بقلم - نشوى الحوفى
هل لما يدور على أرض سيناء علاقة بانتخابات رئاسية ستجرى وقائعها بعد عدة أسابيع فى بلادى؟ هل ما يقوم به أبنائى فى سيناء من تطهير وحماية رد على اتهامات جوفاء رددتها معارضة تدمن السفسطة من دون الفعل؟ بالطبع لا. فتحركات القوات المسلحة لا تتم بين عشية وضحاها، بل وفق مخططات ومعلومات وتحضير، كما أن فهم الحرب على الإرهاب فى مصر يحتاج للتوقف أمام تقرير الأمم المتحدة عن تنظيم داعش الصادر فى 31 يناير 2018 وبه استعراض للتنظيم فى كل العالم وتأثيره على دوله ووجوده فيها بما فيها مصر.
فالتقرير يتناول، فى 22 صفحة، ما آل إليه حال «داعش» اليوم وكيف أنه، ورغم خسارته 90% من دخله بعد فقد السيطرة على منافذ البترول فى سوريا والعراق، لا يزال قادراً على تمويل نفسه عبر الحوالات والنقل المباشر للأموال أو جمع المال بطريق الابتزاز ونقط التفتيش والضرائب التى يفرضها على شبكات تهريب السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر كما فى ليبيا، مع إصراره على إعلان استمراره بتبنّيه عمليات لم يقم بها. وذكر التقرير أن «داعش» يتعامل اليوم من خلال شبكة عالمية تتميز بترتيب أفقى ولكن مع تراجع سيطرته على عمليات الجماعات المرتبطة به مثل «أنصار بيت المقدس» فى سيناء، وهو ما يعنى زيادة اعتماد التنظيم على أفراد ومجموعات صغيرة لتنفيذ عملياته عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى.
استخدم التقرير تعبيراً جديداً هو «المسافرون المحبطون» لوصف المتطرفين المؤمنين بأفكاره ممن فشلوا فى السفر لأماكن وجود التنظيم أو الجماعات المنتمية له، وأن هؤلاء يشكلون مع المقاتلين الأجانب الذين عادوا لبلادهم أدوات تنفيذ عمليات التنظيم فى كل دول العالم، وأنه على الرغم من الخلاف فى القيادة بين «داعش» و«القاعدة» فإنه ليس خلافاً عقائدياً، لكنه خلاف رؤى ومصالح، ولذا فإن أعضاء التنظيمين مستعدون لدعم هجمات بعضهما، تماماً كما حدث من صراع بين «الشاطر» و«أبوالفتوح» على قيادة الجماعة وانتهى بانفصال أبوالفتوح الذى ظل على عقيدته الإخوانية.
وفى الجزء الخاص بمصر يتحدث التقرير عن عمليتين لـ«أنصار بيت المقدس» هما عملية سرقة أحد بنوك العريش فى أكتوبر 2017 لتمويل عملياته، ومذبحة الساجدين فى مسجد الروضة فى نوفمبر 2017 التى قُتل فيها أكثر من 300 شخص. هذا غير عمليات تفجير بعض الكنائس من قبَل متعاطفين مع التنظيم. وبالنظر لعبارة «المتعاطفين مع التنظيم» تجد أنهم إخوان، فمن قُبض عليهم فى قضايا التفجير فى الكنائس كانوا منتمين لحركة «حسم» الإخوانية التى اعترفت بمسئوليتها، بما يدل على أمرين، أولهما عدم وجود فارق بين إرهابى يعلن انتماءه لـ«بيت المقدس» أو لـ«داعش» أو لـ«المرابطين» أو لـ«القاعدة» وبين «الإخوان»، وثانيهما أن تقرير الأمم المتحدة يفنّد ما يحدث فى مصر فى إطار حرب العالم على الإرهاب مع شرح العلاقة بين «داعش» و«أنصار بيت المقدس» والمتعاطفين معه، وهو ما يعنى عدم صحة وصف الإعلام الغربى لما يحدث فى سيناء بأنه «تمرد» أو معارضة مسلحة. بل هو إرهاب دولى تموله مخابرات دولية وإقليمية، وهو ما يفسره حديث التقرير عن أن التنظيمات التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» فى أفريقيا، بما فيها جماعة «بوكو حرام»، أرسلت مقاتلين إلى ليبيا التى يوجد بها قيادى بارز من تنظيم «داعش» بات عضواً فى مجلس شورى تنظيم «أنصار بيت المقدس» فى سيناء.
ولذا فما يحدث فى سيناء اليوم هو حرب مخابرات أكثر من كونها حرب ميليشيات ممولة. ونتذكر تقرير الـ«بى بى سى» المنشور فى ديسمبر 2018 بعنوان «الرقة- السر القذر» الذى تناول خروج مقاتلى «داعش» من الرقة بحماية أمريكية- بريطانية، ثم تصريح «أردوغان» فى 5 ديسمبر 2018 بأن مقاتلى «داعش» خرجوا من الرقة وأُرسلوا لمصر لاستخدامهم هناك، بالإضافة لخبر إلقاء السلطات اليونانية فى يناير الماضى القبض على سفينة لنقل المتفجرات من تركيا لليبيا.
نقلا عن الوطن المصرية