توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طهران والزائر الياباني

  مصر اليوم -

طهران والزائر الياباني

بقلم: غسان شربل

يُفترض أن تكونَ زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى طهران المقررة بعد غد، علامة مميزة في الجهود الرامية إلى خفض التوتر في الأزمة الإيرانية - الأميركية. وللزيارة خصوصيتها لأسباب كثيرة. إنها المرة الأولى التي يزور فيها رئيس وزراء ياباني إيران منذ الثورة التي شهدتها في 1979. ثم إن الزيارة تتم بتشجيع أميركي واضح وبقبول إيراني صريح تمثّل في تحديد موعد للزائر مع المرشد علي خامنئي صاحب الكلمة الأخيرة في رسم الخيارات الإيرانية الكبرى.
المواقف التي تطلق في مرحلة استكشاف إمكانات التفاوض هي جزء من التفاوض نفسه. ولا غرابة أن تحفل بالإشارات المتناقضة. ولعبة التفاوض صعبة ومعقدة ولا يغيب التضليل عن مراحلها. وستر نقاط الضعف بالمواقف المتشددة والسقوف العالية أسلوب تقليدي في الاستعداد والتذكير بالأوراق. ولإيران تجربة طويلة في هذا الموضوع، إذ إنها كانت في العقود الأربعة الماضية طرفاً في علاقات شائكة ومعقدة، خصوصاً مع الدول الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة.
في الدوائر الدبلوماسية همس مفاده أن إيران مضطرة إلى إبداء قدر من المرونة، إذا أرادت فعلاً اختصار عمر الأزمة والخروج من «العقوبات الموجعة» التي ظهرت آثارها بوضوح على اقتصادها ويوميات عيش مواطنيها. ويشير دبلوماسيون إلى أن طهران قد تكون مستعدة لإبداء قدر من المرونة في مسائل محددة من نوع إيصال أسلحة الدمار الشامل، أي ما يتعلق بمدى الصواريخ الباليستية. ويميل هؤلاء إلى القول إن إيران التي أظهرت دائماً اهتماماً بالمحافظة على العلاقات مع دولة بثقل اليابان الاقتصادي والتكنولوجي ربما ستتحاشى اتخاذ مواقف قاطعة ونهائية تؤدي إلى فشل الزيارة وتعزيز موقف المتشددين في الإدارة الأميركية.
في المقابل، تبدي طوكيو اهتماماً كبيراً بالخروج بشيء يشبه الثقب في جدار الأزمة الحالية. وهذا الموقف يمكن فهمه في ضوء الأهمية التي توليها طوكيو للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تشكل مصدر 90 في المائة من وارداتها من الطاقة. استقرار الشرق الأوسط بند ثابت في تعامل طوكيو مع المنطقة، وهي تلتقي في هذا الطلب مع الصين المعنية هي الأخرى بهذا الاستقرار الحيوي لاقتصادها.
يمكن القول إن آبي، ورغم الطابع شديد التعقيد للأزمة، يجد ما يمكن الانطلاق منه للبحث. فبعد الإجراءات العسكرية التي اتخذتها في المنطقة، حرصت واشنطن على التأكيد أنها لا تسعى إلى الحرب، وأنها تفضل خيار التفاوض إذا أظهرت طهران الجدية اللازمة، وأنها لا ترغب في تغيير النظام، بل تعديل سلوكه. وبدورها، قالت طهران إنها لا تسعى إلى الحرب وهي بالتأكيد تعي الأثمان التي يمكن أن تترتب على مواجهة مباشرة مع الآلة العسكرية الأميركية. وبين المراقبين من يعتقد أن خيار التحرشات الصغيرة أو الضربات بالواسطة ليس متاحاً لإيران في الأزمة الحالية، خصوصاً بعدما تسلَّمت تحذيرات صارمة من الجانب الأميركي. وخيار التسبب بحرب بديلة في المنطقة يبدو صعباً هو الآخر لأنه سيشكل دليلاً على أن الاتهامات الأميركية لإيران بتحريك أذرعها في المنطقة تنطلق من قراءة واقعية.
قبل أربعة أيام من وصول آبي، حدَّد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ما اعتبره شروط نجاح مهمة الزائر. وقال الناطق باسم المجلس كيوان خسروي إن «عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وتعويض خسائر إيران ورفع العقوبات الدولية التي فرضتها واشنطن من الممكن أن تضمن النجاح». وحرص خسروي في الوقت نفسه على الإشادة بالعلاقات بين طهران وطوكيو. وقال إنها «شهدت مساراً متوازناً في غالب الأوقات» وإن «نهج اليابان في السياسة الخارجية يدعم بشكل أساسي المعايير القانونية والسياسية التي يتبعها المجتمع الدولي، ولم تتأثر بتقدم وتأخر التطرف». وإذا كان الجزء الأخير من الكلام يؤكد اهتمام إيران بالقناة اليابانية، فإن الحديث عن شروط نجاح الزيارة يندرج في باب السقوف العالية. فلو كانت واشنطن مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي لما كانت هناك أزمة أصلاً.
كلام المتحدث باسم مجلس الأمن القومي ترافق مع كلام لوزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أقر فيه بـ«بلوغ» الولايات المتحدة مرحلة النضج في وضع العقوبات الذكية على بلاده. وقال إن العقوبات الأميركية «مختلفة ومؤثرة» عن العقوبات السابقة، مشدداً على أن وزارته «تكافح» من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية وتخطي الظروف الحالية. واعترف أن قسوة العقوبات لم تقتصر على النفط، بل أصبحت أكثر شدة على قطاع النقل البحري والبنوك.
وفي سياق غابة الإشارات الوافدة من طهران، وعشية زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لطهران اليوم، صعّد وزير الخارجية محمد جواد ظريف لهجته ضد الأوروبيين، ودعاهم إلى تطبيع علاقاتهم التجارية مع بلاده، ملوحاً بعواقب إن لم يفعلوا. وبدوره، حمل رئيس البرلمان علي لاريجاني على تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون خلال لقائه مع نظيره الأميركي ووصفها بأنها «مخزية». وكان ماكرون تحدث عن ضرورة الوصول إلى «يقين كامل على المدى الطويل بالحد من النشاط الباليستي واحتواء إيران إقليمياً».
ولعل العبارة الأخيرة لماكرون هي المشكلة والمفتاح. بخروجه من الاتفاق النووي وفرضه عقوبات غير مسبوقة على إيران، أعاد دونالد ترمب طرح المسألة التي كانت طهران نجحت في إبقائها خارج التفاوض مع إدارة باراك أوباما، وهي مسألة الدور الإقليمي والصواريخ الباليستية. وثمة من يقول إن ظريف كان لمَّح لنظيره الأميركي إبان المفاوضات التي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي إلى أن موضوع الصواريخ والدور الإقليمي قابل للبحث لاحقاً. لكن المرشد سارع إلى إقفال هذا الباب بعد توقيع الاتفاق.
وسط الشكوك العميقة بين طرفي الأزمة وتناقض الرسائل والإشارات سيصل آبي إلى طهران آملاً في تبريد الأزمة وفتح كوة في الجدار. والخيارات ليست سهلة أمام إيران. انتظار نهاية عهد ترمب ليس خياراً مضموناً خصوصاً في ظل قسوة العقوبات واحتمال فوزه بولاية ثانية

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران والزائر الياباني طهران والزائر الياباني



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon