مع القوى السياسية في الدولة ومطالبة للتحول إلى جزء من بنيتها كما نشهده في مطالبات عدد كبير من الفصائل والأجنحة والميليشيات المسلحة التي تطالب بأن تكون جزءاً من وزارة الدفاع وهو ما يعني أنها تدرك قدرتها على لي ذراع السياسي الذي لا يملك مواجهة هذا الطوفان من المقاتلين والأسلحة وجيوب العسكرة منفرداً في ظل هذا الصمت الدولي.
تترشح ليبيا لأسباب كثيرة لأن تكون بؤرة الهجرة الكبرى للكوادر الإرهابية لعدة أسباب تتصل بطبيعة موقعها وتاريخ مقاتليها في «المسيرة الجهادية» منذ أفغانستان والتجانس بين مكونات الشعب الليبي على مستوى حالة التدين وغياب الطائفية، ومن ثم إمكانية استغلال النزعات المناطقية، إضافة إلى وجود ثلاث ولايات معلنة للتنظيم في الأراضي الليبية؛ برقة وطرابلس وفزان والأراضي المفتوحة في الصحراء الليبية، وحتى بعد خسارة التنظيم من استرجاع مدينة سرت والسيطرة على الموارد التي كانت بيد التنظيم عاد إلى أسلوبه القديم المحبب، وهو حرب العصابات واتخاذ ليبيا موقعاً ملائماً للتجنيد وشن هجمات على أوروبا واستقبال المقاتلين القادمين منها.
ليبيا اليوم بحاجة إلى مبادرة إسلامية كبرى ترعاها وتقودها دول الاعتدال ولو من خلال الجامعة العربية أو منظمة العالم الإسلامي لتنبيه القوى الدولية والمنظمات العالمية على خطورة الوضع هناك وتأثيره على تضخم الإرهاب المنظم في العالم ودون هذه المبادرة والالتفاتة إلى الحالة الليبية ربما نستيقظ خلال فترة محدودة على واقع مختلف تماماً عن الذي شهدناه في كل مناطق التوتر الحالية التي على الأقل كان يقف بإزاء التيارات المسلحة قوى نظامية تبقت من الجيش النظامي أو مقدرات الدولة التي لم تسحق تماماً كما في العراق وسوريا أو بفعل التدخل العسكري الأجنبي كما هي الحال في أفغانستان.
ما يحدث في ليبيا الآن لم يعرفه بلد عربي من قبل، ليس لحساب أعداد الضحايا وحجم الفوضى، بل لحالة السيولة السياسية، حتى بات من الصعب التمييز من ضد من! حظر جوي وحالة طوارئ وميليشيات مناطقية موزعة على مدن حساسة، أن يصبح الإرهاب سلاحاً سياسياً لتغيير الواقع، فهذا امتياز جديد على طريقة الخوارج القدماء في الاحتساب على الأداء السياسي، وهو ما يعني أن سقوط «المستبد» قد يخلف الآلاف من المستبدين الذين لم يستطيعوا مقارعته، وهو ما يعني بلغة أخرى إعادة قراءة الحالة العربية خارج مثاليات وثنائيات النظام - المعارضة، الشعب - الحكومة... إلخ، وأعتقد، لا على سبيل التشاؤم، أن الخروج من ثقافة «الدم» المتأصلة في الحالة العربية، التي سيعززها بقوة صعود موجات التطرف، بحاجة الآن إلى عقود من العمل الدؤوب.
من المخجل جداً رغم كل هذا الدمار الليبي أن يكون الخبر الذي يهم الليبيين وغيرهم في وسائل الإعلام الغربية وغيرها، هل أغلقت السفارة الإيطالية أم لم تغلق بعد؟!

نقلا عن الشرق الاوسط 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب الغنيمة في ليبيا وصمت المجتمع الدولي إرهاب الغنيمة في ليبيا وصمت المجتمع الدولي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon