توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا حرب إيرانية - إسرائيلية

  مصر اليوم -

لا حرب إيرانية  إسرائيلية

بقلم : خالد الدخيل

 أخذت تتردد في الأيام الأخيرة أحاديث إعلامية عن إمكان مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران على المسرح السوري المستباح. كانت البداية مع إسقاط سلاح الجو الإسرائيلي طائرة درون (من دون طيار) إيرانية داخل فلسطين المحتلة. بعدها بأيام نفذت إسرائيل هجوماً جوياً دمر وفق صحيفة هآرتز الإسرائيلية، ما وصف بأنه نظام دفاع إيراني في قاعدة تي فور (T4) السورية. عندها بدأت التقارير والتحليلات تتراءى عن أن احتمالات المواجهة المباشرة بين الطرفين آخذة في الاقتراب.

وقد تعزز ذلك قبل يومين بتبادل تصريحات نارية متبادلة بين الطرفين. نائب قائد الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، خاطب الإسرائيليين بقوله «الأيادي على الزناد، وصواريخنا جاهزة للإطلاق... أنتم محاصرون... وتعيشون في فم الثعبان. لا تعقدوا أمالاً على أميركا وبريطانيا. لن يبقى لكم أثر عندما يصلون. في حال اندلاع حرب كونوا على يقين بأنها ستؤدي إلى محوكم». هذه تذكرنا بتصريحات الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، عام 1990، وهي تصريحات أكثر تواضعاً. إذ قال حينها بأنه إذا تعرض العراق لهجوم إسرائيلي فإن العراق مضطر لإحراق نصف إسرائيل. من جانبه نصح وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، «جميع من هم على الحدود الشمالية أن يفكروا جيداً قبل أي فعل». مضيفاً أنه « ليس من مصلحتهم اختبار الجيش الإسرائيلي. نحن جاهزون لأي سيناريو».

هل يحمل هذا التراشق الإعلامي مؤشراً على اقتراب مواجهة مباشرة؟ أبداً. هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بإزالة إسرائيل. هو تهديد يؤخذ ضدها سياسياً في حسابات الغرب والشرق. لكنه لا يؤخذ على محمل الجد. لو كان هدف إيران الحقيقي إزالة إسرائيل، لما دأب بعض قادتها، خصوصاً من الحرس الثوري، على ترديده عند كل مناسبة. مثل هذا الهدف يعني حرفياً في نظر الغرب العودة إلى سياسة المحرقة، فضلاً عن أنه يستهدف إعادة رسم الخريطة الجغرافية والسياسية للمنطقة. وليس من العقل والمنطق ترديد المجاهرة بذلك من قبل دولة لا قِبل لها أبداً بمثل هذه المهمة. وهي مهمة تضعها في حال صدام مدمر مع الغرب، بما في ذلك روسيا التي تتحالف معها طهران في سورية. وما صمت الغرب على تصريحات إيران إلا لأنهم يدركون بأن المستهدف من ترديدها ليس إسرائيل، وإنما عواطف وخيالات العرب والمسلمين، وهي عواطف مكلومة على خلفية الصراع العربي الإسرائيلي.

تهديدات إيران هذه لم تعد تؤخذ على محمل الجد حتى بين العرب والمسلمين. إذ كشفت ثورات الربيع العربي أن إيران تشترك مع إسرائيل في احتلال دول وأراضٍ عربية تتجاوز في حجمها كثيراً ما تحتله إسرائيل. السؤال في هذه الحالة، وبعد وضع موضوع القدرات جانباً: لماذا تريد إيران إزالة إسرائيل وهي توفر لها غطاء لاحتلال لا تستطيع المجاهرة به كما تفعل تل أبيب؟ احتلال إسرائيل معلن ومباشر، ويحظى بدعم غربي وروسي نهائي. أما احتلال إيران (في كل من العراق وسورية ولبنان) فهو في أغلبه احتلال بالوكالة من خلال ميليشيات ترتبط بها مذهبياً. ترى هذه الميليشيات أن نجاح إيران في مشروعها المذهبي في المنطقة يمثل رافعة لها داخل بلدانها. وبقدر ما أن الاحتلال بالوكالة يؤكد حرج إيران، إلا أنه يوفر لها غطاء يسمح لها بالمناورة في رفض تهمة الاحتلال بدعوى أنها مدعوة من قبل حكومات «شرعية». تسمح لها هذه الحكومات بإنشاء وتدريب وتسليح الميليشيات لصالح حمايتها من أعدائها السنة. يتكامل هذا الغطاء في شكل مزدوج مع الغطاء الإسرائيلي. إسرائيل كما تصورها إيران، ويصورها إعلام «المقاومة» الذي يعتاش على طهران، هي العدو الأول والأخير للعرب والمسلمين. أي محاولة لمواجهة إيران والحال كذلك تنطوي على تخل عن مواجهة احتلال مباشر لصالح الوقوف في وجه احتلال غير مباشر. سفسطة الأول، فالأول. من ناحية ثانية، إذا كان هدف إيران من احتلال دول عربية هو تحرير فلسطين، وإزالة إسرائيل من الوجود، فلماذا الاحتجاج؟! سؤال انتهازي فاقع، يتداخل مع سذاجة مصطنعة يستسلم لها بعض العرب تحت وطأة الشعور بالضعف والهزيمة.

هل من مصلحة إيران إزالة إسرائيل في هذه الحالة؟ هناك اعتبارات أخرى لا تقل أهمية تمنع المواجهة. أولها أن إسرائيل ترى في الدور الإقليمي لإيران جوانب إيجابية لها. فمن حيث أنه دور يرتكز إلى أيديولوجيا طائفية، وأداته ميليشيا من الصنف ذاته، هو يضاعف الانقسامات العربية طائفياً، ويتوافق مع مصلحة إسرائيلية قديمة. الفرق الآن أن إسرائيل تقطف ثماره من دون ثمن. منذ إنشائها عام 1948 كانت إسرائيل تواجه مقاومة شرسة من كتلة عربية سنية هائلة في حجمها تمتد من المغرب العربي في شمال أفريقيا إلى المشرق العربي في شرق آسيا. دخول إيران إلى هذا المشرق بأيديولوجيا وميليشيات مذهبية شيعية، بالتعاون مع حكومات محلية من المنطلق المذهبي ذاته، يخدم تفكيك هذه الكتلة، وإضعاف هيمنتها على المنطقة. وهذا بدوره يصب في مصلحة إسرائيل وإيران بغض النظر عن النوايا والأهداف النهائية لكل منهما. منطلق كل منهما في مشروعه هو منطلق ديني طائفي. لا يعني هذا أن بينهما مؤامرة مشتركة. ما بينهما تواطؤ تاريخي ضد العرب. وهؤلاء العرب كهدف مشترك هو ما يمنع الصدام بينهما حتى الآن.

المشروع الإسرائيلي أوجد لنفسه أرضية في فلسطين. يتخذ حتى الآن شكل الشعب من أجل الجيش وليس العكس. لكنه يحظى بقوة تدميرية كبيرة، وبشرعية دولية واسعة، فضلا عن تعهد غربي واسع بحمايته. أما المشروع الإيراني فلا يزال في بداياته، ولا يحظى بقوة عسكرية وازنة في ظل غياب سلاح للجو، وتجميد البرنامج النووي باتفاق دولي. يضاف إلى ذلك أنه مشروع لا يحظى بأي شرعية إقليمية أو دولية. بل يبدو أنه لا يحظى بشرعية واسعة حتى داخل إيران. أي مواجهة عسكرية مباشرة في هذا الإطار ستكون مدمرة بالنسبة لإيران. القيادة الإيرانية تدرك ذلك، خصوصاً الجناح السياسي الذي يبتعد في شكل واضح ومتعمد عن التورط في عنتريات مكشوفة. وهو ابتعاد يوحي بانقسام داخل القيادة. قبل هذا وذاك لا تملك إيران القدرة على فتح جبهة مباشرة مع إسرائيل وهي تتفوق عليها عسكرياً، وجبهاتها في العراق وسورية واليمن لا تزال مفتوحة وفي بداياتها. لنتذكر بأن عمر جبهتها العراقية يقترب من العقدين الآن. وجبهتها اللبنانية غير قابلة للإغلاق منذ 1982. أي حديث عن مواجهة وشيكة مع الدولة العبرية هو من نوع التهويل الذي يطرب له المرشد في طهران، وحسن نصرالله في بيروت. ليس أكثر من ذلك.

نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حرب إيرانية  إسرائيلية لا حرب إيرانية  إسرائيلية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon