بقلم - نشوى الحوفى
أؤمن بأن صناعة الإرهاب واحدة فى العالم، فلا علاقة بالعقائد السماوية بها. فهو فكر يصنعه من يسعى لتسيد العالم والسيطرة عليه بالسلاح والسياسة والاقتصاد وربما المرض. ولهذا لا فارق لدى بين أليكس فينز الألمانى قاتل المصرية مروة الشربينى فى دريسدن بألمانيا عام 2009، أو بريفيك النرويجى قاتل 74 من مواطنيه عام 2011، وبين البغدادى أو الظواهرى أو هشام عشماوى. فكلهم صناعة التطرف أياً كان اتجاهه، وكلهم يخدم أهدافاً صهيونية المنحى.
ولذا توقفت أمام التقرير الصادر من معهد الاقتصاد والسلام الدولى ومقره أستراليا مطلع ديسمبر المنصرم، والذى نشرته مواقع الأخبار العالمية، عن حال الإرهاب فى العالم على مدار العام الماضى وما حواه من أرقام حاولت رصد العمليات الإرهابية وضحاياها. بما يعكس الحجم والتمويل وعدد الضحايا وترتيب الدول.
ذكر التقرير أن العام 2017 شهد انخفاضاً فى عدد القتلى فى العمليات الإرهابية فى العالم بنسبة 27% بعدد 18 ألفاً و814 قتيلاً. مؤكداً تحسن الحال الأمنى فى نحو 94 دولة فى العالم بما يشكل علامة بارزة فى جرائم الإرهاب منذ العام 2004 مبرراً ذلك بانحسار تأثير ميليشيات «داعش» فى سوريا والعراق. أما من حيث الخسائر الاقتصادية فقد ذكر التقرير أن حجم الضرر الدولى نتيجة للإرهاب فى كل دول العالم كان 52 مليار دولار فى العام 2017 مقارنة بنحو 89 مليار دولار فى 2016.
أما فيما يتعلق بالإرهاب فى أوروبا فقد ذكر التقرير تحسن الأوضاع فى البلدان التى ذاقت وباله فى العام 2016 مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، إلا أنه أشار إلى تدهور الوضع الأمنى فى إسبانيا مع تكرار حوادث الإرهاب بها. إلا أن من أهم ما يلفت النظر فى هذه الجزئية هو ما ذكره التقرير عن ارتفاع معدلات الإرهاب المتسبب فيه اليمين المتطرف فى أمريكا الشمالية وأوروبا، راصداً 59 هجوماً بحصيلة 17 قتيلاً. مرجعاً سببه للصراع الأيديولوجى وإرهاب الدولة، مؤكداً زيادة التهديد السياسى لليمين المتطرف.
أما أفغانستان فقد احتلت أعلى الدول فى نسب الضحايا من الإرهاب فى العام 2017 بسبب وقوع 2419 ضحية من أفراد الشرطة والجيش بسبب عمليات طالبان الإرهابية، رغم بدء مفاوضاتها مع واشنطن للمصالحة مؤخراً فى الإمارات!
كما رصد التقرير تراجع دخول أكبر عشر جماعات إرهابية من نحو 5 مليارات دولار فى 2014 إلى 3.7 مليار دولار فى 2017، وبينما تراجع تمويل تنظيم «داعش» فى نفس الفترة من 2 مليار دولار، إلى 200 مليون دولار فقط، رصد التقرير تحسناً ملحوظاً فى مداخيل طالبان والقاعدة وفقاً لموقع فوربس الذى ذكر توزع مصادر دخل الجماعات الإرهابية بين غسيل أموال وتجارة المخدرات والتمويل الدولى، وتجارة البترول والسلاح.
أما فيما يخص مصر فقد تضمنها التقرير بأكثر من رقم، أولها أنها احتلت المرتبة التاسعة عالمياً من حيث تكلفة الإرهاب بواقع 0.8% من الناتج المحلى، بسبب عملية استهداف مسجد قرية الروضة بمركز بئر العبد بسيناء الذى راح ضحيته 311 مصلياً، وهو ما يمثل ثانى أكبر عملية إرهابية عالمياً فى 2017، بعد تفجير فندق سفارى فى الصومال الذى راح ضحيته 588 شخصاً.
يتحدث التقرير عن أرقام تمويلات وخسائر ونسب عالمية تدرك منها أنه لا علاقة للإرهاب بعقيدة سماوية، وأن تراجع العمليات ربما يشير لتأثر الإرهاب العالمى والإقليمى بتناقص التمويل لنحو 40% عن العام 2016، ولكنه لا يعنى توقف تأثيره المرتبط بمواجهة الأيديولوجيا الفاسدة فى العالم أياً كان اتجاهها.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع