أشعلت قطر أزمتها بيدها، وألحقت الضرر بنفسها، وشذَّت خارج السرب العربي والدولي، بسبب انتهاج سياسات تخريبية إرهابية لا مبرر لها ضد الجيران والأشقاء، والانخراط في لعبة مؤامرات دنيئة ضدهم، وتدخلات في شؤونهم، ودعم تيارات وتنظيمات متطرفة للإضرار بهم، وتوظيف المال وأدوات القوى الناعمة لتحقيق أجندات تخريبية لا تخدم إلا الإرهابيين ومن شاكلهم.
ومنذ بدء الأزمة كانت أسباب المقاطعة من قبل الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب معلنة جلية كالشمس، وكانت المطالبات واضحة وعادلة، مقبولة لدى كل عاقل منصف ينشد الخير والسلام، لأنها لا تطلب من قطر إلا حقّاً أصيلاً من حقوق أي دولة، وهي حسن الجيرة وكفّ الأذى، وهي مطالبات من شأنها دعم استقرار المنطقة.
وحفظ أمنها، وقطع الطريق أمام الإرهاب ومنتجيه وداعميه والمنخرطين فيه والمستفيدين منه، وكانت جميع الأصوات العاقلة متفقة على هذا، تطالب قطر بتغيير نهجها السلبي.
وأن تصبح عضواً صالحاً في المنطقة والمجتمع الدولي، ولكن نظام الحمدين لم يأبه بذلك كله، وكابر واستكبر، مفضلاً الاستمرار في دهاليز الظلام، مغلباً صوت العناد والمكابرة والشغب على صوت العقل والحكمة، ضارباً عرض الحائط بكل المطالبات العادلة.
وخلال هذه الفترة أصدرت الدول الأربع ثلاث قوائم للإرهاب، لمكافحة هذا الداء الخطير، وذلك في شهر يونيو ويوليو ونوفمبر 2017، وكان رد الفعل القطري تجاه هذه القوائم رداً غريباً عجيباً، وهو رفض هذه القوائم، ابتداء من القائمة الأولى، مما وضع علامات استفهام كثيرة حول الموقف القطري من الإرهاب، وأعطى مؤشراً آخر على حماية قطر للإرهاب والإرهابيين.
وإذا رجعنا لتلك الشهور نجد الرد القطري المريب بادياً على أعلى المستويات، فقد علَّق وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي على القائمة الأولى مدعياً أنها جزء من سلسلة اتهامات مرسلة لا تستند إلى شيء! وقال: «نحن في دولة قطر لن نتفاعل مع مثل هذه الاتهامات التي ليس لها أساس»!!
كما أعلن مطلق بن ماجد القحطاني المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطرية في تصريحات له على قناة الجزيرة الإنجليزية أن هذه القائمة مضللة!!
وحاولت قطر طيلة هذه المدة التشكيك في هذه القوائم بطرق شتى، وسخَّرت إعلامها وكُتّابها لذلك، واختلقت مختلف الحجج الواهية لإسقاطها.
وامتلأت صحفها ووسائل إعلامها بذلك، بما في ذلك تصريحات مسؤوليها، واليوم وبعد مرور عدة شهور على الأزمة وإصدار تلك القوائم واستنكار قطر لها نجد أن قطر نفسها التي استنكرت تلك القوائم بشدة تصدر قائمة للإرهاب تضمنت العديد من الأشخاص الذين تم إدراجهم سابقاً بالفعل في القوائم الثلاث التي أصدرتها دول المقاطعة واعترضت عليها قطر!!
فقد أصدرت وزارة الداخلية القطرية في الأسبوع الماضي أول قائمة إرهاب لها، وهي قائمة قطرية صغيرة، تضمنت 19 شخصاً و8 كيانات، بينهم 11 شخصاً قطرياً، من أبرزهم القطري عبد الرحمن عمير النعيمي، و 6 كيانات قطرية، أي أن أكثر من نصف القائمة بل ثلثي القائمة شخصيات وكيانات قطرية!!
وهذه القائمة والتي جاءت متأخرة وبعد تلقي نظام الحمدين الضربات الموجعة ومحاصرة الأدلة له لَتُؤكِّد صدق أسباب المقاطعة الرباعية، والتي تتبلور حول دعم قطر للأنشطة الإرهابية والتخريبية، والتي طالما تنصلت منها قطر، وإذا بها اليوم تعترف بها ضمنياً بإصدارها لهذه القائمة!
ومع ذلك فقد جاءت القائمة القطرية صغيرة وخالية من شخصيات إرهابية كبرى، وذلك يضع تساؤلات أخرى حول الموقف القطري، ويدينها من جهة أخرى، فما سرّ تجاهل قطر لتلك الشخصيات والكيانات الإرهابية؟! وهل هذه القائمة مجرد مراوغة قطرية ومحاولة للهروب من الضغوط وخداع المجتمع الدولي وتضليله كعادة نظام الحمدين؟
لقد عوَّد النظام القطري الجميع وللأسف على سياسة المراوغة والازدواجية واللعب على الحبال، وتسخير أدوات القوى الناعمة لتضليل المجتمع الدولي، والتغطية على دعمها للإرهاب والتطرف، ولا شك بأن الأيام أثبتت فشل هذا التكتيك، وأكدت أن زمان الألاعيب الدبلوماسية والإعلامية قد ولّى، وأن العبرة في النهاية بلغة الحقائق والبراهين، وخاصة في ظل تنامي الخطر الإرهابي.
وارتفاع سقف الحذر منه، والتوجه العام لمحاصرته وتجفيف منابعه، ومشكلة قطر اليوم ليست مع الدول الأربع فقط، بل مع المجتمع الدولي بأسره، ومع كل من يُكوى بنار الإرهاب، ومنذ الأسبوع الأول من الأزمة قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: «دولة قطر للأسف قامت تاريخياً بتمويل الإرهاب على مستوى عال جداً».
على قطر أن تعي أن الوقت الذي لا تتوقف عقاربه يداهمها، وأنها المتضرر الأكبر من سياساتها الشاذة، وأما الدول الأربع فهي ماضية بعزم وحزم وتخطيط وإنجاز لرؤاها وبرامجها وشق طريقها نحو القمم، وإذا أرادت قطر التراجع والتصحيح والعودة للصف العربي فهي المستفيدة من ذلك، والأبواب مفتوحة أمام كل عاقل يريد التصحيح.
وأما إذا أرادت قطر الاستمرار في نهجها العدواني وتلاعبها ومغالطاتها وارتمائها في أحضان إيران وما شاكلها والتنظيمات البائدة، فهي الخاسرة بكل تأكيد، وكما قيل: على نفسها جنت براقش!
وكل رهان سوى التراجع والتصحيح رهان خاسر، قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي: «إذا أرادت قطر تغيير نهجها سنكون جميعاً مرحبين بعودتها للصف العربي، أما إذا كانت تريد أن تستمر على النهج نفسه فلا أعتقد أن هناك حاجة لتغيير سياستنا الحالية، وهذا ما تعاهدنا وتوافقنا عليه».
نقلاً عن البيان الاماراتية