بقلم - نشوى الحوفى
اسمحوا لى أن أفتح معكم سلسلة مقالات عن حال الاستثمار فى بلادى بعد تكرار مشاهد لا بد من التوقف عندها لكى يستقيم حال ملف من أهم ملفات مصر فى الوقت الراهن إن لم يكن أهمها على الإطلاق. ولكن وعلى الرغم من بريق بعض الأرقام وتفاؤل بعض التقارير والإحصاءات، فإن التفاصيل بحاجة إلى توقف كى نبنى على أساس جيد لا على استعراض إعلامى لا يبلغ الحقيقة.
ودعونا نبدأ فى هذا المقال من الأرقام والتقارير المحلية والعالمية لأنها تشير فى مجملها إلى تحسن الاستثمار.. ولكن السؤال: «أى استثمار.. استثمار القطاع الخاص الخارجى والمحلى أم استثمار الدولة فى مشروعاتها القومية؟».
نبدأ من تقرير «حالة المدن الأفريقية 2018.. جغرافيا الاستثمارات الأفريقية» الصادر عن الأمم المتحدة، الذى ذكر مؤخراً أن مدينة القاهرة هى الأولى أفريقياً فى جذب الاستثمار، بينما احتلت المرتبة رقم 64 عالمياً فى التقرير ذاته بقيمة استثمار 13.7 مليار دولار فى الفترة من 2013-2016، متفوقة على مدينتى جوهانسبرج الجنوب أفريقية التى جذبت 13.2 مليار دولار فى الفترة ذاتها، وطنجة المغربية التى جذبت 10.5 مليار دولار. ومما لا شك فيه أن الفترة التى رصدها التقرير لحركة الاستثمارات الأجنبية فى مدن العالم خلال ثلاث سنوات من 2013 إلى 2016، كانت فترة شائكة فى التاريخ المصرى لما شهدته من تهديدات إرهاب وتوقف رحلات السياحة الخارجية لمصر بالإضافة إلى حزمة الإصلاحات الاقتصادية. ورغم ذلك نجحت القاهرة فى اقتناص تلك المرتبة من جوهانسبرج وطنجة. ولكن التقرير أيضاً يشير إلى أن الاستثمارات كانت أكثرها حكومية وليست استثمارات للقطاع الخاص. وذلك على عكس مدينة طنجة المغربية التى لم تحتل المكانة الأولى بل الثالثة فى تقرير الأمم المتحدة ولكنها ذُكرت فى التقرير بأنها تتفوق على مصر فى جذب استثمارات القطاع الخاص الخارجى والداخلى. وهكذا وعلى رغم بشارة عنوان التقرير فإنه يحمل لنا إنذاراً بضرورة العمل على تنشيط القطاع الخاص وتذليل العقبات له بما يتناسب وطموحاتنا فى إحداث نهضة اقتصادية فى بلادى.
لم يكن تقرير الأمم المتحدة فقط هو الذى حمل أرقاماً تتناول الاستثمار وتدق جرس إنذار لوجود خطأ فى تعاملنا مع الملف. فقد جاء أيضاً بيان البنك المركزى الصادر مؤخراً ليظهر تراجع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 8.3% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالى 2017-2018 المنتهى فى 30 يونيو الماضى، وهو ما لا يتناسب مع حجم الثقة فى حركة الاستثمار غير المباشر فى مصر عبر أذون الخزانة التى يصدرها البنك المركزى، التى زادت بنسبة 167%. وهو ما يعنى أن هناك خطأ ما فى إدارة ملف الاستثمار فى بلادى وجب الانتباه له والتوقف لإصلاحه وبسرعة.
نعم يا سادة.. أصدرنا قانون الاستثمار الجديد وأطلقنا الدعاية فى وسائل الإعلام بشعار «استثمر فى مصر» ولكننا لم نخلق مناخ الاستثمار ولم نتعامل بجدية مع هذا الملف الشائك الحيوى الذى يعتبر أمناً قومياً لبلادى، فرغم كل ما ينادى به الرئيس وكل ما يقوم به من مبادرات وشراكات وعلاقات بدول، ورغم إنشائه المجلس الأعلى للاستثمار برئاسته منذ شهور، فإن الواقع أعقد بكثير، ويحدثك أهل الصناعة الجادون عن صعوبة الموقف بتفاصيل لا تُسعد أحداً. وهو ما يجعلنا بحاجة لفتح هذا الملف بتفاصيله لعلاج ما به من أزمات.
وللحديث بقية...
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع