بقلم : مارلين سلوم
الجمهور لا ينسى، وإذا نسي فإن ذاكرة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تحرضه على التذكر، مقدمة له كل الإثباتات والدلائل ليكون شاهداً غير صامت.
صعب اليوم أن يسيء فنان لسمعته أو للفن أو للجمهور، دون أن يترك نقطة سوداء في ملفه، يعيد البعض وضعها تحت الأضواء متى استدعت الحاجة. وصعب أن تطلب من الناس فتح قلوبهم مجدداً لهذا الفنان، الذي آمنوا بموهبته يوماً، أو صدقوه وتأثروا به وبأعماله، فإذا به يخذلهم ويصدمهم، خصوصاً إذا سلك طريق التطرف.
أزمتان تواجههما «العدل جروب» اليوم، بسبب «محاسبة الجمهور لأهل الشاشة» إن صح القول. أزمة الإعلامي ابراهيم عيسى في «أرض النفاق»، وغناء فضل شاكر تتر مسلسل «لدينا أقوال أخرى». وفي المرتين، تضطر الشركة إلى التعديل وتتحمل الخسائر.
صحيح أن ابراهيم عيسى يطل في «أرض النفاق» ممثلاً لا إعلامياً، مجسداً شخصية غير شخصيته الحقيقية، إلا أن سيرة الإنسان و«ملف أعماله وأقواله ومواقفه» يلاحقاه في كل مكان، ويشهدا عليه، وفي زمن الانترنت الحافظ لكل تفصيلة وكل كبيرة وصغيرة، بات من السهل لأي كان أن يعيد فتح تلك الأوراق وعرضها على الملء للتذكير بما مضى. ولأن السعودية لم تطو صفحة مواقف ابراهيم عيسى منها، فإذا بها تشترط غيابه عن المسلسل كي تقبل بشرائه وعرضه على إحدى شاشاتها.
صحيح أيضاً أن فضل شاكر لا يشارك في التمثيل ولا يظهر شكلاً في «لدينا أقوال أخرى»، لكن منحه فرصة العودة إلى الجمهور من خلال غناء «شبعنا تمثيل» كلمات مدحت العدل وألحان عمرو مصطفى، أثارت غضب كثير من اللبنانيين.
هو بحكم الهارب من العدالة، ومازال ملفه أمام القضاء، والأهم أن فضل شاكر اعتزل الغناء قبل سنوات ليلتحق بأحمد الأسير وتنظيمه السلفي.
غضب الجمهور اللبناني لا علاقة له بتمييز طائفي أو عنصري، كما يروج البعض، وإنما هو غضب من مرحلة قرر فيها شاكر التخلي عن موهبته واعتداله، واعتبر «الفن حرام» وسواء حمل السلاح أم لا- كما يؤكد- إلا أنه سلك طريق التطرف والتعصب وهو أمر مرفوض كلياً، وقد اقتلع ثقة الناس به من الجذور، ومازال مختبئاً في أحد المخيمات في بيروت. فهل من السهل النسيان من أجل أغنية؟
قد يكون فضل شاكر اليوم في مرحلة العودة إلى الرشد والندم الحقيقي ويتمنى لو يستطيع محو النقطة السوداء من ملفه، إلا أن الجمهور لا ينسى، ويفتح أبواب محاكمه الخاصة ليحاكم كل شخصية عامة، باعتبارها مسؤولة عما تقول وتفعل، وعن كل اختياراتها، طالما ارتضت أن تضع نفسها في هذا المكان، وأن تكون محط الأنظار و«قدوة» بشكل ما.
«العدل جروب» تثير الجدل وتضمن لأعمالها أو على الأقل لهذين العملين دعاية قوية مباشرة قبل انطلاق عرضهما في رمضان؟ من المؤكد أن اسم النجمة يسرا يكفي لضمان إقبال الجمهور على مسلسلها، كما أن «لدينا أقوال أخرى» لا يحتاج إلى فضل شاكر كي يجذب جمهوره، ولا أعتقد أن شركة العدل تراهن على ما يستفز الجمهور اللبناني، الذي يعشق مصر والدراما المصرية، وبين البلدين أكثر من علاقة أخوة أو جيرة وانتماء. إنما في المقابل، لا تراهنوا على ذاكرة الجمهور ومشاعره، لأنه يسامح متى شاء ويحاسب متى شاء.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع