توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أقوياء قلقون... فماذا نقول نحن؟

  مصر اليوم -

أقوياء قلقون فماذا نقول نحن

بقلم: غسان شربل

لا غرابة أن يتبرم الباريسيون. التذمر جزء ثابت من مزاجهم. إنه يوم السبت والاستمتاع بالعطلة. لكن الطقس يعاند. تطلُّ الشمس سريعاً كاللص ثم تخلي المكانَ للغيوم ودموعِها فيختبئ المواطنون والسياح تحت مظلاتهم. ومنذ شهور صار للسبت طعم آخر. «السترات الصفراء» تواصل احتجاجاتها رغم تراجع جاذبيتها. والحوار الذي أطلقه إيمانويل ماكرون أظهر أيضاً صعوبة إقناع الفرنسيين. وثمة من يعتقد أن فرنسا تعشق الجدالات لكنَّها لا تحب التغيير.
السيد الرئيس ليس في أفضل أحواله. سيف استطلاعات الرأي مسلطٌ على عنق ولايته وصورته. وفي قصر الإليزيه يستطيع أن يقرأ أن بعض الفرنسيين بدأوا بالترحم على آخر أسلافه، رغم أن مرورهم في حياة الجمهورية لم يكن لامعاً على الإطلاق.
تكشف النقاشات في وسائل الإعلام الفرنسية شعور قسم غير قليل من المواطنين أن بلادهم في مأزق.
ثمة من يرى أن العالم قد سبقها. وأن الآمال التي علقت على الرئيس الشاب تصطدم الآن بصخور الواقع. وهناك من يعتقد أن انقباض الفرنسيين يرجع إلى شعور قسم كبير منهم أن بلادهم تراوح مكانها أو تتراجع. وأن الدور الفرنسي في العالم ينحسر.
يصعبُ على فرنسا أن تكون شريكة فعلية لسيد البيت الأبيض الذي يحب الرقص منفرداً. أسلوبه لا يترك دوراً بارزاً للحليف الأوروبي. ثم إن المركب الأوروبي نفسه يترنح على نار الطلاق البريطاني وصعود الأصوات الشعبوية وتزايد العداء للمهاجرين، والاعتراف بأن سياسات الاندماج تزداد تعثراً. هناك من يعتقد أن قفز بريطانيا من السفينة الأوروبية سيوفر لفرنسا فرصة غير مسبوقة للقيادة، خصوصاً مع استعداد المستشارة الألمانية للمغادرة. لكن الخبراء يسارعون إلى التذكير أن فرنسا لا تملك اقتصاداً قادراً على حماية دور كبير. ويلفتون إلى حجم الاختراقات الصينية في أفريقيا وهي القارة التي كانت فرنسا اللاعب الأول في أجزاء واسعة منها.
أزمة الدور مطروحة بجدية في فرنسا. ستبقى الأولوية للخيار الأوروبي. لكن قدرة أوروبا على انتزاع موقع مميز في النادي الذي يفترض أن يضمها مع أميركا والصين وروسيا تبدو محدودة فعلاً بسبب الوهن الذي أصاب الروح الأوروبية.
يهرب المسافرون أحياناً من ثقل الوقت فيفتعلون حوارات عابرة مع زملائهم في الطائرات أو الفنادق. وأنا أحب هذا النوع من الحوارات بين الغرباء، خصوصاً أن هدفه الوحيد مقاومة الضجر ووطأة الانتظار. سألني السائح الياباني في النادي الرياضي عن سبب زيارتي إلى باريس فأجبت أنه موعد عمل. ابتسم وقال إن المدينة تستحق ما هو أكثر من ذلك. إنها تستحق زيارات متكررة لتَفقُّدِ هذه الثروة الثقافية الكبرى التي تراكمت في أرجائها. تواعدنا على استكمال الحديث لاحقاً.
في بهو الفندق غلبتني المهنة فرحت أسأله عن بلاده. أشاد بما حققته اليابان في العقود التي تلت كارثة الحرب وبإرادة هذا الشعب الذي خرج مثخناً من الهزيمة المرة. وخلتُ أنني عثرت على رجل متفائل ففرحت، إذ إن غالب من نحاورهم يبثون في كلامهم قدراً غير قليل من القلق. ولم يتأخر السيد المتحدث في الانضمام إلى نادي القلقين.
سألته عن بواعث القلق لديه. قال: «كيف تستطيع أن تطمئن حين يكون لديك جار من قماشة كيم جونغ أون يجد متعة غير عادية في بناء ترسانة نووية، ويشرف شخصياً على إنتاج أجيال جديدة من الصواريخ؟».
لم يتأخر السائح في البوح أن قلقه الحقيقي ناجم عن ولادة جار عملاق يصعب التكهن بحقيقة نواياه؛ وهو الصين التي قال إنها تتقدم كل يوم وكل ساعة. قال إن الصعود الصيني غير مسبوق في عصرنا الحاضر، وستكون له تداعيات كبيرة على ميزان القوى العالمي في الاقتصاد والأمن وتالياً في السياسة. وذكر أن اليابانيين يتابعون بشيء من القلق كيف أزاحتهم الصين من موقع الاقتصاد الثاني في العالم، وكيف تحثُّ الخطى لاحتلال الموقع الأول وحرمان أميركا من مفتاح قوتها وهيبتها. رأى أن الصين تملك اليوم فائضاً مذهلاً من القوة لا بدَّ من أن تضيق به خريطتها، وهو ما سيترجم ميلاً إلى الهيمنة؛ ليس فقط في محيطها المباشر، بل على مستوى العالم أيضاً. ولاحظ أن الهجوم الاقتصادي الصيني في آسيا وأفريقيا وأوروبا يترافق أيضاً مع زيادة في الإنفاق العسكري تنذر بتبديل موازين القوى العسكرية أيضاً.
قال إن ما يقلقه هو شعوره بغياب آليات قادرة على احتواء صعود قوة من هذا النوع. لم تعد أميركا قادرة على لعب دور الشرطي في العالم، وإن كانت الخيار الوحيد المتاح أمامنا للحفاظ على قدر من التوازن في مواجهة الصعود الصيني.
غادر السائح لتفقد ثروات باريس الثقافية، ورحت أفكر في الشرق الأوسط الرهيب. في الجيوش المتبرمة بحدود الخرائط وفي الميليشيات الجوالة بين مسارح النزاعات. في حروب الماضي وكراهيات التاريخ. في البطالة والفقر وملايين المقيمين في المخيمات.
هل كان الشرق الأوسط يعاني ما يعانيه لو عثرت إيران على دينغ إيراني يحلم بتحويلها قوة اقتصادية ومن دون الرهان على الإقامة داخل خرائط الآخرين؟ وهل كان الشرق الأوسط يعاني ما يعانيه لو ضبطت تركيا أحلامها داخل حدودها ولم تنخرط في مشروع لتغيير ملامح المنطقة؟ ألم يكن من الأفضل للمنطقة برمتها لو انشغلت إيران وتركيا بمشروع تحول وإصلاح يرمي إلى الانخراط في معركة التقدم؟ لن يتغير الشرق الأوسط ما لم تتقدم سياسة الجسور على سياسة الجدران. إن الدرس الصيني يستحق وقفة طويلة.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقوياء قلقون فماذا نقول نحن أقوياء قلقون فماذا نقول نحن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon