بقلم : صفية مصطفى أمين
حزينة لما يحدث في الجزائر.. وأتمنى أن يعلن الرئيس «بوتفليقة» انسحابه من الحياة السياسية مع انتهاء ولايته في 27 من الشهر المقبل، وتبدأ فترة انتقالية يتولاها مجلس رئاسى مؤقت يضم شخصيات وطنية نزيهة، لا تبقى في السلطة بعد ذلك. وبعد حل مجلس الأمة يتم إطلاق حوار وطنى لتعديل الدستور مع التزام الجيش والشرطة بمهامهما المتفق عليها.
ما يحدث مع الرئيس الجزائرى الآن ذكرنى، بـ«الحبيب بورقيبة» الرئيس الذي حكم تونس لمدة ثلاثين عاما.. ورفض أن يخرج من الحكم، وإنما أخرجوه. كان أفضل له ولشعبه الذي أحبه واحترمه وأيده في كفاحه من أجل الاستقلال، أن يقرر بنفسه ترك الحكم قبل إقالته بسنوات طويلة، لكنه للأسف عندما تولى المنصب تصور أنه دائم، لا يخرج منه إلا بالموت أو بالاعتقال.
كان بورقيبة شخصية عظيمة في بدايته وهو يناضل ويجاهد من أجل استقلال بلاده. عاش جزءا كبيرا من حياته في المنفى مشردا ومطاردا، ولكنه ظل مؤمنا بحق شعبه بأن يعيش حرا. فعشقه شعبه، ولكنه لم يتحمل أن يحكمه ثلاثين عاما بلا انقطاع. في سنوات حكمه الأخيرة أصابه الكبر والضعف والمرض. مرة يرضى عن زوجته «وسيلة بن عمار» ويعطيها دورا مؤثرا في الحياة السياسية، ومرة يطلقها ويسحب منها لقب الماجدة ويخرجها من البلاد. مزاجه المتقلب كان يظهر في كثير من تصرفاته، مثل مساندته رئيس وزرائه «الملالى» وإعلانه أنه خليفته، ثم قراره المفاجئ بعزله ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
كانت تونس في أواخر عهده تعيش على قمة بركان. لم تكن تعرف ما يحدث في اليوم التالى. كان الشعب يتوقع انفجاره بين لحظة وأخرى. من هم في قمة السلطة كانوا يتوقعون أن يطردوا أو يسجنوا في اليوم التالى، إذا دُعى أحدهم لمقابلة الرئيس لا يعرف إن كان سيعود إلى بيته أم إلى السجن.
لم تحصل تونس للأسف على الحرية ولا الديمقراطية التي كانت تتمناها بعد انتهاء عهد بورقيبة. ولكن خروجه من الحكم حافظ على تاريخه النضالى من تشوهات أصابت حكمه بسبب أفعاله المتضاربة. وما زال الشعب التونسى يسعى لتحقيق الديمقراطية الحقيقية التي حرم منها طويلا!
نعود للرئيس بوتفليقة الذي أتمنى- حفاظا على استقرار وطنه وسلامته- أن يبارك اختيار مجلس رئاسى، بعد تنحيه عن الحكم، وأن يؤيد حق الشعب الجزائرى في الحرية والديمقراطية وتقرير المصير.
نقلا عن المصري اليوم.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع