توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بى خفيفة وخيبة ثقيلة

  مصر اليوم -

بى خفيفة وخيبة ثقيلة

بقلم : أمينة خيرى

 هذا وقد آليت على نفسى عدم الانخراط فى ملحمة البكاء على أطلال الإنجليزية الموشكة على الرحيل أو التهليل للتعريب واستعادة الهوية المنهوبة والانتماء المسلوب، وذلك إلى أن تتضح معالم خطة الإصلاح المقررة وأمارات إعادة الهيكلة المزمعة أو -كما جرت العادة- أن يتم التأجيل لأجل غير مسمى والتسويف لحين إشعار آخر غالباً لا يأتى.

وما يأتى إلينا هذه الآونة من علامات تحلل سلوكى داخلى وأمارات تهلهل أخلاقى لا تخطئه عين، ما هو إلا نتيجة متوقعة لما ألم بمدارسنا التى هى انعكاس للمجتمع برمته. فبدءاً بزى مدرسى فى المدارس الحكومية بات درباً من دروب الماضى لا يعترف به أحد، مروراً بمنظومة مدرسية لم تعد تحتفظ لنفسها بأسس، اللهم إلا سور ومبنى وبقايا من فصول، وأما السور فمزدان بآيات قرآنية تحض على العلم وأحاديث نبوية تشجع على النظافة وأقوال مأثورة تطالب بالوقوف للمعلم وأن نوفه تبجيلاً، لكن واقع الحال أمام السور ينضح بتلال من قمامة وجيوش من ذباب وأدمغة صغار خاوية من التعليم وأولويات معلمين غالباً تهيمن عليها منافع الدروس الخصوصية وتربية الصغار بالشتم والسب حيناً والضرب والسخرية حيناً.

والمبنى لا يختلف كثيراً، حيث اهتمام بطلاء الجدران وحرص على الإبقاء على معالم أثرية تشير إلى أن معلمين حقيقيين وطالبى علم أصليين مروا ذات يوم من هناك، وفى داخل الفصول فإنها لا تنضح بالعلم إلا قليلاً، ولا تعكس تربية ولا حتى رائحتها.

رائحة ما جرى فى نظام التعليم المدرسى المصرى تزكم الأنوف، فبدءاً بترسخ منظومة «بى ثقيلة» وقرينتها الخفيفة للتفرقة بين الـB وP، مروراً بمعارف يقسمون بأغلظ الأيمانات أن بين معلمى اللغة الإنجليزية فى المدارس الرسمية من لا يعرف قواعدها ولا يتقن أسسها، وليس مجرد نطق فاضح ومخارج حروف لا تمت للإنجليزية بصلة من قريب أو بعيد، وانتهاء بعلاقة كراهية تربط الصغار بالمدرسة، فهى إما شر لا بد منه، أو وسيلة للخروج من البيت والتزويغ من المدرسة إلى آخر معالم تحلل منظومة المدارس فى مصرنا المحروسة.

سنتر «المحروسة» يعد بمستوى تعليمى بازغ ونتائج لأبنائنا الطلاب تشرف وتكلفة أقل من مثيلتها فى المراكز المجاورة، إنه عالم المدارس البديلة الذى نما نمواً سرطانياً على هامش المدارس الأصلية حتى أكلها وهضمها وجار حالياً لفظها، والسنتر قد ينجح فى حشو الأدمغة بمعلومات أو يضمن نجاح أصحابها فى الامتحانات لكنه أبداً لا يربى أو ينشئ أو يعمل على تخريج مواطن ومواطنة صالحين، بل العكس هو الصحيح، فهل ينتظر أحد منا أن يتوجه ابنه إلى السنتر وهو يعلم أنه بات بديل المدرسة، وأن «المستر» الذى يتقاضى منه بضعة آلاف فى الشهر إنما يشرح ما يمتنع عن شرحه فى الفصل وذلك لقلة راتب المدرسة ثم يتحول إلى خريج يطمح إلى القيام بعمله على خير وجه والمشاركة بدور فى بناء مجتمعه؟ طيب بأمارة إيه؟!

الأمارات التى تحيط بنا تؤكد أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى «آى باد» لكل تلميذ، أو منهج «حزمة» يحوى تاريخاً وجغرافيا وعلوماً ورياضيات يدرس بالعربية لطلاب المرحلة الابتدائية، أو وضع كلمة النهاية أمام إنجليزية المدارس التجريبية، أو إنعاش تجارة المدارس الخاصة وضمان اكتناز أصحابها للملايين فى مشروعاتهم التجارية الجبارة، أو تحويل الامتحان من مسابقة سكب للمعلومات المختزنة على ورقة الإجابة إلى تشغيل للمخ عبر أسئلة اختيارات أو «أوبن بوك إكزام».

الأمارات تشير إلى أن المعلم الذى ينجب من الأبناء ستة، لأن تنظيم الأسرة حرام، هو ذاته الذى سيدعو طلابه إلى مناقشة أهمية الأسرة الصغيرة اتقاء لشرور سباق الأرانب المتفجر، وتشير كذلك إلى أن نسبة كبيرة من سائقى التوك توك غير القانونى وغير المرخص، الذى يرتع فى أرجاء المعمورة نماذج حية تؤكد مما لا يدع مجالاً للشك أن الذهاب إلى المدرسة مضيعة للوقت واستنفاد للجهد والمال فى مقابل أن تكون أسطى فى العاشرة أو الـ11 من عمرك تحقق 150 جنيهاً يومياً تؤمن لك السجائر وتضمن لك رجولة مبكرة.

والأمارات تشير إلى أن المعلمين أصابهم ما أصاب بقية المجتمع، فكما أن سائق التاكسى الأبيض يرفض تشغيل العداد لأنه يريد قدراً أكبر من المال، فإن المعلم يرفض أن يشرح فى الفصل طلباً لقدر أكبر من المال فى الدرس الخصوصى.

الأمارات يطول شرحها ولا تنتهى أمثلتها، لكننا لا نملك الوقت الذى داهمنا قبل عقود وانفتحت أغطية بالوعاته التى كانت مغلقة بإحكام بعد يناير 2011.

أكذب إن قلت إننى أمتلك حلولاً أو لدىّ رؤى، ومن ثم فأنا على العهد باقية وعلى إجراءات تطوير التعليم غير معلقة! فالـ«بى» بالفعل خفيفة لكن الخيبة ثقيلة.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بى خفيفة وخيبة ثقيلة بى خفيفة وخيبة ثقيلة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon