بقلم - ماجدة الجندي
راجعت الخبر المنشور فى الزميلة «الشروق»، أكثر من مرة حتى أتيقن من مفرداته، وأن له اسماً متعيناً حرره ووثقه، وتسمرت لدقائق حتى أتمكن من الاستيعاب، الهادئ، ليتسنى لى كمواطنة التساؤل الذى سوف أجتهد ليأتى هادئاً ومنطقياً، فلعل العالم قد تطور إلى مدى لم أستطع اللحاق به، ومن ثم يكون ما قرأته له نظائر فى بلدان أخرى لا علم لى بها، ومن ثم لا يكون لكل ما اعترانى من «وجع قلب» و«خوف» و«عدم تصديق»، مبرر، وإن كنت فى قرارة نفسى أدعو الله ألا يكون الخبر المطول صحيحاً، وألا يكون الولع بفكرة الاستثمار، قد حاد عما يجوز أن يطرح للاستثمار وما لا يجوز، لأنه وفق اجتهادى المتواضع هناك ما ينبغى أن يظل فى حوزة «الدولة» كممثل شرعى نأتمنه على الوطن، الحكاية أن وزارة البيئة فى طريقها إلى تأجير المحميات الطبيعية المصرية، وطرحها بحق الانتفاع لمستثمرين من القطاع الخاص، والمحميات الطبيعية ببساطة جزء من أراضى الأوطان له خصوصية شديدة وتفرد أشد، إما لاحتوائها على النادر من مكونات الطبيعة كالنباتات والطيور أو الآثار العتيقة أو تكون مهداً لحضارات أو باختصار كل ما هو نادر وما لا يتكرر. الزميلة «الشروق» قالت فى عددها الصادر يوم الاثنين إن وزارة البيئة انتهت بالفعل إلى قرار طرح محميتين طبيعيتين على القطاع الخاص لإدارتهما وتشغيلهما، وذلك حسب تصريحات وزيرة البيئة ياسمين فؤاد، وإن المحميتين المرشحتين هما محمية وادى دجلة، والمحمية الثانية، يتم المراوحة والاختيار فيها، بين محمية «رأس محمد» أو محمية «الغابة المتحجرة»، وإن حق الانتفاع للمستثمر سوف يتراوح بين خمس وعشر سنوات، كما أن رسوم الانتفاع سوف تتحدد وفق طبيعة المحمية وحجم أعمال البنية التحتية التى سوف تقوم وزارة البيئة بمدها إلى المحميات قبل أن تسلمها للمستثمر! وليس هذا كل شىء، فمصدر مسئول بالوزارة قال فى تصريحات سابقة إن هناك خمس عشرة محمية طبيعية فى عدد من محافظات مصر سوف يتم طرحها فى الفترة المقبلة بعد دراسة ومراجعة طبيعتها للتأكد أن حق الانتفاع لن يضر بالتنوع الموجود بها (!!) وهذا جرى قبل إعلان الوزيرة عن طرح المحميتين: وادى دجلة ورأس محمد أو الغابة المتحجرة، طيب لنبدأ بتصور أن مستثمراً منحناه حق الانتفاع «برأس محمد».. رأس محمد التى تحوى أندر غابات الشعب المرجانية التى تكونت عبر آلاف السنين والأسماك الملونة والسلاحف المائية، وقلنا له والنبى خلى بالك منها ما هو المتوقع؟... الغابة الحجرية الموجودة فى منطقة التجمع، التى تضم أندر الحفريات التى يعود تاريخ أجزاء بها إلى أربعين وستين مليون سنة قبل الميلاد، هل يمكن أن نعقل أن يديرها مستثمر؟!.. طيب فى مصر نحو ثلاثين محمية طبيعية، منها محميات مثل الواحات البحرية فيها مقابر أثرية - مقابرة الأسرة ٢٦ - وجبانة الطيور المقدسة وبقايا قوس النصر الرومانى وأطلال معبد إيزيس، هل يأتى يوم نؤجر الآثار والمعابد لمستثمر بحق الانتفاع؟! ولماذا نستبعد أن نفعل نفس الشىء فى الكرنك والأهرامات؟!
وفق ما نشر أن القرار قد تم اتخاذه وأن الباقى عمل إطار تشريعى يتمثل فى إعلان قانون إنشاء الهيئات الاقتصادية للمحميات، الذى سوف يراجعه مجلس الدولة.. يعنى مسألة وقت.. فهل «قُضى الأمر».
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع