بقلم - نادين عبدالله
نظمت الأكاديمية العربية الألمانية للعلوم الطبيعية والإنسانية، تلك التى افتتح مؤخرًا مكتبها بالقاهرة بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، التابعة لوزارة البحث العلمى، زيارة تثقيفية إلى حديقة العلوم والتكنولوجيا المبهرة ببرلين. وتحتوى «الحديقة» على ما يزيد عن 500 شركة (تدر دخلاً يصل إلى 9 ملايين يورو)، وأكثر من 10 مراكز بحثية غير جامعية و6 مراكز بحثية تابعة لجامعة «هومبولت ببرلين» تعمل جميعها فى مجالات تكنولوجيا الصور والمعلومات والطاقة المتجددة والبيئة. وتعتبر «الحديقة» جزءًا أساسيًا من «مدينة ادلرسهوف» للعلوم والتكنولوجيا، أنجح المناطق المتخصصة فى هذا المجال فى ألمانيا. ويعمل بها أكثر من 18 ألف شخص: 25٪ منهم باحثون متخصصون وأساتذة جامعيون، و75٪ منهم هم موظفون لهذه الشركات العالمية.
والحقيقة هى أن فكرة تجميع الشركات العاملة فى مجال التكنولوجيا مع مراكز الأبحاث الجامعية وغير الجامعية كلها فى مكان واحد فكرة ملهمة إلى أبلغ حد. فالهدف من تخطيط المكان بهذا الشكل هو تعميق فرص التواصل والاستفادة بين الجانبين، بما يضاعف من إمكانية الابتكار والبحث العلمى والتنمية. فمن ناحية، تستفيد الشركات من المراكز البحثية المحيطة بها لأن باحثيها يساعدوها فى إنتاج أبحاث علمية تساهم فى التطور التكنولوجى فى المجالات المختلفة. ومن ناحية أخرى، يستفاد باحثو الدكتوراة، وغيرهم من الباحثين، من وجود فرص تمويل تعرضها هذه الشركات عليهم مقابل عملهم على أبحاث تساعد فى رفع جودة منتجاتهم تكنولوجيًا، ومن ثم، قدرتهم على المنافسة عالميًا، وبالتالى، معدل ربحهم. بل وفى أحيان أخرى يتحول هؤلاء الباحثون المبتكرون إلى أصحاب شركات كبرى ناجحة عالميًا لاكتشافهم أن ما اخترعوه مرة يمكن إنتاجه عدة مرات وبيعه، والتربح منه. وهو ما حدث بالفعل مع مخترع إحدى الأدوات التكنولوجية الخاصة بالكاميرات فى برلين، فباتت شركته من أنجح 5 شركات عالميًا فى هذا المجال.
وفى مدخل «حديقة ادلرسهوف» تجد تمثالين يلخصان حالة هذه المدينة بشكل خاص، ويشرحان سبب تقدم الدول بشكل عام. وهم عبارة عن رأسيين: الأولى، تنظر فى اتجاه، والثانية، تحدق فى اتجاه معاكس، لكنها، مع ذلك، ترى رأس التمثال الأول بزاوية ما. فهذان التمثالان يعبران عن حالة التناغم بين أصحاب المصالح أو الأفكار المغايرة أحيانًا والمتصلة فى أحيان أخرى. وهو ما يعنى إمكانية التشبيك بين التصورات والمصالح المختلفة، أو الأحجام عن ذلك، إذ لم يكن له قيمة مضافة، كله فى سلام ووئام. وهو ما يدعو للتأمل فقط لمن يبصر!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع