توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الترمبية!

  مصر اليوم -

الترمبية

بقلم : محمد الرميحي

  هل من المبكر الحديث عن «تيمة» يمكن ملاحظتها في السياسة الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب، يمكن أن نطلق عليها اصطلاح «ترمبليزم»، بعد عام تقريباً على وصوله إلى الحكم في الولايات المتحدة، أقوى ترسانة ضاربة على الأرض اليوم؟

المصادفة أن كلمة «ترمب» تعني في اللغة في بعض معانيها، الورقة الرابحة، أو الشخص الممتاز! فهل ينطبق المعنى على الفعل السياسي الذي يتبلور أمامنا؟ قد يجد البعض أن الوصول إلى خط واضح في التفكير والتنفيذ، أي ما يعرف بالاستراتيجية، لهذه الإدارة، من السابق لأوانه.

وصفتُ في مقال سابق أثناء الحملة الانتخابية في عام 2016، أن السيد ترمب يحاول إيجاد خلطة جديدة في السياسة، تشبه خلطة «الباجة» الموصلية! فيها كل ما يمكن أن تشمله السياسة، والبعض الآخر يرى أن معالم الترمبية السياسية بدأت تتضح في استراتيجية متكاملة، بعد عدد من الأحداث الأميركية الداخلية والعالمية.

الوجه الأكثر وضوحاً أن الترمبية أو «ترمبليزم» قد حطمت خطوطاً كثيرة تقليدية في العمل السياسي الأميركي. أول الملاحظات أن الإدارة على استعداد لتغير «الأحصنة» متى ما أراد الرئيس أن يفعل ذلك، دون النظر إلى الاستقرار أو عدم الاستقرار في السياسات.

الطلب الرئيسي من العاملين القريبين من البيت الأبيض، هو الولاء التام للرئيس، وما يقرره يجب أن يتبع بالحرف دون اجتهاد. ذلك مخالف للسياسة الثابتة طويلاً، أن الدولة الأميركية، بصرف النظر عن نوع الإدارة، لها «ثوابت» تقررها المصالح العليا للدولة! أي أن الرئيس ترمب يسير بعكس ما تقرره الدولة العميقة ومؤسساتها، هذا افتراق واضح، فقد تم تغيير عدد من الشخصيات التي أرادت أن تتمايز عن سياسة الرئيس، وذلك الأمر يعني تغيراً جذرياً في الثقافة السياسية الأميركية التي اتبعت لسنوات طويلة سابقة، وهي أن يقول المرؤوس رأيه بوضوح في القضايا المطروحة، خاصة المتعلقة بالأمن القومي، دون خوف من فقد منصبه.

الأمر الثاني أن الإدارة الترمبية لم تعد تأبه كثيراً بما يقال في الإعلام؛ بل هناك تجاهل واضح وعلني لما عرف تاريخياً بالسلطة الرابعة، فلم تعد الإدارة محكومة برأي الخبراء المتحدثين على وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة في نشرات الأخبار، وقد ساعد على تحقيق ذلك التجاوز استخدام ناجح لوسائل الإعلام الحديثة، فالرئيس يتواصل مع الجمهور العام مباشرة من خلال «تويتر»، أكثر من مرة في اليوم، ويعلن ما يريد، ويشجب أعمال من يريد؛ بل وينتقد بعض معاونيه وهم في السلطة، كما فعل مع وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون.

الرأي العام الذي كان في السابق يخيف كثيراً من الرؤساء الأميركيين، وكانوا يعملون له حساباً، لم يعد مهماً في إطار العمل السياسي للإدارة الترمبية، فهو يستطيع أن ينفي، ثم يعترف بعدد من الأمور السابقة لتوليه منصبه، دون كثير من الاهتمام بما يقال في نشرة المساء في الأخبار التلفزيونية. هناك عدد ثابت من المؤيدين للرئيس في الفضاء الشعبي الأميركي، وهذا ما يهمه، حتى في القضايا المختلف عليها بعمق في المجتمع الأميركي، مثل حمل السلاح للأفراد، وكان رده على قتل عدد من التلاميذ منذ أشهر، أن سلحوا الأساتذة! بل تجاوز حدود جغرافية الولايات المتحدة، ليقدم نصيحة للفرنسيين، أثارت صحفهم وسياسييهم، أنه لو كان الحرس مسلحين ما وقعت مجزرة باريس!

وعلى الرغم من الملاحقات التي ما زالت تملأ وسائل الإعلام ضجيجاً، وبعضها قريب إلى «الفضائح التقليدية»، فلا تزال إدارة ترمب غير عابئة بالصغير من الفضائح الشخصية، والكبير من الفضائح السياسية، كمثل التدخل الروسي المزعوم في الحملة الانتخابية عام 2016؛ بل إن الإدارة قلبت الطاولة وحولت الدفاع إلى الهجوم في اتهام أجهزة الأمن الأميركية بالتدخل أو «التنصت» على الحملة وقتها، وتركت تلك الأجهزة في حال الدفاع، يقال في ذلك تخفيض الضرائب وشن حرب اقتصادية على الأصدقاء والأعدقاء!

على الصعيد الخارجي، يتضح أن الطريقة الترمبية في إدارة الأمور، هي وضع كل الأوراق على السطح، سواء مع الحلفاء الأقرب في أوروبا، كالتوجه إلى إرغام الجميع على تحمل نسبتهم المالية في المساهمة في ميزانية حلف الأطلسي، دون اعتبار للحساسية التي تحملها بعض الشعوب والدول، مثل ألمانيا، تجاه التسلح بشكل عام، أو من خلال الخروج من إطار قضية دولية تسمى الحفاظ على المناخ العالمي، الذي وجدت فيها الإدارة الترمبية حجراً من نوع ما على الصناعات الأميركية، وبعضها ملوث للبيئة.

على مقلب آخر، فإن السياسة الترمبية مع الآخرين في الخارج، تبدو أنها تأخذ اتجاه «سياسة حافة الهاوية» وهي: إن كان للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون «زر صغير» للضغط على المفجر النووي، فإن لدينا «زراً كبيراً» وسوف نقابل أي عمل عدائي «بالغضب والنار». وتلك السياسة تبدو أيضاً تجاه إيران، فقد قال الرئيس، وردّد وزير خارجيته، أن «إيران سوف تشهد ما لا تطيق» إن هي عادت إلى تخصيب اليورانيوم، بشكل يقود إلى احتمال الوصول إلى إنتاج قنبلة نووية!

من السهل مناقشة استراتيجية حافة الهاوية، ولكن من الصعب التنبؤ بنتائجها. البعض يعلقها على قضيتين؛ الأولى والأهم، أن يقود الاجتماع المزمع مع رئيس كوريا الشمالية إلى نجاح يخترق كل التوقعات، أي يقود إلى نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، وهو أمر مشكوك فيه حتى الآن، هذا النجاح إن حصل فسوف يؤسس إلى نجاحات أخرى في أماكن أخرى تحمل تقريباً الملفات نفسها، مثل الملف الإيراني. أما القضية الثانية فإلى أي مدى هذه السياسة يمكن أن تذهب في «إغضاب» أوروبا اقتصادياً، وكذلك الصين؟ في الملف الأخير يبدو أن الصين وأوروبا يتجهون إلى الانحناء للعاصفة، كلٌّ بطريقته، ولكن لما يساير الرغبة الأميركية. كما أن فشل الاجتماع مع كوريا الشمالية - وهذا احتمال ممكن - سوف يعتبر منعطفاً حاداً للترمبية السياسية في الخارج والداخل. وقتها إما أن تعيش الإدارة ما وعدت به من «غضب ونار» أو تتراجع. كلا الاحتمالين يحملان كثيراً من المخاطر، ولكن المخاطر الأكبر في الاحتمال الثاني وهو الفشل؛ لأن النجاح يمكن أن يحقق كثيراً من إرضاء النفس، وتحقيق أو الادعاء بتحقيق الشعار الأكبر: «لنجعل أميركا عظيمة». أما في الاحتمال الثاني، الفشل، فلن يبقى النظام الدولي على ما عرفه العالم في ثلاثة أرباع القرن الماضي، هذا النظام سوف يختل خللاً كبيراً، قد يقود إلى «نهاية العولمة» كما نعرفها، وانفلات قوى إقليمية لتحقيق مصالحها، دون النظر إلى أي معوقات. أما أميركا الداخل فلن تكون من جديد أميركا ذات الصولة والجولة.

بالتأكيد، العالم يحبس أنفاسه اليوم بانتظار تاريخين؛ الأول هو الاجتماع التاريخي الأميركي - الكوري الشمالي (الرئيس الأميركي ألغى الاجتماع – المحرر)، والثاني تحرك النظام الإيراني أمام المطالب الأميركية، إما إلى الإذعان، مع حفظ ماء الوجه، أو التحدي الذي سوف يحول منطقتنا إلى ما يمكن وصفه بأنه «كرة نار» متدحرجة.

آخر الكلام: هناك مثل شعبي خليجي، قد يكون مناسباً للمرحلة: «الذئب لا يهرول عبثاً»!

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترمبية الترمبية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon