توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من مذكرات 30 يونيو أيضا

  مصر اليوم -

من مذكرات 30 يونيو أيضا

بقلم - عبد العظيم حماد

وهذه تفاصيل مناقشات جرت بينى وبين أطراف الصراع المختلفة، فى الفترة ما بين الإعلان الدستورى الإخوانى فى نوفمبر 2012، وبين 30 يونيو 2013، وكلها ــ كما سيتضح توًا ــ تظهر غياب مفهوم الدولة الحديثة عن جماعة الإخوان المسلمين، وحلفائها، أو عدم الإيمان بهذا المفهوم، كما تظهر قدرا كبيرا من الغفلة، والقراءة بالتمنى أو القراءة الخاطئة للمؤشرات، وربما الغرور البالغ حد تصور القدرة على مواجهة مؤسسات القوة والأمن فى مصر. 

فى الأسبوع الأول من ديسمبر، أى بعد مرور أيام على احتشاد جماهير الإخوان وحلفائهم أمام القصر الرئاسى، بدعوة من الرئيس نفسه، ليهدد بهم معارضى إعلانه الدستورى الديكتاتورى، تجمع هؤلاء المعارضون أمام القصر للاحتجاج، وربما الاعتصام حتى إلغاء هذا الإعلان، وسرعان ما انقض عليهم ناشطو الجماعة وحلفاؤهم، وقد استجلبوا على عجل بالآلاف، وأنهوا الاعتصام بالقوة.

فى صباح الخامس من ديسمبر، وكان أنصار الإخوان قد سيطروا تماما على الموقف، وقرروا هم الاعتصام لحماية الرئيس، أو لحماية الشرعية كما يقولون، قبل أن تطلب منهم قيادتهم فض الاعتصام بعد التفاهم مع مؤسسات بعينها فى الدولة فى ذلك الصباح تناقشت مع عدد منهم، وقد أوردت طرفا من هذه المناقشات فى كتابى الصادر فى إبريل 2013 بعنوان «الوحى الأمريكى.. قصة الارتباط البناء بين أمريكا والإخوان».

كانت قد تناثرت عدة صور فوتوغرافية للرئيس المعزول «محمد مرسى» على رصيف الشارع، فإذا بمحدثى يقطع الحديث، ويأمر أتباعه ــ باعتزاز وابتهاج واضحين ــ بجمع صور «البطل» من فوق الأرض احتراما لها وله، فسألته: أية بطولة تقصدها للرئيس؟ فقال إنه قهر العلمانيين والليبراليين، فعدت أسأل: هل هذه أمنيتك الشخصية، أم هذه هى خطة الجماعة التى أبلغتم بها؟ ولم أتلق جوابا، ولكنه اتجه بالحديث ناحية أخرى ليسألنى: هل يرضيك أن يجتمع زعماء جبهة الانقاذ بالسفيرة الأمريكية لمدة 8 ساعات فى مقر حزب الوفد؟ وهنا أكتفى بردى عليه، لأن بقية الحوار فى هذه النقطة تخرج عن السياق الأصلى لهذا المقال: إذ قلت له، ولماذا اجتمع كل زعماء الاخوان، قبل انتخابات الرئاسة التى جاءت بمرسى رئيسا، وقبل هذه الأزمة، وخلالها بكل مسئول أمريكى زار القاهرة، بالاضافة إلى السفيرة نفسها؟! وبالطبع لم يجبنى أيضا مباشرة، فغادرته متجها إلى بوابة نادى هليوبوليس، فإذا به يصرخ قائلا: طبعا أنت من أعضاء هذا النادى.. أفجر نادى فى مصر، نادى العلمانيين.

فى طريقى التقيت بأحد زعماء حزب سلفى من حلفاء الاخوان، وكنت أعرفه من أيام الدراسة الثانوية، وبعد الترحيب المتبادل سألته: لماذا جئتم لتفريق المعتصمين بالقوة؟ فأجابنى جئنا لنحمى الرئيس والشرعية ؟ فقلت: ألا تعلم أن حماية الشرعية هى مهمة المؤسسات الرسمية فى الدولة، وأنكم الآن تغتصبون هذا الاختصاص، وتصرون على مواصلة خطيئة الرئيس بدعوته لأنصاره فقط للاحتشاد لتأييد إعلانه الدستورى، ولتهديد المعارضين وبقية مؤسسات الدولة بهم؟! وكان رده على أن هذه المؤسسات تقاعست، أو يبدو أنها تتقاعس عن حماية الرئيس والشرعية.. فعدت أسأله وكيف سيمكنكم مواصلة حكم دولة لا تخضع مؤسساتها لأوامركم، أو لنقل إنها ترفض سياستكم؟ هل ستحاربون هذه المؤسسات أيضا؟! وماذا ستكون النتيجة؟ أليس الأجدى فى هذه الحالة أن تفهموا الدرس، وتتراجعوا عدة خطوات لنزع الفتيل، ثم تطرحوا أو تقبلوا مبادرة جديدة كلية للوفاق الوطنى، بدلا من اغتصاب اختصاص السلطات الرسمية لفرض رؤيتكم فى حرب شوارع؟ حتى وإن أدى الأمر إلى استقالة الرئيس، لأن ذلك أحفظ للبلاد وللديمقراطية، وأكرم للرجل، وللجماعة.

ولتأكيد أو لتأصيل هذه المعانى ذكرت له عدة أمثلة منها، خسارة حزب الوفد لكثير من شعبيته، فضلا عن سقوط حكومته عام 1937 بسبب انجرافه لتشكيل ميليشيا القمصان الخضر لمواجهة تحرشات ميليشيات حزب مصر الفتاة وفرق كشافة الاخوان، خارج القانون، وبعيدا عن مؤسسات الدولة، إذ كيف يعقل أن يقود الحزب الحاكم المنتخب حرب شوارع؟!

ومن الأمثلة التى ضربتها أيضا رضوخ الحكومة اليمينية فى إسرائيل لضغوط الأحزاب والرأى العام والمجتمع الدولى، لمنع المستوطنين من «أخذ القانون والسلاح بأيديهم» للاعتداء على الفلسطينيين، وذكرت له أيضا القصة المشهورة فى تاريخ اسرائيل فى بداية تأسيسها، وهى قصة أو حادثة السفينة ألتالينا التى كانت تحمل أسلحة تعاقدت عليها منظمة الأرجون بقيادة مناحيم بيجين، قبل اعلان الدولة، ولكنها وصلت إلى ميناء حيفا بعد ذلك الاعلان، إذ رفض رئيس الوزراء ديفيد بن جوريون رفضا باتا أن تحصل «الأرجون» على هذه الأسلحة، وطلب تسليمها إلى الجيش الرسمى، حتى لا يكون فى اسرائيل جيش خارج عن الشرعية، أو بندقية تستخدم دون أمر من الحكومة، حتى وإن استخدمت ضد «العدو الفلسطينى أو العربى»، وعندما رفض بيجين أصدر بن جوريون أمرا حاسما بإغراق السفينة، بما عليها، ومن عليها، وهو ما حدث فعلا، ليتدارك بيجين الموقف، ويأمر رجاله على البر بوقف المقاومة، والاستسلام للجيش، وذلك حتى لا تقع حرب أهلية، ويقتل يهودى يهوديا، رغم أن بعض أنصاره كانوا قد قتلوا بالفعل، وكاد هو نفسه يقتل، لولا أنه قفز إلى مياه البحر.

أتدرون ماذا كان رد زميلى القديم، السلفى وحليف الإخوان على تلك التساؤلات، وهذه الأمثلة: لم يكن الرد سوى عبارة واحدة: يفعل الله ما يريد.

هنا يظهر جليا ما قلناه فى بداية هذه السطور من أن مفهوم الدولة الحديثة الحاملة وحدها لمبدأ الشرعية، والمحتكرة وحدها للعنف والسلاح، غائب تماما ونهائيا عن فكر الاخوان وحلفائهم، أو أنهم لا يؤمنون به، إما لأن لديهم مرجعية أخرى، ليست هى مرجعية الدولة الوطنية الحديثة، وإما لغلبة الثقافة القبلية والريفية السابقة على عصر الحداثة على تكوينهم النفسى والعقلى، والأرجح أنهما السببان معا.

نأتى الآن قراءتهم الخاطئة أو تفسيرهم بالتمنى للمؤشرات، ونبدأ بالسؤال التالى: ألم يكن تقاعس المؤسسات الرسمية عن الدفاع عن القصر الرئاسى ضد محاولات اقتحامه، واضطرار الرئيس للهروب من أبوابه الخلفية فيما تلا ذلك من أحداث مؤشرا كافيا على أن هذه المؤسسات خرجت من أيديهم، أو خرجت عليهم، مع ملاحظة أننى هنا لا أبرر محاولات المتظاهرين اقتحام قصر الرئاسة، ولا أعتبرها عملا مشروعا، إلا أنى أعود وأذكر بأن من بدأ الاحتكام إلى «الشارع» هو الرئيس الاخوانى نفسه، بحشد أنصاره بعد صلاة عصر الجمعة التالى لاعلانه الدستورى ليهدد الجميع بهم، والبادى أظلم كما نعلم ونقر جميعا.

زيادة على ذلك كنت قد قابلت فى مناسبة اجتماعية حافلة فى أواخر شهر يناير التالى عددا كبيرا من معارضى الاخوان المدنيين، من أعضاء جبهة الانقاذ وغيرهم، وبالطبع لم يكن هناك حديث سوى عن الأزمة السياسية المحتدمة فى البلاد حول سلطة الاخوان، وكان الجميع يتحدثون، بمعلومات واثقة عن اقتراب النهاية بسقوط هذه السلطة، فقال أحدهم إن تقديره للموقف بناء على معلوماته أنه لو كان اعتصام المعارضة الذى نظم فى أوائل يناير استمر أكثر من أسبوعين، لكان كل شىء انتهى، وقال آخر إن الدول الاقليمية المؤثرة مستعدة لمساندة أى تحرك لاسقاط الاخوان إلى آخر المدى، فهل يعقل أن الجميع كانوا يعرفون ذلك، ويتداولونه فى كل مناسبة، بينما الاخوان «سادرون فى أوهامهم اللذيذة» بأن كل شىء على مايرام، وأنهم سوف يستطيعون قلب المائدة بصفقة مع الدولة العميقة؟ وما هو تفسير ذلك سوى الغفلة، والقراءة المغرضة للمؤشرات، أو التفكير بالتمنى.

على أية حال، وسواء كان التفسير الشامل لحسابات الجماعة هو غيبة مفهوم الدولة، أو عدم الإيمان به، أو الغفلة ونقص الكفاية، فإن الخلاصة أو العبرة هى أن أحدا لا يستطيع أن يصنع المستقبل بأدوات وأساليب الماضى، وهذا يسرى على الجميع، لأنه يبدو أن كل الأطراف فى مصر أسيرة.. كل لماضيه.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من مذكرات 30 يونيو أيضا من مذكرات 30 يونيو أيضا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon