بقلم - نشوى الحوفى
بينما تكافح بلادى حروباً فى الداخل والخارج من أجل الوجود، تتأتّى الأخبار من حولنا معلنة استمرار الضغوط والتلاعب بمقدّرات المنطقة التى يُخشى على مستقبلها القريب.
تنتبه لذلك التصريح الصادر عن واشنطن محركة قطع الشطرنج على رقعة ملتهبة، والذى أصدرته «رويترز»، أمس الأول السبت، ويعلن فيه مسئولون أمريكيون عن لقاء مرتقب يجرى الإعداد له بين ولىّ العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان وولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثانى، بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال الشهرين المقبلين بواشنطن لحل الخلاف بين الجيران فى الخليج. ها هى واشنطن تمارس ضغوطاً جديدة بفرض قطر على الخليج بعيداً عن مصر التى أدارت هذا الملف بحنكة سياسية أظهرت جدواها رغم مكابرة الأطراف المستفيدة من دعم الإرهاب فى المنطقة وفى بلادى.
يأتى هذا فى ظل دعوة قطر لنظام إقليمى يضم كلاً من تركيا وإيران، وهو ما يؤكد حقيقة علاقة المصالح بين واشنطن وطهران! إذ إن المعروف أن قطر منتج منفذ لسياسات واشنطن كما تُملى عليها، ليكون السؤال: هل إيران عدو يستحق المواجهة؟ أم لاعب يمكن احتواؤه إن وُجدت الرغبة والمصلحة ويكفى استخدامه كفزاعة إلى حين انتهاء دوره؟ فى ظل تقارب إيرانى قطرى غير خافٍ منذ سنوات فى ملفات السياسة والاقتصاد وهدم الدول العربية، تبدّى فى أبرز ملامحه بحماية العرش القطرى بقوات الحرس الثورى الإيرانى ومد قطر بما تحتاجه من مؤن منذ المقاطعة المصرية الخليجية لقطر فى يونيو 2017 وفقاً لمعاهدة الدفاع المشترك الموقّعة بين البلدين منذ سنوات تقترب من العشر.
ليست قطر وحدها، وليس الخليج وحده، ما بدأت واشنطن فى إعادة ترتيب أوراقه، ولكن جاءت أخبار فلسطين المحتلة والقدس المنهوبة على لسان الدبلوماسيين الأمريكيين فى الأيام القليلة الماضية لترسم علامات استفهام ضخمة عن مستقبل المنطقة لا مستقبل فلسطين وحدها، ففى الوقت الذى أعلنت فيه مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة «نيكى هايلى»، يوم الخميس الماضى، بمعهد سياسة جامعة شيكاغو، بأن الملامح النهائية لما سموه «صفقة القرن» توشك على الانتهاء بوضع صيغة اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، جاء إعلان وزارة الخارجية الأمريكية الجمعة الماضى بأن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة سيتم فى شهر مايو المقبل بمناسبة الاحتفال بمرور ذكرى سبعين عاماً على إعلان إنشاء دولة إسرائيل! ولا أدرى عن أى سلام يتحدثون بينما إجراءاتهم تجرى على قدم وساق لتنفيذ ما سبق لهم الاتفاق عليه؟
برؤيتى المتواضعة فإن تلك الأخبار ليست مجرد محاولة أمريكية لترتيب قطع الشطرنج بما يخدم أهدافها وخططها الموضوعة مسبقاً لمستقبل المنطقة ومن بعدها العالم وفقط، ولكننى أراها محاولة جديدة لفرض واقع على بلادى التى باتت تشق طريقاً مستقل القرار بما يضمن استقرار الوضع لها فى منطقة تتآكل حدودها وتنهب الفوضى أرضها ويسود مستقبلها الغموض. انتبه لرفض أمريكا أو تباطؤها فى تسليم الصواريخ الخاصة بالطائرات الرافال لفرنسا لتسليم دفعة مصر المتفق عليها منذ العام 2014، وانتبه لتركها تركيا تمارس تهديدها لمصالح قبرص واليونان الاقتصادية فى شرق البحر المتوسط التى باتت مصر طرفاً أساسياً بها.
تُرى هل يدرك الجميع ما يحاك لنا؟
نقلا عن الوطن القاهرية