بقلم - نشوى الحوفى
سيظل القطاع الخاص فى مصر مستهدفاً حقيقياً لإحداث التنمية المستدامة التى تسعى لها الدولة بكل ما أوتيت من جهد، فى ظل حرب شعواء تتهم مصر -زوراً- طيلة الوقت بإعاقة عمل القطاع الخاص لتيسير سيطرة القوات المسلحة على عالم الأعمال، كما ادعت ميشيل دان، عضو مؤسسة كارنيجى بواشنطن، فى جلسة استماع خاصة عقدت بالكونجرس! ورغم نفى الحقائق لتلك الأكاذيب وتصريح الرئيس السيسى نفسه لإعلام الغرب بأن الجيش لا يسيطر إلا على ما يقترب من 2.5% من الاقتصاد المصرى، إلا أنهم يستغلون دوماً تراجع القطاع الخاص لتأكيد حديثهم.
الواقع يقول إن زيادة مساهمة القطاع الخاص فى مصر تستند على عناصر عدة فى مقدمتها أسلوب إدارة الدولة لهذا الملف الذى يعانى بيروقراطية وفساد الجهاز الإدارى رغم إصدار قانون الاستثمار. نعم لدينا وزارة استثمار مقترنة بوزارة للتعاون الدولى تم ضمهما تحت مسئولية واحدة، إلا أن تحليل أخبار وزارة الاستثمار يمنح القارئ صورة لسيطرة أخبار توقيع القروض والمنح على أخبار افتتاحات المصانع وحل مشكلات المستثمرين، التى ربما لا تكون كلها بسبب الوزارة وحدها بل بسبب المنظومة الحكومية كلها، إلا أن عبء تذليل عقبات الاستثمار يقع على كتف الوزارة وما يتبعها من مؤسسات وما تتصل به من مجالس، فالمفترض أن هذا كل شغلها.
ونأتى لمنظومة القوانين المتصلة بالاستثمار فى القطاع الخاص، أصدرنا قانون الاستثمار وتناسينا مناخ تطبيق هذا القانون وما يتصل به من قوانين أخرى ومسئولين عن جعله واقعاً، وظننا وبعض الظن إثم أن حملة تسويقية بعنوان «استثمر فى مصر» فى بعض القنوات ربما تُسهل كافة العقبات وتمحو مظاهر التعامل المُنفر مع رأس المال الخاص الذى يحتاج لجدية واهتمام ورعاية والتزام ونماذج تحكى بلا تصريحات أو صور حكايات النجاح لجذب المزيد من الاستثمارات.
ثم تأتى ثالث تلك العناصر المهمة المتصلة برأس المال الخاص نفسه، الذى يمثل جماعة ضغط مهمة فى أى مجتمع ألا وهم رجال الأعمال الذين لا يعبرون فقط عن مصالحهم الخاصة فى جنى المال وتحقيق المكانة، ولكنهم أيضاً يعبرون بشكل أو آخر عن قوة تأثير التوكيلات العالمية وترابطها فيما بينها وصبها فى قلب بعضها صباً، وهذا لا يعنى التشكيك أو التخوين، ولكن يعنى بصدق أن رأس المال الخاص فى مصر لم يقدم أوراقه كرأسمال وطنى حتى تلك اللحظة إلا من رحم ربى، فالجميع يتحرك بمنطق الضغط أو جنى المصالح، فلم نر نموذجاً -مع فارق الزمن والتصور- لطلعت حرب الذى لم يكتف بتأسيس بنك مصر ولكنه أسس لنحو 34 شركة تحمل اسم مصر فى كافة المجالات فى عز سيطرة الاحتلال الإنجليزى على البلاد واقتصادها، ولم نسمع عن أسماء اقتصادية تتبنى افتتاح المشروعات الموفرة للعمالة والمُضاعفة للإنتاج فى المناطق الأكثر فقراً، هل يعقل أن تتجه شركة سامسونج لصعيد مصر لإنشاء أكبر مصنع إلكترونيات بها بينما يتجه ساويرس لشراء أكثر من نصف وكالة أنباء أيورونيوز؟! ويكون السؤال أين رجال الأعمال والمال المصريون من خريطة مصر الاستثمارية -إن وُجدت بجدية- لتقسيم مجالات الاستثمار بها فيما بينهم وفقاً لتخصص كل منهم؟
أعتقد أنه قد آن الأوان لفتح ملف الاستثمار الخاص بجدية فى كافة مؤسسات الدولة وبعيداً عن استعراض الصور والأخبار للمسئولين، فنحن بحاجة لمن يمنح الإنتاج فى بلادى قبلة حياة تدعم قدرتنا على سداد ما اقترضناه لنبنى مصر.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع