توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بومبيو وإعادة تأهيل قطر

  مصر اليوم -

بومبيو وإعادة تأهيل قطر

بقلم-يوسف الديني

لا يمكن فصل زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن التحول الجذري للسياسة الخارجية في المنطقة، بعد الانسحاب الكبير والرهان على الخروج من المستنقع السوري، بهدف ترتيب الأوضاع والعودة مجدداً وفق تحالف عربي وخليجي كبير تقوده السعودية، وبأهداف محددة وواضحة: إيران أولاً.
ما أوصله وزير الخارجية بوضوح في زيارته الخليجية، هو إعادة رسم نزاعات المنطقة في صورتها المكبرة؛ حيث تقف إيران منتجةً ومصدرةً للإرهاب، وحاضنةً للجماعات المسلحة والتنظيمات المتطرفة؛ سُنِّيها قبل شِيعيِّها. كما أكد أيضاً موقف الولايات المتحدة الثابت من التنظيمات المتطرفة، وثالثاً تأكيدها على دعم الاستقرار في دول المنطقة، كأولوية تتقدم على مسألتي الحريات والديمقراطية.
هذه الرسائل الثلاث تعني أن مشروع الولايات المتحدة اليوم هو إعادة تأهيل حلف سُني عربي، وبالتالي إعادة تأهيل دولة قطر التي تتقاطع أجندتها وآيديولوجيتها السياسية مع الأفكار الثلاث، فهي حليفة إيران، ودولة - قناة الظل لنظام الملالي، كما أنها لا تزال تحتضن وتدعم رموز التطرف، وعبر قناتها الدولة تسوِّق لخطاب الإرهاب والتحريض ضد استقرار الدول.
في الجهة المقابلة، تواجه السعودية اليوم، والخليج معها، تحديات كبيرة وغير مسبوقة؛ حيث تسعى المملكة جاهدة إلى فرض أولويتها في المرحلة المقبلة، المتمثلة في تدعيم الاستقرار السياسي على أنقاض التحولات الكبرى في ملف الإرهاب ومكافحة العنف، ونبذ كل دعوات التثوير السياسي، وهو ما يعكس سياسة الحزم التي أطلقها الملك سلمان في أكثر من اتجاه، بدأت بـ«عاصفة الحزم»، وصولاً إلى الحرب الشرسة ضد منابع الإرهاب والتطرف، وصولاً إلى حماية الداخل من الاستهداف.
هناك تحول كبير يجري في بنية المشهد الخليجي، ليس فقط على مستوى السياسات العامة التي تمسك بزمامها الدول، ولكنه تحول على مستوى مكونات المجتمع الخليجي السياسية والاجتماعية، بسبب تحول جذري وراديكالي في مصادر التلقي والخطابات السائدة؛ أولاً هناك تراجع للإسلام السياسي وخطاب الصحوة لصالح خطابات منسلَّة جديدة، تحمل «هويَّة» سياسية مركبة وغير متجانسة، فهي من خلفيات صحوية في تكوينها الثقافي؛ لكنها متجاوزة للمقولات المؤسسة كالحاكمية ودولة الخلافة وشعار تطبيق الشريعة... إلخ، ومن هنا وقعت في فخ «الإحلال» غير الواعي، فاستبدلت بالخلافة دولة القانون، وبالكاسيت والمنابر حسابات «تويتر» و«السوشيال ميديا»، واستبدلت بالأسر التنظيمية الشبابية والمنشورات، الهاشتاغ والغروبات الإلكترونية التي ترسل المحتوى ذاته بتكنيك وآليات الحشد القديمة نفسها، وهو ما جعل المشهد برمته يختلط فيه الحابل بالنابل، السياسي بالديني بالحقوقي بالراديكالي، وصولاً إلى منافسة تيارات عنفية تقتطع لها حصَّة جديدة من كعكة «الإعلام الجديد».
هذه الأجواء الجديدة كانت ستبدو صحِّية لو كانت المنافسة عادلة على مستوى الفرص والتكتلات ومعقولية الخطاب؛ لكنها تأتي في سياق ما بعد «الربيع» والظلال القاتمة التي ألقاها على عدة مناحٍ، أهمها: تبدل المفاهيم حول الدولة والسلطة والأداء الحكومي من جهة، وتبدل في أولويات الخطابات الجديدة، من عزل مفاهيم إسلاموية لا مكان لها في سوق الديمقراطية اليوم، والوقوع في مأزق «الإحلال المفاهيمي» وقطع الصلة عن السياقات الفكرية والاجتماعية، التي ولدت فيها مفاهيم المجتمع المدني والديمقراطية والتعددية السياسية والحريّات... إلخ.
والحال أن اللاعبين على الساحة السياسية اليوم استفادوا من درس ما حدث في مناطق التوتر، من العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى ليبيا، وهو إدراك خطورة الفراغ السياسي، واللعب على السيادة والمغامرات غير المحسوبة لاستهداف الاستقرار. وصحيح أن معايير النجاح والفشل لا يزال الحكم عليها مبكراً، بسبب السعي إلى تعزيز السيطرة على الأرض، وليس التحول إلى كتلة سياسية متجانسة لها صوت بحاجة إلى تمثيل، ولا تزال ملفات عالقة، كملف الأكراد في سوريا والعراق والحدود التركية والرغبة في التحول إلى دولة، أو ملف الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من نظام طهران، ومدى عودتها إلى منطق الدولة العراقية المستقلة عن أي إملاءات خارجية، إلا أنه يتوقع أن درس ما أحدثته جماعات الإرهاب من «داعش» و«القاعدة» وأخواتهما، إضافة إلى تدخلات الميليشيات الشيعية وما يفعله «حزب الله» من تغول في الدولة اللبنانية، سيساهم في قطع الطريق على كل الخطابات الثورية ذات المضامين والشعارات السياسية البرَّاقة، التي استثمرت فيها وتحولت معها دولة تقودها قناة لا تنتمي إلى الواقع، بقدر أنها تمارس وصايتها لتمرير آيديولوجيتها الخاصة.
هناك تحالف وثيق يشبه العناق الحميم بين المؤدلجين السياسيين ومنتجي التطرف وخطاب الكراهية اليوم، بدعوى محاربة الأنظمة القمعية أو حكم العسكر، كما قيل في أيام الثورات، فمنطقة الشرق الأوسط الآن فقدت منطقها، وأصبحت مسرحاً للعبث واللامعقول من الأفكار والمواقف السياسية، التي ستأخذ آثارها سنوات طويلة تفوق حجماً وتأثيراً سنوات النكبة والنكسة وحربي الخليج، وحتى ارتدادات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، والحال أن الوضع متاح لمزيد من الاستثمار والانتفاع أمام تجار الأزمات وحالة اللااستقرار، الذين ترتفع حناجرهم الآن يضغطون على دول الخليج المستقرة، بينما يتعامون عن قول أي كلمة أو تسجيل موقف تجاه كل الانتهاكات التي تحدث في الدول المؤيدة للإسلام السياسي والخطاب الأصولي.
البداية في إعادة تأهيل قطر ودمجها في المشروع الجديد لاستقرار المنطقة، وكلمة الفصل بالطبع في «الرياض»!

 

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بومبيو وإعادة تأهيل قطر بومبيو وإعادة تأهيل قطر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon